السَّاعَةِ قَالَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «الْجِهَادُ مَاضٍ مُنْذُ بَعَثَنِي اللَّهُ تَعَالَى إلَى أَنْ يُقَاتِلَ آخِرُ عِصَابَةٍ مِنْ أُمَّتِي الدَّجَّالَ» وَقَالَ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «بُعِثْت بِالسَّيْفِ بَيْنَ يَدْيِ السَّاعَةِ وَجُعِلَ رِزْقِي تَحْتَ ظِلِّ رُمْحِي وَالذُّلُّ وَالصَّغَارُ عَلَى مَنْ خَالَفَنِي وَمَنْ تَشَبَّهَ بِقَوْمٍ فَهُوَ مِنْهُمْ» وَتَفْسِيرُهُ مَنْقُولٌ عَنْ سُفْيَانَ بْنِ عُيَيْنَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - قَالَ بَعَثَ اللَّهُ تَعَالَى رَسُولَهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بِأَرْبَعَةِ سُيُوفٍ سَيْفٌ قَاتَلَ بِهِ بِنَفْسِهِ عَبَدَةَ الْأَوْثَانِ وَسَيْفٌ قَاتَلَ بِهِ أَبُو بَكْرٍ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - عَنْهُ أَهْلَ الرِّدَّةِ قَالَ اللَّهُ تَعَالَى {تُقَاتِلُونَهُمْ أَوْ يُسْلِمُونَ} [الفتح: ١٦] وَسَيْفٌ قَاتَلَ بِهِ عُمَرُ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - الْمَجُوسَ وَأَهْلَ الْكِتَابِ قَالَ اللَّهُ تَعَالَى {قَاتِلُوا الَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ بِاَللَّهِ} [التوبة: ٢٩] الْآيَةَ وَسَيْفٌ قَاتَلَ بِهِ عَلِيٌّ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - الْمَارِقِينَ وَالنَّاكِثِينَ وَالْقَاسِطِينَ وَهَكَذَا رُوِيَ عَنْهُ قَالَ «أُمِرْتُ بِقِتَالِ الْمَارِقِينَ وَالنَّاكِثِينَ وَالْقَاسِطِينَ» قَالَ اللَّهُ تَعَالَى {فَقَاتِلُوا الَّتِي تَبْغِي حَتَّى تَفِيءَ إلَى أَمْرِ اللَّهِ} [الحجرات: ٩] ثُمَّ فَرِيضَةُ الْجِهَادِ عَلَى نَوْعَيْنِ: أَحَدُهُمَا عَيْنٌ عَلَى كُلِّ مَنْ يَقْوَى عَلَيْهِ بِقَدْرِ طَاقَتِهِ وَهُوَ مَا إذَا كَانَ النَّفِيرُ عَامًّا قَالَ اللَّهُ تَعَالَى {انْفِرُوا خِفَافًا وَثِقَالًا} [التوبة: ٤١] وَقَالَ تَعَالَى {مَا لَكُمْ إذَا قِيلَ لَكُمْ انْفِرُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ اثَّاقَلْتُمْ إلَى الْأَرْضِ} [التوبة: ٣٨] إلَى قَوْلِهِ {يُعَذِّبْكُمْ عَذَابًا أَلِيمًا} [التوبة: ٣٩] وَنَوْعٌ هُوَ فَرْضٌ عَلَى الْكِفَايَةِ إذَا قَامَ بِهِ الْبَعْضُ سَقَطَ عَنْ الْبَاقِينَ لِحُصُولِ الْمَقْصُودِ وَهُوَ كَسْرُ شَوْكَةِ الْمُشْرِكِينَ وَإِعْزَازُ الدِّين لِأَنَّهُ لَوْ جُعِلَ فَرْضًا فِي كُلِّ وَقْتٍ عَلَى كُلِّ أَحَدٍ عَادَ عَلَى مَوْضُوعِهِ بِالنَّقْضِ.
وَالْمَقْصُودُ أَنْ يَأْمَنَ الْمُسْلِمُونَ وَيَتَمَكَّنُوا مِنْ الْقِيَامِ بِمَصَالِحِ دِينِهِمْ وَدُنْيَاهُمْ فَإِذَا اشْتَغَلَ الْكُلُّ بِالْجِهَادِ لَمْ يَتَفَرَّغُوا لِلْقِيَامِ بِمَصَالِحِ دُنْيَاهُمْ فَلِذَلِكَ قُلْنَا إذَا قَامَ بِهِ الْبَعْضُ سَقَطَ عَنْ الْبَاقِينَ وَقَدْ «كَانَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - تَارَةً يَخْرُجُ وَتَارَةً يَبْعَثُ غَيْرَهُ حَتَّى قَالَ وَدِدْتُ أَنْ لَا تَخْرُجَ سَرِيَّةٌ أَوْ جَيْشٌ إلَّا وَأَنَا مَعَهُمْ وَلَكِنْ لَا أَجِدُ مَا أَحْمِلُهُمْ وَلَا تَطِيبُ أَنْفُسُهُمْ بِالتَّخَلُّفِ عَنِّي وَلَوَدِدْتُ أَنْ أُقَاتِلَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ تَعَالَى حَتَّى أُقْتَلَ ثُمَّ أَحْيَا ثُمَّ أُقْتَلُ» فَفِي هَذَا دَلِيلٌ عَلَى أَنَّ الْجِهَادَ وَصِفَةَ الشَّهَادَةِ فِي الْفَضِيلَةِ بِأَعْلَى النِّهَايَةِ حَتَّى تَمَنَّى ذَلِكَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مَعَ دَرَجَةِ الرِّسَالَةِ.
وَفِي حَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - «أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ: الْمُجَاهِدُ فِي سَبِيلِ اللَّهِ كَالصَّائِمِ الْقَائِمِ الرَّاكِعِ السَّاجِدِ الشَّاهِدِ» وَفِي حَدِيثِ الْحَسَنِ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - «أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ: غَدْوَةٌ أَوْ رَوْحَةٌ فِي سَبِيلِ اللَّهِ تَعَالَى خَيْرٌ مِنْ الدُّنْيَا وَمَا فِيهَا» وَالْآثَارُ فِي فَضِيلَةِ الْجِهَادِ كَثِيرَةٌ " وَقَدْ سَمَّاهُ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - سَنَامَ الدِّينِ " وَعَلَى إمَامِ الْمُسْلِمِينَ فِي كُلِّ وَقْتٍ أَنْ يَبْذُلَ مَجْهُودَهُ فِي الْخُرُوجِ بِنَفْسِهِ أَوْ يَبْعَثَ الْجُيُوشَ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute