- رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - يَقُولُ: إنْ سَرَقَ مِنْ بَيْتٍ يَسْكُنَانِ فِيهِ، فَكَذَلِكَ الْجَوَابُ، وَإِنْ سَرَقَ مِنْ حِرْزٍ آخَرَ لِصَاحِبِهِ يُقْطَعُ بِنَاءً عَلَى أَصْلِهِ أَنَّ فِيمَا وَرَاءَ حُقُوقِ النِّكَاحِ هُمَا كَالْأَجَانِبِ حَتَّى تُقْبَلَ شَهَادَةُ أَحَدِهِمَا لِصَاحِبِهِ، وَعِنْدَنَا بِسَبَبِ الزَّوْجِيَّةِ يَثْبُتُ مَعْنَى الِاتِّحَادِ بَيْنَهُمَا، وَلِهَذَا لَا تُقْبَلُ شَهَادَةُ أَحَدِهِمَا لِصَاحِبِهِ، وَتَبَاسُطُ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا فِي مَالِ صَاحِبِهِ كَتَبَاسُطِ الْوَلَدِ فِي مَالِ وَالِدِهِ فَكَمَا أَنَّ ذَاكَ مَانِعٌ مِنْ وُجُوبِ الْقَطْعِ عَلَيْهِ، فَكَذَلِكَ هَذَا
(قَالَ) وَإِنْ أَقَرَّ بِسَرِقَةٍ مَعَ صَبِيٍّ أَوْ مَعْتُوهٍ لَمْ يُقْطَعْ، وَكَذَلِكَ لَوْ شَهِدَتْ عَلَيْهِ الشُّهُودُ بِذَلِكَ؛ لِأَنَّهَا سَرِقَةٌ وَاحِدَةٌ، فَإِذَا لَمْ يُوجِبْ الْقَطْعَ عَلَى أَحَدِهِمَا لِلشُّبْهَةِ لَا يُوجِبُ عَلَى الْآخَرِ لِلشَّرِكَةِ بِخِلَافِ مَا إذَا زَنَى بِصَبِيَّةٍ؛ لِأَنَّ فِعْلَهُ هُنَاكَ لَيْسَ مِنْ جِنْسِ فِعْلِهَا لِتَحَقُّقِ الشَّرِكَةِ فِي الْفِعْلِ بَلْ هُوَ الْفَاعِلُ وَهِيَ مَحَلُّ الْفِعْلِ، وَعَنْ أَبِي يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ - قَالَ إنْ كَانَ الصَّبِيُّ هُوَ الَّذِي حَمَلَ الْمَتَاعَ فَلَا قَطْعَ عَلَى وَاحِدٍ مِنْهُمَا؛ لِأَنَّهُ مَقْصُودٌ بِالْفِعْلِ، وَإِنْ كَانَ الْحَامِلُ لِلْمَتَاعِ هُوَ الْبَالِغُ فَعَلَيْهِ الْقَطْعُ، وَلَا مُعْتَبَرَ بِفِعْلِ الصَّبِيِّ فَإِنِّي أَسْتَقْبِحُ أَنْ أَدْرَأَ الْقَطْعَ لِهَذَا فَيَتَطَرَّقُ السُّرَّاقُ بِهِ إلَى إسْقَاطِ الْقَطْعِ؛ لِأَنَّ كُلَّ سَارِقٍ لَا يَعْجِزُ عَنْ أَنْ يَسْتَصْحِبَ صَبِيًّا أَوْ مَعْتُوهًا مَعَ نَفْسِهِ، وَكَذَلِكَ إنْ كَانَ مَعَ أَخْرَسَ لَا قَطْعَ عَلَى وَاحِدٍ مِنْهُمَا، أَمَّا الْأَخْرَسُ فَلِتَمَكُّنِ الشُّبْهَةِ فِي حَقِّهِ؛ لِأَنَّهُ لَوْ كَانَ نَاطِقًا رُبَّمَا يَدَّعِي شُبْهَةً يَدْرَأُ بِهَا الْحَدَّ عَنْ نَفْسِهِ، وَأَمَّا النَّاطِقُ فَلِأَجْلِ الشَّرِكَةِ
