للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وَالْقِصَاصِ اللَّقِيطُ كَغَيْرِهِ مِنْ الْأَحْرَارِ لِأَنَّهُ مَحْكُومٌ بِحُرِّيَّتِهِ فَعَلَيْهِ الْحَدُّ الْكَامِلُ إذَا ارْتَكَبَ السَّبَبَ الْمُوجِبَ لَهُ فَإِنْ أَقَرَّ بَعْدَمَا أَدْرَكَ أَنَّهُ عَبْدٌ لِفُلَانٍ، وَادَّعَاهُ فُلَانٌ كَانَ عَبْدًا لَهُ لِأَنَّهُ غَيْرُ مُتَّهَمٍ فِيمَا يُقِرُّ بِهِ عَلَى نَفْسِهِ وَلَيْسَ فِي قَبُولِ إقْرَارِهِ إبْطَالُ حَقٍّ ثَابِتٍ لَا حَدَّ فِيهِ وَلَيْسَ لَهُ نَسَبٌ مَعْرُوفٌ فَكَانَ مَا أَقَرَّ بِهِ مِنْ الرِّقِّ مُحْتَمِلًا وَلَكِنْ هَذَا إذَا لَمْ تَتَأَكَّدْ حُرِّيَّتُهُ بِقَضَاءِ الْقَاضِي عَلَيْهِ بِمَا لَا يَقْضِي بِهِ إلَّا عَلَى الْحُرِّ كَالْحَدِّ الْكَامِلِ، وَالْقِصَاصِ فِي الطَّرَفِ فَأَمَّا إذَا اتَّصَلَتْ حُرِّيَّتُهُ بِقَضَاءِ الْقَاضِي بِذَلِكَ لَمْ يُقْبَلْ إقْرَارُهُ بِالرِّقِّ بَعْدَ ذَلِكَ لِأَنَّهُ يُبْطِلُ حُكْمَ الْحَاكِمِ بِإِقْرَارِهِ، وَقَوْلُهُ لَيْسَ بِحُجَّةٍ فِي إبْطَالِ الْحُكْمِ وَلِأَنَّهُ مُكَذَّبٌ فِي هَذَا الْإِقْرَارِ شَرْعًا وَلَوْ كَذَّبَهُ الْمُقَرُّ لَهُ كَانَ حُرًّا فَإِذَا كَذَّبَهُ الشَّرْعُ أَوْلَى، وَمَتَى ثَبَتَ الرِّقُّ بِإِقْرَارِهِ فَأَحْكَامُهُ بَعْدَ ذَلِكَ فِي الْجِنَايَاتِ، وَالْحُدُودِ كَأَحْكَامِ الْعَبْدِ لِأَنَّهُ صَارَ مَحْكُومًا عَلَيْهِ بِالرَّقِّ.

وَإِنْ كَانَ اللَّقِيطُ امْرَأَةً فَأَقَرَّتْ بِالرِّقِّ لِرَجُلٍ، وَادَّعَى ذَلِكَ الرَّجُلُ كَانَتْ أَمَةً لَهُ لِتَصَادُقِهِمَا عَلَى مَا هُوَ مُحْتَمَلٌ وَلَا حَقَّ لِغَيْرِهِمَا فِي ذَلِكَ إلَّا أَنَّهَا إنْ كَانَتْ تَحْتَ زَوْجٍ لَا تُصَدَّقُ فِي إبْطَالِ النِّكَاحِ لِأَنَّ ذَلِكَ حَقُّ الزَّوْجِ وَلَيْسَ مِنْ ضَرُورَةِ الْحُكْمِ بِرِقِّهَا انْتِفَاءُ النِّكَاحِ لِأَنَّ الرِّقَّ لَا يُنَافِي النِّكَاحَ ابْتِدَاءً وَبَقَاءً بِخِلَافِ مَا إذَا أَقَرَّتْ أَنَّهَا ابْنَةُ أَبِي زَوْجِهَا، وَصَدَّقَهَا الْأَبُ فِي ذَلِكَ فَإِنَّهُ يَثْبُتُ النَّسَبُ، وَيَبْطُلُ النِّكَاحُ لِتَحَقُّقِ الْمُنَافِي فَإِنَّ الْأُخْتِيَّةَ تُنَافِي النِّكَاحَ ابْتِدَاءً وَبَقَاءً وَلَوْ أَعْتَقَهَا الْمُقَرُّ لَهُ لَمْ يَكُنْ لَهَا خِيَارٌ أَيْضًا لِأَنَّ إقْرَارَهَا بِالرِّقِّ فِي حَقِّ الزَّوْجِ لَمْ يَكُنْ صَحِيحًا وَلِأَنَّهُ تَتَمَكَّنُ تُهْمَةُ الْمُوَاضَعَةِ بَيْنَهَا وَبَيْنَ الْمُقَرِّ لَهُ فِي أَنْ تُقِرَّ لَهُ بِالرِّقِّ ثُمَّ يُعْتِقَهَا فَتَخْتَارَ نَفْسَهَا لِتَخْلُصَ مِنْ الزَّوْجِ فَلِهَذَا لَا تُصَدَّقُ فِي حَقِّهِ، وَالْأَصْلُ فِي كُلِّ حُكْمٍ لَحِقَ الزَّوْجَ فِيهِ ضَرَرٌ لَا يُمْكِنُهُ دَفْعُهُ عَنْ نَفْسِهِ فَإِنَّهَا لَا تُصَدَّقُ فِي ذَلِكَ الْحُكْمِ، وَفِي كُلِّ مَا يُمْكِنُهُ دَفْعُ الضَّرَرِ عَنْ نَفْسِهِ تَكُونُ مُصَدَّقَةً فِي حَقِّهِ حَتَّى إذَا طَلَّقَهَا وَاحِدَةً فَأَقَرَّتْ بِالرِّقِّ صَارَ طَلَاقُهَا اثْنَتَيْنِ لِأَنَّهُ يَتَمَكَّنُ مِنْ دَفْعِ الضَّرَرِ عَنْ نَفْسِهِ بِمُرَاجَعَتِهَا، وَإِمْسَاكِهَا بِحُكْمِ التَّطْلِيقَةِ الثَّانِيَةِ.

وَلَوْ كَانَ طَلَّقَهَا اثْنَتَيْنِ ثُمَّ أَقَرَّتْ بِالرِّقِّ فَإِنَّهُ يَمْلِكُ رَجْعَتَهَا لِأَنَّا لَوْ جَعَلْنَا طَلَاقَهَا اثْنَتَيْنِ بِإِقْرَارِهِمَا لَحِقَ الزَّوْجَ ضَرَرٌ لَا يُمْكِنُهُ دَفْعُ ذَلِكَ عَنْ نَفْسِهِ فَلَا نُصَدِّقُهَا فِي ذَلِكَ، وَكَذَا حُكْمُ الْعِدَّةِ إنْ أَقَرَّتْ بِالرِّقِّ بَعْدَ مُضِيِّ حَيْضَتَيْنِ فَلَهُ أَنْ يُرَاجِعَهَا فِي الْحَيْضَةِ الثَّالِثَةِ.

وَإِنْ أَقَرَّتْ بِالرِّقِّ بَعْدَ مُضِيِّ حَيْضَةٍ فَعِدَّتُهَا حَيْضَتَانِ لِمَا قُلْنَا.

وَلَوْ قَذَفَهَا زَوْجُهَا لَمْ يَكُنْ عَلَيْهِ حَدٌّ وَلَا لِعَانٌ لِأَنَّ الرِّقَّ ثَبَتَ فِي حَقِّهَا بِإِقْرَارِهَا، وَالْمَمْلُوكَةُ لَا تَكُونُ مُحْصَنَةً فَلَا يَجِبُ بِقَذْفِهَا حَدٌّ وَلَا لِعَانٌ

وَلَوْ كَانَتْ دَبَّرَتْ عَبْدًا

<<  <  ج: ص:  >  >>