للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

التُّهَمِ» وَقَالَ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «إيَّاكَ وَمَا يَسْبِقُ إلَى الْقُلُوبِ إنْكَارُهُ وَإِنْ كَانَ عِنْدَك اعْتِذَارُهُ فَلَيْسَ كُلُّ سَامِعٍ نُكْرًا تُطِيقُ أَنْ تُوسِعَهُ عُذْرًا» وَلَأَنْ يَدَعَ وَطْئًا حَلَالًا خَيْرٌ لَهُ مِنْ أَنْ يَقْدُمَ عَلَى وَطْءٍ حَرَامٍ وَلَكِنْ يَنْبَغِي لَهُ أَنْ يُطَلِّقَهَا لِأَنَّهَا مَنْكُوحَتُهُ فِي الْحُكْمِ فَإِذَا لَمْ يُطَلِّقْهَا لَا تَقْدِرُ عَلَى التَّزَوُّجِ بِغَيْرِهِ فَتَبْقَى مُعَلَّقَةً ثُمَّ يُعْطِيهَا نِصْفَ الصَّدَاقِ بَعْدَ الطَّلَاقِ.

وَإِنْ لَمْ يَكُنْ دَخَلَ بِهَا لِأَنَّهَا اسْتَوْجَبَتْ فِي الْحُكْمِ ذَلِكَ عَلَيْهِ فَلَا يَنْبَغِي لَهُ أَنْ يَمْنَعَهَا بِنَظَرِهِ لِنَفْسِهِ وَالْمُسْتَحَبُّ لَهَا أَنْ لَا تَأْخُذَ شَيْئًا إنْ كَانَ لَمْ يَدْخُلْ بِهَا لِجَوَازِ أَنْ يَكُونَ الْمُخْبِرُ صَادِقًا وَالنِّكَاحُ لَمْ يَكُنْ مُنْعَقِدًا بَيْنَهُمَا وَإِنْ كَانَ دَخَلَ بِهَا فَلَا بَأْسَ بِأَنْ تَأْخُذَ مِقْدَارَ مَهْرِ مِثْلِهَا بِمَا اسْتَحَلَّ مِنْ فَرْجِهَا وَيَنْبَغِي أَنْ لَا تَأْخُذَ الزِّيَادَةَ عَلَى ذَلِكَ إلَى تَمَامِ الْمُسَمَّى وَلَكِنْ تُبْرِيهِ عَنْ ذَلِكَ لِأَنَّهُ حَقٌّ مُسْتَحَقٌّ لَهَا فِي الْحُكْمِ فَلَا يَسْقُطُ إلَّا بِإِسْقَاطِهَا وَلَا يَبْعُدُ أَنْ يُنْدَبَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا إلَى مَا قُلْنَا كَمَا أَنَّ اللَّهَ تَعَالَى أَثْبَتَ نِصْفَ الصَّدَاقِ بِالطَّلَاقِ قَبْلَ الدُّخُولِ ثُمَّ نَدَبَ كُلَّ وَاحِدٍ مِنْ الزَّوْجَيْنِ إلَى الْعَفْوِ وَكَذَلِكَ الرَّجُلُ يَشْتَرِي الْجَارِيَةَ فَيُخْبِرُهُ عَدْلٌ أَنَّهَا حُرَّةُ الْأَبَوَيْنِ أَوْ أَنَّهَا أُخْتُهُ مِنْ الرَّضَاعِ فَإِنْ تَنَزَّهَ عَنْ وَطْئِهَا فَهُوَ أَفْضَلُ وَإِنْ لَمْ يَفْعَلْ وَسِعَهُ ذَلِكَ وَفَرَّقَ بَيْنَ هَذَيْنِ الْفَصْلَيْنِ وَبَيْنَ مَا تَقَدَّمَ مِنْ الطَّعَامِ وَالشَّرَابِ فَأَثْبَتَ الْحُرْمَةَ هُنَاكَ بِخَبَرِ الْوَاحِدِ الْعَدْلِ وَلَمْ يَثْبُتْ هُنَا لِأَنَّ حِلَّ الطَّعَامِ وَالشَّرَابِ يَثْبُتُ بِالْإِذْنِ بِدُونِ الْمِلْكِ حَتَّى لَوْ قَالَ لِغَيْرِهِ كُلْ طَعَامِي هَذَا أَوْ تَوَضَّأْ بِمَائِي هَذَا أَوْ اشْرَبْهُ وَسِعَهُ أَنْ يَفْعَلَ ذَلِكَ فَكَذَلِكَ الْحُرْمَةُ تَثْبُتُ بِمَا لَا يَبْطُلُ بِهِ الْمِلْكُ وَحِلُّ الْوَطْءِ لَا يَثْبُتُ بِدُونِ الْمِلْكِ حَتَّى لَوْ قَالَ طَأْ جَارِيَتِي هَذِهِ فَقَدْ أَذِنْت لَك فِيهِ أَوْ قَالَتْ لَهُ ذَلِكَ حُرَّةٌ فِي نَفْسِهَا لَمْ يَحِلَّ لَهُ الْوَطْءُ فَكَذَلِكَ الْحُرْمَةُ تَثْبُتُ بِمَا لَا يَبْطُلُ بِهِ الْمِلْكُ وَهُوَ خَبَرُ الْوَاحِدِ وَتَقْرِيرُ هَذَا الْفَرْقِ مِنْ وَجْهَيْنِ أَحَدُهُمَا أَنَّ الْحِلَّ وَالْحُرْمَةَ فِيمَا سِوَى الْبُضْعِ مَقْصُودٌ بِنَفْسِهِ لِمَا كَانَ يَثْبُتُ بِدُونِ مِلْكِ الْحِلِّ وَتَثْبُتُ الْحُرْمَةُ مَعَ قِيَامِ الْمِلْكِ فَكَانَ هَذَا خَبَرًا بِأَمْرٍ دِينِيٍّ وَقَوْلُ الْوَاحِدِ فِيهِ مُلْزِمٌ فَأَمَّا فِي الْوَطْءِ الْحِلُّ وَالْحُرْمَةُ يَثْبُتُ حُكْمًا لِلْمَلْكِ وَزَوَالُهُ لَا يَثْبُتُ مَقْصُودًا بِنَفْسِهِ.

وَقَوْلُ الْوَاحِدِ فِي إبْطَالِ الْمِلْكِ لَيْسَ بِحُجَّةٍ فَكَذَلِكَ فِي الْحِلِّ الَّذِي يَنْبَنِي عَلَيْهِ وَالثَّانِي أَنَّ فِي الْوَطْءِ مَعْنَى الْإِلْزَامِ عَلَى الْغَيْرِ لِأَنَّ الْمَنْكُوحَةَ يَلْزَمُهَا الِانْقِيَادُ لِلزَّوْجِ فِي الِاسْتِفْرَاشِ وَالْمَمْلُوكَةُ يَلْزَمُهَا الِانْقِيَادُ لِمَوْلَاهَا وَخَبَرُ الْوَاحِدِ لَا يَكُونُ حُجَّةً فِي إبْطَالِ الِاسْتِحْقَاقِ الثَّابِتِ لِشَخْصٍ عَلَى شَخْصٍ فَأَمَّا حِلُّ الطَّعَامِ وَالشَّرَابِ فَلَيْسَ فِيهِ اسْتِحْقَاقُ حَقٍّ عَلَى أَحَدٍ يَبْطُلُ ذَلِكَ بِثُبُوتِ الْحُرْمَةِ وَإِنَّمَا ذَلِكَ أَمْرٌ دِينِيٌّ وَخَبَرُ الْوَاحِدِ فِي مِثْلِهِ حُجَّةٌ

مُسْلِمٌ اشْتَرَى لَحْمًا فَلَمَّا قَبَضَهُ أَخْبَرَهُ مُسْلِمٌ ثِقَةٌ أَنَّهُ ذَبِيحَةُ مَجُوسِيٍّ لَمْ يَنْبَغِ لَهُ أَنْ

<<  <  ج: ص:  >  >>