للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

مُدَبَّرُ الْبَائِعِ قَدْ عَتَقَ بِمَوْتِهِ، وَالْبَائِعُ كَانَ مُقِرًّا أَنَّهُ مِلْكُ الْمُشْتَرِي، وَأَنَّ إقْرَارَهُ فِيهِ نَافِذٌ فَيُحْكَمُ بِعِتْقِهِ، وَوَلَاؤُهُ مَوْقُوفٌ فَإِنْ صَدَّقَهُ الْوَرَثَةُ لَزِمَ الْوَلَاءُ الْبَائِعَ اسْتِحْسَانًا لِمَا قُلْنَا.

أَمَةٌ بَيْنَ رَجُلَيْنِ شَهِدَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا أَنَّهَا وَلَدَتْ مِنْ صَاحِبِهِ، وَصَاحِبُهُ يُنْكِرُ، فَإِنَّهَا تَبْقَى مَوْقُوفَةً لَا تَخْدُمُ وَاحِدًا مِنْهُمَا؛ لِأَنَّ كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا يَتَبَرَّأُ عَنْهَا، وَيَزْعُمُ أَنَّهَا أُمُّ وَلَدِ صَاحِبِهِ، وَأَنَّ حَقَّهُ فِي ضَمَانِ نِصْفِ الْقِيمَةِ عَلَى صَاحِبِهِ فَتَبْقَى مَوْقُوفَةً حَتَّى يَمُوتَ أَحَدُهُمَا، فَإِذَا مَاتَ أَحَدُهُمَا عَتَقَتْ؛ لِأَنَّ الْحَيَّ مِنْهُمَا مُقِرٌّ بِأَنَّهَا كَانَتْ أُمَّ وَلَدٍ لِلْمَيِّتِ، وَقَدْ أُعْتِقَتْ بِمَوْتِهِ، وَالْمَيِّتُ مِنْهُمَا كَانَ مُقِرًّا بِأَنَّهَا أُمُّ وَلَدِ الْحَيِّ، وَأَنَّ إقْرَارَهُ فِيهَا نَافِذٌ فَيُعْتَقُ بِاتِّفَاقِهِمَا، وَوَلَاؤُهَا مَوْقُوفٌ؛ لِأَنَّ كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا يَنْفِيهِ عَنْ نَفْسِهِ.

أَمَةٌ لِرَجُلٍ مَعْرُوفَةٌ أَنَّهَا لَهُ، وَلَدَتْ مِنْ آخَرَ، فَقَالَ رَبُّ الْأَمَةِ: بِعْتُكهَا بِأَلْفٍ وَقَالَ الْآخَرُ بَلْ زَوَّجْتَنِيهَا، فَالْوَلَدُ حُرٌّ؛ لِأَنَّ فِي زَعْمِ وَالِدِهِ أَنَّهُ مِلْكٌ لِمَوْلَى الْأَمَةِ، فَإِنَّهُ اسْتَوْلَدَهَا بِالنِّكَاحِ، وَمَوْلَى الْأَمَةِ يَزْعُمُ أَنَّهُ حُرٌّ؛ لِأَنَّهُ بَاعَهَا مِنْ أَبِ الْوَلَدِ، وَإِنَّمَا اسْتَوْلَدَ مِلْكَ نَفْسِهِ فَيُثْبِتُ حُرِّيَّةَ الْوَلَدِ لِاتِّفَاقِهِمَا عَلَى ذَلِكَ عِنْدَ إقْرَارِ مَوْلَى الْأَمَةِ بِهِ، وَوَلَاؤُهُ مَوْقُوفٌ؛ لِأَنَّ مَوْلَى الْأَمَةِ يَنْفِي وَلَاءَهُ عَنْ نَفْسِهِ، وَيَقُولُ هُوَ حُرُّ الْأَصْلِ عَلَقَ فِي مِلْكِ أَبِيهِ، وَالْجَارِيَةُ مَوْقُوفَةٌ بِمَنْزِلَةِ أُمِّ الْوَلَدِ لَا يَطَؤُهَا وَاحِدٌ مِنْهُمَا، وَلَا يَسْتَخْدِمُهَا وَلَا يَسْتَغِلُّهَا؛ لِأَنَّ أَبَ الْوَلَدِ يَتَبَرَّأُ عَنْهَا لِإِنْكَارِهِ الشِّرَاءَ، وَيَزْعُمُ أَنَّهَا أَمَةٌ لِمَوْلَاهَا، وَمَوْلَاهَا يَقُولُ: هِيَ أُمُّ وَلَدٍ لِأَبِ الْوَلَدِ؛ لِأَنِّي قَدْ بِعْتهَا مِنْهُ، فَتَبْقَى مَوْقُوفَةً بِمَنْزِلَةِ أُمِّ الْوَلَدِ؛ لِأَنَّ مَوْلَاهَا أَقَرَّ بِذَلِكَ، وَأَبُ الْوَلَدِ مُقِرٌّ بِأَنَّ إقْرَارَ مَوْلَاهَا فِيهَا نَافِذٌ، فَإِذَا مَاتَ أَبُ الْوَلَدِ عَتَقَتْ؛ لِأَنَّ مَوْلَاهَا مُقِرٌّ بِأَنَّهَا عَتَقَتْ بَعْدَ مَوْتِ أَبِ الْوَلَدِ؛ لِكَوْنِهَا أُمَّ وَلَدٍ وَأَبُ الْوَلَدِ كَانَ مُقِرًّا بِأَنَّ إقْرَارَ مَوْلَاهَا فِيهَا نَافِذٌ، فَلِهَذَا عَتَقَتْ، وَوَلَاؤُهَا مَوْقُوفٌ؛ لِأَنَّ كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا يَنْفِيهِ عَنْ نَفْسِهِ، وَيَأْخُذُ الْبَائِعُ الْعُقْرَ مِنْ أَبِ الْوَلَدِ قِصَاصًا مِنْ الثَّمَنِ لِتَصَادُقِهِمَا عَلَى وُجُوبِ هَذَا الْقَدْرِ مِنْ الْمَالِ لَهُ عَلَيْهِ، فَإِنَّ أَبَ الْوَلَدِ يَزْعُمُ أَنَّهُ دَخَلَ بِهَا بِالنِّكَاحِ فَعَلَيْهِ صَدَاقُهَا لِمَوْلَاهَا، وَمَوْلَاهَا يَزْعُمُ أَنَّهُ بَاعَهَا مِنْهُ فَعَلَيْهِ الثَّمَنُ، وَبَعْدَ مَا تَصَادَقَا عَلَى وُجُوبِ الْمَالِ فِي ذِمَّتِهِ لَا يُعْتَبَرُ اخْتِلَافُهُمَا فِي السَّبَبِ، وَلَكِنْ يُؤْمَرُ مَنْ عَلَيْهِ بِأَنْ يُؤَدِّيَ ذَلِكَ مِنْ الْوَجْهِ الَّذِي يَدَّعِيهِ، وَيَقْبِضُهُ الْآخَرُ مِنْ الْوَجْهِ الَّذِي يَدَّعِي أَنَّهُ وَاجِبٌ لَهُ.

رَجُل أَقَرَّ أَنَّ أَبَاهُ أَعْتَقَ عَبْدَهُ فِي صِحَّتِهِ أَوْ فِي مَرَضِهِ، وَلَا وَارِثَ لَهُ سِوَاهُ، فَوَلَاؤُهُ مَوْقُوفٌ فِي الْقِيَاسِ وَلَا يُصَدَّقُ عَلَى الْأَبِ؛ لِأَنَّهُ أَقَرَّ بِمَا لَا يَمْلِكُ إنْشَاءَهُ، فَإِنَّهُ لَا يَمْلِكُ أَنْ يُلْزِمَ وَلَاءَهُ أَبَاهُ بِإِنْشَاءِ الْعِتْقِ، فَلَا يُصَدَّقُ فِي الْإِقْرَارِ بِهِ؛ لِكَوْنِهِ مُتَّهَمًا فِي حَقِّ أَبِيهِ؛ وَلِأَنَّ الْوَلَاءَ كَالنَّسَبِ وَبِإِقْرَارِ الْوَارِثِ

<<  <  ج: ص:  >  >>