للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بِبَيْعِ نِصْفِ الْعَبْدِ يَمْلِكُ بَيْعَ نِصْفِ ذَلِكَ النِّصْفِ؛ فَلِهَذَا كَانَ جَمِيعُ الثَّمَنِ وَنِصْفُ الْعَبْدِ بَيْنَهُ وَبَيْنَ شَرِيكِهِ نِصْفَيْنِ. " وَعِنْدَهُمَا " لَا يُمْكِنُ تَصْحِيحُ تَصَرُّفِهِ فِي النَّصِيبَيْنِ؛ لِأَنَّ الْوَكِيلَ بِبَيْعِ نِصْفِ الْعَبْدِ لَا يَبِيعُ نِصْفَ ذَلِكَ النِّصْفِ، فَيَنْصَرِفُ بَيْعُهُ إلَى نَصِيبِ نَفْسِهِ لِتَصْحِيحِ تَصَرُّفِهِ.

قَالَ: (رَجُلٌ اشْتَرَى عَبْدًا وَقَبَضَهُ، ثُمَّ قَالَ لِرَجُلٍ آخَرَ: قَدْ أَشْرَكْتُك فِي هَذَا الْعَبْدِ عَلَى أَنْ تَنْقُدَ الثَّمَنَ عَنِّي، فَفَعَلَ: كَانَتْ هَذِهِ الشَّرِكَةُ فَاسِدَةً)؛ لِأَنَّهُ مَلَّكَهُ نِصْفَ الْعَبْدِ بَيْعًا بِنِصْفِ الثَّمَنِ، وَشَرَطَ فِيهِ أَنْ يَنْقُدَ جَمِيعَ الثَّمَنِ عَنْهُ «. وَنَهَى رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عَنْ بَيْعٍ وَشَرْطٍ».؛ فَيَبْطُلُ هَذَا الْبَيْعُ بَيْنَهُمَا لِمَكَانِ الشَّرْطِ. وَإِنْ نَقَدَ عَنْهُ الرَّجُلُ رَجَعَ عَلَيْهِ بِمَا نَقَدَ عَنْهُ؛ لِأَنَّهُ قَضَى دِينَهُ بِأَمْرِهِ، وَلَا شَيْءَ لَهُ فِي الْعَبْدِ؛ لِأَنَّ الْإِشْرَاكَ كَانَ فَاسِدًا، وَالْبَيْعُ الْفَاسِدُ بِدُونِ الْقَبْضِ لَا يُوجِبُ شَيْئًا.

قَالَ: (رَجُلٌ اشْتَرَى نِصْفَ عَبْدٍ بِمِائَةِ دِرْهَمٍ، وَاشْتَرَى رَجُلٌ آخَرُ نِصْفَ ذَلِكَ الْعَبْدِ الْبَاقِي بِمِائَتَيْ دِرْهَمٍ، ثُمَّ بَاعَاهُ - مُسَاوَمَةً - بِثَلَثِمِائَةِ دِرْهَمٍ، أَوْ بِمِائَتَيْ دِرْهَمٍ: فَالثَّمَنُ بَيْنَهُمَا نِصْفَيْنِ. وَلَوْ بَاعَاهُ - مُرَابَحَةً - بِرِبْحِ مِائَةِ دِرْهَمٍ، أَوْ قَالَ: بِالْعَشَرَةِ أَحَدَ عَشَرَ: كَانَ الثَّمَنُ بَيْنَهُمَا أَثْلَاثًا). وَكَذَلِكَ لَوْ وَلَّيَاهُ رَجُلًا بِرَأْسِ الْمَالِ، أَوْ بَاعَاهُ بِوَضِيعَةِ كَذَا: فَالثَّمَنُ بَيْنَهُمَا أَثْلَاثًا؛ لِأَنَّ الثَّمَنَ فِي بَيْعِ الْمُسَاوَمَةِ بِمُقَابَلَةِ الْمِلْكِ هُوَ فِي الْمَحَلِّ دُونَ الثَّمَنِ الْأَوَّلِ، حَتَّى لَوْ كَانَ مَوْهُوبًا، أَوْ كَانَ مُشْتَرًى بِعَرَضٍ لَا مِثْلَ لَهُ: يَجُوزُ بَيْعُهُ مُسَاوَمَةً. فَعَرَفْنَا أَنَّ الثَّمَنَ بِمُقَابَلَةِ الْمِلْكِ، وَهُمَا يَسْتَوِيَانِ فِي مِلْكِ الْعَبْدِ، فَيَسْتَوِيَانِ فِي ثَمَنِهِ. وَأَمَّا بَيْعُ الْمُرَابَحَةِ وَالتَّوْلِيَةِ وَالْوَضِيعَةِ: بِاعْتِبَارِ الثَّمَنِ الْأَوَّلِ. أَلَا تَرَى أَنَّهُ لَا تَسْتَقِيمُ هَذِهِ الْبُيُوعُ فِي الْمَوْهُوبِ وَالْمَوْرُوثِ، وَفِي الْمُشْتَرَى بِعَرَضٍ لَا مِثْلَ لَهُ،. وَالثَّمَنُ الْأَوَّلُ كَانَ أَثْلَاثًا بَيْنَهُمَا، فَكَذَلِكَ الثَّانِي. يُوَضِّحُ الْفَرْقَ أَنَّ فِي بَيْعِ الْمُرَابَحَةِ لَوْ اعْتَبَرْنَا الْمِلْكَ فِي قِيمَةِ الثَّمَنِ دُونَ الثَّمَنِ الْأَوَّلِ كَانَ الْبَيْعُ مُرَابَحَةً فِي حَقِّ أَحَدِهِمَا، وَضَيْعَةً فِي حَقِّ الْآخَرِ، وَقَدْ نَصَّا عَلَى بَيْعِ الْمُرَابَحَةِ فِي نَصِيبَيْهِمَا فَلَا بُدَّ مِنْ اعْتِبَارِ الثَّمَنِ الْأَوَّلِ كَذَلِكَ - بِخِلَافِ بَيْعِ الْمُسَاوِمَةِ -.

قَالَ: (وَإِذَا اشْتَرَكَ الرَّجُلَانِ شَرِكَةَ عَنَانٍ فِي تِجَارَةٍ عَلَى أَنْ يَشْتَرِيَا وَيَبِيعَا بِالنَّقْدِ وَالنَّسِيئَةِ، فَاشْتَرَى أَحَدُهُمَا شَيْئًا مِنْ غَيْرِ تِلْكَ التِّجَارَةِ: فَهُوَ لَهُ خَاصَّةً)؛ لِأَنَّ كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا بِحُكْمِ الشَّرِكَةِ يَصِيرُ وَكِيلَ صَاحِبِهِ، وَالْوَكَالَةُ تَقْبَلُ التَّخْصِيصَ. فَإِذَا خَصَّا نَوْعًا كَانَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا فِي شِرَاءِ مَا سِوَى ذَلِكَ كَالْأَجْنَبِيِّ عَنْ صَاحِبِهِ، فَيَكُونُ مُشْتَرِيًا لِنَفْسِهِ خَاصَّةً. فَأَمَّا فِي ذَلِكَ النَّوْعِ فَبَيْعُ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا وَشِرَاؤُهُ بِالنَّقْدِ وَالنَّسِيئَةِ يَنْفُذُ عَلَى صَاحِبِهِ؛ لِأَنَّهُمَا صَرَّحَا بِذَلِكَ. وَهَكَذَا لَوْ لَمْ يُصَرِّحَا؛ فَإِنَّ بِمُطْلَقِ التَّوْكِيلِ يَمْلِكُ الْوَكِيلُ الْبَيْعَ وَالشِّرَاءَ بِالنَّقْدِ وَالنَّسِيئَةُ عَلَى الْمُوَكِّلِ، فَكَذَلِكَ بِمُطْلَقِ الشَّرِكَةِ. إلَّا أَنَّهُ إذَا اشْتَرَى أَحَدُهُمَا بِالنَّسِيئَةِ

<<  <  ج: ص:  >  >>