(قَالَ) وَلَوْ سَرَقَ خَمْرًا فِي ظَرْفٍ وَقِيمَةُ الظَّرْفِ نِصَابٌ لَا قَطْعَ عَلَيْهِ؛ لِأَنَّ الْمَقْصُودَ الْخَمْرُ وَهِيَ حَرَامٌ إلَّا أَنْ يَشْرَبَ الْخَمْرَ فِي الْحِرْزِ ثُمَّ يُخْرِجَ الظَّرْفَ، وَهُوَ مِمَّا يُقْطَعُ فِي جِنْسِهِ فَحِينَئِذٍ يَلْزَمُهُ الْقَطْعُ، وَهَذِهِ الْمَسْأَلَةُ ذَكَرَهَا فِي الْأَصْلِ لِإِيضَاحِ الْفَصْلِ الْأَوَّلِ أَنَّ وُجُوبَ الْقَطْعِ بِاعْتِبَارِ الْعَيْنِ وَالْفِعْلِ ثُمَّ إذَا كَانَ أَحَدُ الْعَيْنَيْنِ مِمَّا لَا يُقْطَعُ بِسَرِقَتِهِ يَصِيرُ ذَلِكَ شُبْهَةً فِي إسْقَاطِ الْحَدِّ، فَكَذَلِكَ إذَا كَانَ أَحَدُ الْفَاعِلَيْنِ مِمَّنْ لَا يَجِبُ عَلَيْهِ الْقَطْعُ
(قَالَ) وَقَدْ بَيَّنَّا أَنَّ الْقَطْعَ يُسْتَوْفَى بِخُصُومَةِ الْغَائِبِ وَالْمُودَعِ وَالْمُسْتَعِيرِ، وَإِنْ كَانَ الْمَالِكُ هُوَ الَّذِي حَضَرَ، فَقَدْ ذَكَرَ فِي الْجَامِعِ الصَّغِيرِ أَنَّهُ يُقْطَعُ السَّارِقُ وَذَكَرَ ابْنُ سِمَاعَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ - فِي نَوَادِرِهِ إذَا حَضَرَ الْمَالِكُ وَغَابَ الْمَسْرُوقُ مِنْهُ لَمْ يُقْطَعْ بِخُصُومَتِهِ حَتَّى يَحْضُرَ الْمَسْرُوقُ مِنْهُ فَعَلَى هَذَا قِيلَ مُرَادُهُ مِمَّا ذُكِرَ فِي الْجَامِعِ الصَّغِيرِ إذَا حَضَرَا جَمِيعًا، وَقِيلَ: بَلْ فِيهِ رِوَايَتَانِ. وَجْهُ رِوَايَةِ الْجَامِعِ أَنَّ الْمَالِكَ هُوَ الْأَصْلُ فِي هَذِهِ الْخُصُومَةِ؛ لِأَنَّ بِهَا يَحْيَى مِلْكُهُ وَحَقُّهُ فَلَا مُعْتَبَرَ بِغِيبَةِ غَيْرِهِ مَعَ حُضُورِهِ. وَجْهُ رِوَايَةِ النَّوَادِرِ أَنَّ الْمَسْرُوقَ مِنْهُ غَيْرُهُ وَالشَّرْطُ حُضُورُ الْمَسْرُوقِ مِنْهُ، أَلَا تَرَى أَنَّهُ لَا يُسْتَوْفَى بِخُصُومَةِ وَكِيلِهِ؛ لِأَنَّهُ غَيْرُ الْمَسْرُوقِ مِنْهُ، فَكَذَلِكَ الْمَالِكُ هَاهُنَا، وَهَذَا؛ لِأَنَّ الْمَسْرُوقَ مِنْهُ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute