إلَى نَفْسِهَا فَلَا مَهْرَ عَلَيْهِ؛ لِأَنَّهَا رَضِيَتْ بِسُقُوطِ حَقِّهَا وَرِضَاهَا مُعْتَبَرٌ لِكَوْنِهَا بَالِغَةً، وَلِأَنَّهَا صَارَتْ مُسْتَعْمِلَةً لِلصَّبِيِّ وَمَنْ اسْتَعْمَلَ صَبِيًّا فِي شَيْءٍ لَحِقَهُ فِيهِ ضَمَانٌ ثَبَتَ لِوَلِيِّهِ حَقُّ الرُّجُوعِ عَلَى الْمُسْتَعْمِلِ فَلَا فَائِدَةَ فِي إيجَابِ الْمَهْرِ لَهَا إذَا طَاوَعَتْهُ وَالْمَجْنُونُ فِي ذَلِكَ بِمَنْزِلَةِ الصَّبِيِّ، وَلَوْ كَانَتْ صَبِيَّةً أَوْ مَجْنُونَةً دَعَتْهُ إلَى نَفْسِهَا فَالْمَهْرُ وَاجِبٌ؛ لِأَنَّهَا لَيْسَتْ مِنْ أَهْلِ الرِّضَى بِسُقُوطِ حَقِّهَا، وَلِأَنَّ اشْتِغَالَهَا بِالْأَمْرِ غَيْرُ مُثَبِّتٍ حَقَّ الرُّجُوعِ عَلَيْهَا لِإِهْدَارِ قَوْلِهَا
(قَالَ) رَجُلٌ قَالَ لِرَجُلٍ: أَنْتَ أَزْنَى مِنْ فُلَانٍ فَلَا حَدَّ عَلَيْهِ؛ لِأَنَّ أَفْعَلَ يُذْكَرُ بِمَعْنَى الْمُبَالَغَةِ فِي الْعِلْمِ فَكَانَ مَعْنَى كَلَامِهِ أَنْتَ أَعْلَمُ بِالزِّنَا مِنْ فُلَانٍ أَوْ أَنْتَ أَقْدَرُ عَلَى الزِّنَا مِنْ فُلَانٍ، وَكَذَلِكَ لَوْ قَالَ: أَنْتَ أَزْنَى النَّاسِ أَوْ أَزْنَى الزُّنَاةِ وَعَنْ أَبِي يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - أَنْتَ أَزْنَى مِنْ فُلَانٍ الزَّانِي أَوْ أَزْنَى الزُّنَاةِ فَعَلَيْهِ الْحَدُّ؛ لِأَنَّهُ بَيَّنَ بِآخِرِ كَلَامِهِ أَنَّ الْمُرَادَ الْمُبَالَغَةُ فِي وَصْفِهِ بِفِعْلِ الزِّنَا، وَكَذَلِكَ قَوْلُهُ: أَزْنَى النَّاسِ؛ لِأَنَّ فِي النَّاسِ زَانٍ فَهُوَ كَقَوْلِهِ أَزْنَى الزُّنَاةِ بِخِلَافِ قَوْلِهِ أَنْتَ أَزْنَى مِنْ فُلَانٍ
(قَالَ) رَجُلٌ زَنَى بِخَرْسَاءَ، أَوْ أَخْرَسُ زَنَى بِامْرَأَةٍ لَا حَدَّ عَلَيْهِ؛ لِأَنَّ الْأَخْرَسَ لَوْ كَانَ نَاطِقًا رُبَّمَا يَدَّعِي شُبْهَةً يُسْقِطُ بِهِ الْحَدَّ عَنْ نَفْسِهِ وَعَنْ صَاحِبِهِ وَالْخَرَسُ يَمْنَعُهُ مِنْ إظْهَارِ تِلْكَ الشُّبْهَةِ، وَلَا يَجُوزُ إقَامَةُ الْحَدِّ مَعَ تَمَكُّنِ الشُّبْهَةِ بِخِلَافِ مَا إذَا زَنَى صَحِيحٌ بِمَجْنُونَةٍ فَعَلَيْهِ الْحَدُّ؛ لِأَنَّ الْمَجْنُونَةَ لَيْسَتْ مِنْ أَهْلِ أَنْ تَدَّعِيَ الشُّبْهَةَ وَامْتِنَاعُ وُجُوبِ الْحَدِّ لِمَعْنًى فِيهَا، وَهُوَ الْجُنُونُ لَا لِشُبْهَةٍ فِي الْفِعْلِ فَهُوَ نَظِيرُ الزِّنَا بِمُسْتَكْرَهَةٍ
(قَالَ) وَلَوْ سَرَقَ رَجُلَانِ سَرِقَةً وَاحِدَةً وَأَحَدُهُمَا أَخْرَسُ أَوْ مَجْنُونٌ لَا قَطْعَ عَلَى وَاحِدٍ مِنْهُمَا؛ لِأَنَّ الْفِعْلَ هُنَا وَاحِدٌ، فَإِذَا لَمْ يَكُنْ مُوجِبًا لِلْقَطْعِ عَلَى أَحَدِهِمَا لَا يَكُونُ مُوجِبًا عَلَى الْآخَرِ فَأَمَّا فِي الزِّنَا كُلُّ وَاحِدٍ مِنْ الزَّانِيَيْنِ مُبَاشِرٌ لِفِعْلٍ آخَرَ إذْ لَا مُجَانَسَةَ بَيْنَ الْفِعْلَيْنِ؛ لِأَنَّ فِعْلَهُ الْإِيلَاجُ وَفِعْلَهَا التَّمْكِينُ فَجُنُونُهَا لَا يَعْدَمُ التَّمْكِينَ فَلَا يَتَمَكَّنُ فِيهِ نُقْصَانٌ فَيَكُونُ فِعْلُ الرَّجُلِ فِي الْإِيلَاجِ مَخْصُوصًا بِكَمَالِ الزِّنَا، فَلِهَذَا لَزِمَهُ الْحَدُّ
(قَالَ) وَإِذَا شَهِدَ الشَّاهِدَانِ عَلَى رَجُلٍ بِالزِّنَا وَآخَرَانِ عَلَى إقْرَارِهِ بِالزِّنَا لَا حَدَّ عَلَيْهِ؛ لِأَنَّ الشَّهَادَةَ عَلَى الْإِقْرَارِ لَغْوٌ فِي إيجَابِ حُكْمِ الْحَدِّ، فَإِنَّ الْمَشْهُودَ عَلَيْهِ جَاحِدٌ وَمِنْ ضَرُورَةِ جُحُودِهِ الرُّجُوعُ عَنْ إقْرَارِهِ، وَلِأَنَّهُمْ اخْتَلَفُوا فِي الْمَشْهُودِ بِهِ فَشَهِدَ اثْنَانِ بِالْفِعْلِ وَالْآخَرَانِ بِالْقَوْلِ، وَلَا حَدَّ عَلَيْهِمْ؛ لِأَنَّ الَّذِينَ شَهِدُوا عَلَى الْإِقْرَارِ مَا نَسَبَاهُ إلَى الزِّنَا وَالْآخَرَانِ، وَإِنْ نَسَبَاهُ إلَى الزِّنَا فَشَهَادَةُ الشَّاهِدَيْنِ عَلَى الْإِقْرَارِ يُسْقِطُ الْحَدَّ عَنْهُمَا؛ لِأَنَّهُمَا شَهِدَا عَلَى تَصْدِيقِ الْمَقْذُوفِ وَالتَّصْدِيقُ يَثْبُتُ بِشَهَادَةِ شَاهِدَيْنِ
(قَالَ) وَإِنْ شَهِدَ ثَلَاثَةٌ بِالزِّنَا وَوَاحِدٌ بِالْإِقْرَارِ بِهِ فَعَلَى الثَّلَاثَةِ الْحَدُّ؛ لِأَنَّهُمْ قَذَفُوهُ بِالزِّنَا وَلَيْسَ عَلَى التَّصْدِيقِ إلَّا شَاهِدٌ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute