مُخَالِفًا لِإِمَامِهِ، فَلِهَذَا لَا يَدْخُلُ مَعَهُ، وَعَنْ أَبِي يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - أَنَّهُ يَدْخُلُ مَعَهُ، فَإِذَا فَرَغَ الْإِمَامُ فَصَلَّى رَكْعَةً أُخْرَى لِيَصِيرَ شَفْعًا لَهُ وَلَا يَبْعُدُ أَنْ يَقُومَ لِإِتْمَامِهِ بَعْدَ فَرَاغِ الْإِمَامِ كَالْمَسْبُوقِ وَهُوَ بِالشُّرُوعِ قَدْ الْتَزَمَ ثَلَاثَ رَكَعَاتٍ فَكَأَنَّهُ الْتَزَمَهَا بِالنَّذْرِ فَيَلْزَمُهُ أَرْبَعٌ، وَعِنْدَنَا إنْ دَخَلَ فَعَلَ كَمَا قَالَ أَبُو يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -، وَقَالَ بِشْرٌ الْمَرِيسِيُّ يُسَلِّمُ مَعَ الْإِمَامِ؛ لِأَنَّ هَذَا التَّغَيُّرَ كَانَ بِحُكْمِ الِاقْتِدَاءِ وَذَلِكَ جَائِزٌ كَالْمَسْبُوقِ يُدْرِكُ الْإِمَامَ فِي الْقَعْدَةِ يَقْعُدُ مَعَهُ وَابْتِدَاءُ الصَّلَاةِ لَا يَكُونُ بِالْقَعْدَةِ، وَجَازَ ذَلِكَ بِحُكْمِ الِاقْتِدَاءِ فَهَذَا مِثْلُهُ.
قَالَ: (وَإِذَا صَلَّى الظُّهْرَ فِي بَيْتِهِ يَوْمَ الْجُمُعَةِ ثُمَّ صَلَّى الْجُمُعَةَ مَعَ الْإِمَامِ فَالْجُمُعَةُ فَرْضُهُ وَيَصِيرُ الظُّهْرُ تَطَوُّعًا لَهُ)؛ لِأَنَّ بِأَدَاءِ الظُّهْرِ مَا سَقَطَ عَنْهُ الْخِطَابُ بِالسَّعْيِ إلَى الْجُمُعَةِ، فَكَانَ فِي أَدَائِهَا مُفْتَرِضًا وَلَا يَجْتَمِعُ فَرْضَانِ فِي وَقْتٍ وَاحِدٍ، فَمِنْ ضَرُورَةِ كَوْنِ الْجُمُعَةِ فَرْضًا لَهُ أَنْ يَنْقَلِبَ مَا قَبْلَهُ تَطَوُّعًا، وَهَذَا بِخِلَافِ مَا إذَا صَلَّى الظُّهْرَ فِي بَيْتِهِ يَوْمَ الْخَمِيسِ ثُمَّ أَدْرَكَهَا بِالْجَمَاعَةِ فَصَلَّاهَا، فَالْأُولَى فَرْضٌ وَالثَّانِيَةُ تَطَوُّعٌ، بَعْدَ أَدَاءِ الْفَرْضِ هُوَ غَيْرُ مُخَاطَبٍ بِشُهُودِ الْجَمَاعَةِ فِي تِلْكَ الصَّلَاةِ، فَإِنْ شَهِدَهَا كَانَ مُتَنَفِّلًا. يُوَضِّحُ الْفَرْقَ أَنَّ الْجُمُعَةَ أَقْوَى مِنْ الظُّهْرِ؛ لِأَنَّهَا تَسْتَدْعِي مِنْ الشَّرَائِطِ مَا لَا يَسْتَدْعِيهِ الظُّهْرُ، وَالضَّعِيفُ لَا يَظْهَرُ فِي مُقَابَلَةِ الْقَوِيِّ، وَإِذَا ظَهَرَ الْقَوِيُّ بِأَدَائِهِ لِإِسْقَاطِ فَرْضِ الْوَقْتِ بِهِ سَقَطَ اعْتِبَارُ الضَّعِيفِ وَكَانَ تَطَوُّعًا، فَأَمَّا الظُّهْرُ الْمُؤَدَّى فِي الْجَمَاعَةِ فِي حُكْمِ الْقُوَّةِ كَالْمُؤَدَّى فِي بَيْتِهِ، فَإِنَّ أَحَدَهُمَا يَسْتَدْعِي شَرْطًا لَا يَسْتَدْعِيهِ الْآخَرُ، فَإِذَا اسْتَوَيَا تَرَجَّحَ السَّابِقُ مِنْهُمَا لِإِسْقَاطِ فَرْضِ الْوَقْتِ بِهِ فَكَانَتْ الثَّانِيَةُ نَفْلًا.
قَالَ: (وَإِذَا أَحْدَثَ الْإِمَامُ فَلَمْ يُقَدِّمْ أَحَدًا حَتَّى خَرَجَ مِنْ الْمَسْجِدِ، فَإِنَّ صَلَاةَ الْقَوْمِ فَاسِدَةٌ)؛ لِأَنَّهُمْ مُقْتَدُونَ فِيهَا وَلَمْ يَبْقَ لَهُمْ إمَامٌ فِي مَكَانِهِ وَهُوَ فِي الْمَسْجِدِ، وَلَمْ يُبَيِّنْ فِي الْكِتَابِ حَالَ الْإِمَامِ، وَذَكَرَ الطَّحَاوِيُّ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - أَنَّ صَلَاتَهُ تَفْسُدُ أَيْضًا؛ لِأَنَّ بَعْدَ سَبْقِ الْحَدَثِ كَانَ الِاسْتِخْلَافُ لِيَصِيرَ هُوَ فِي حُكْمِ الْمُقْتَدَى بِهِ كَغَيْرِهِ فَبِتَرْكِ الِاسْتِخْلَافِ لَمَّا فَسَدَتْ صَلَاةُ الْقَوْمِ فَلَأَنْ تَفْسُدَ صَلَاتُهُ كَانَ أَوْلَى، وَذَكَرَ أَبُو عِصْمَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - أَنَّ صَلَاتَهُ لَا تَفْسُدُ؛ لِأَنَّهُ فِي حَقِّ نَفْسِهِ كَالْمُنْفَرِدِ، فَلَا تَفْسُدُ صَلَاتُهُ بِالْخُرُوجِ مِنْ الْمَسْجِدِ بَعْدَ سَبْقِ الْحَدَثِ، فَعَلَى مَا ذَكَرَهُ الطَّحَاوِيُّ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - فَسَادُ صَلَاةِ الْقَوْمِ بِطَرِيقِ الْقِيَاسِ عَلَى فَسَادِ صَلَاةِ إمَامِهِمْ، وَعَلَى مَا ذَكَرَهُ أَبُو عِصْمَةَ وَهُوَ الْأَصَحُّ فَسَادُ صَلَاةِ الْقَوْمِ اسْتِحْسَانٌ فَكَانَ يَنْبَغِي فِي الْقِيَاسِ أَنْ لَا تَفْسُدَ، فَإِنَّ بَعْدَ حَدَثِ الْإِمَامِ بَقُوا مُقْتَدِينَ بِهِ حَتَّى لَوْ وَجَدَ الْمَاءَ فِي الْمَسْجِدِ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute