صَلَاتُهُنَّ؛ لِهَذَا قَالَ: (فَإِنْ اسْتَخْلَفَ امْرَأَةً فَسَدَتْ صَلَاتُهُ وَصَلَاتُهُنَّ) وَقَالَ زُفَرُ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - تَجُوزُ صَلَاةُ النِّسْوَةِ؛ لِأَنَّ الْمَرْأَةَ تَصْلُحُ لِإِمَامَةِ النِّسَاءِ دُونَ الرِّجَالِ بِدَلِيلِ الِابْتِدَاءِ، وَلَكِنَّا نَقُولُ: اشْتِغَالُهُ بِاسْتِخْلَافِ مَنْ لَا يَصْلُحُ أَنْ يَكُونَ خَلِيفَةً لَهُ مُفْسِدٌ لِصَلَاتِهِ، فَإِنَّمَا فَسَدَتْ صَلَاتُهُ قَبْلَ تَحَوُّلِ الْإِمَامَةِ مِنْهُ إلَى غَيْرِهِ فَتَفْسُدُ بِهِ صَلَاةُ الْمُقْتَدِينَ.
قَالَ: (فَإِنْ تَقَدَّمَتْ امْرَأَةٌ مِنْهُنَّ مِنْ غَيْرِ أَنْ يُقَدِّمَهَا قَبْلَ أَنْ يَخْرُجَ مِنْ الْمَسْجِدِ فَهَذَا وَالْأَوَّلُ سَوَاءٌ)، وَهَذَا جَوَابٌ مُبْهَمٌ فَقَدْ تَقَدَّمَ فَصْلَانِ حُكْمُهُمَا مُخْتَلِفٌ ثُمَّ ذَكَرَ الْفَصْلَ الثَّالِثَ وَلَمْ يُبَيِّنْ بِأَيِّ فَصْلٍ يَعْتَبِرُهُ، فَمِنْ أَصْحَابِنَا مَنْ قَالَ: مَعْنَاهُ هَذَا وَاسْتِخْلَافُ الْإِمَامِ إيَّاهَا سَوَاءٌ حَتَّى تَفْسُدَ صَلَاةُ الْإِمَامِ لِمَا بَيَّنَّا فِي بَابِ الْحَدَثِ؛ لِأَنَّهُ لَا فَرْقَ بَيْنَ تَقَدُّمِ وَاحِدٍ مِنْ الْقَوْمِ وَبَيْنَ تَقْدِيمِ الْإِمَامِ إيَّاهُ، وَالْأَصَحُّ أَنَّ هَذَا نَظِيرُ الْفَصْلِ الْأَوَّلِ حَتَّى لَا تَفْسُدَ صَلَاةُ الْإِمَامِ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَشْتَغِلْ بِاسْتِخْلَافِ مَنْ لَا يَصْلُحُ خَلِيفَةً لَهُ، وَلَيْسَ لِلنِّسَاءِ عَلَيْهِ وِلَايَةٌ فِي إفْسَادِ الصَّلَاةِ، فَصَارَ فِي حَقِّهِ كَأَنْ لَمْ يُقَدِّمْ وَاحِدَةً مِنْهُنَّ فَتَجُوزُ صَلَاتُهُ؛ لِأَنَّهُ فِي حَقِّ نَفْسِهِ كَالْمُنْفَرِدِ.
قَالَ: (مُسَافِرٌ صَلَّى الظُّهْرَ رَكْعَتَيْنِ بِغَيْرِ قِرَاءَةٍ ثُمَّ نَوَى الْمُقَامَ فَعَلَيْهِ أَنْ يُصَلِّيَ رَكْعَتَيْنِ بِقِرَاءَةٍ) وَهُوَ وَالْمُقِيمُ فِيهِ سَوَاءٌ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ وَأَبِي يُوسُفَ رَحِمَهُمَا اللَّهُ تَعَالَى، وَقَالَ مُحَمَّدٌ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - صَلَاتُهُ فَاسِدَةٌ، وَهَذَا بِنَاءً عَلَى مَا سَبَقَ أَنَّ فَسَادَ الصَّلَاةِ بِتَرْكِ الْقِرَاءَةِ يُخْرِجُهُ مِنْ حُرْمَةِ الصَّلَاةِ عِنْدَ مُحَمَّدٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -، وَلَا يُخْرِجُهُ مِنْهَا عِنْدَهُمَا، وَأَمَّا عَلَى سَبِيلِ الِابْتِدَاءِ فَهَهُنَا حُجَّةُ مُحَمَّدٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - أَنَّ ظُهْرَ الْمُسَافِرِ كَفَجْرِ الْمُقِيمِ، ثُمَّ الْفَجْرُ فِي حَقِّ الْمُقِيمِ يَفْسُدُ بِتَرْكِ الْقِرَاءَةِ فِيهِمَا أَوْ فِي إحْدَاهُمَا عَلَى وَجْهٍ لَا يُمْكِنُهُ إصْلَاحٌ إلَّا بِالِاسْتِقْبَالِ، فَكَذَلِكَ الظُّهْرُ فِي حَقِّ الْمُسَافِرِ، إذْ لَا تَأْثِيرَ لِنِيَّةِ الْإِقَامَةِ فِي رَفْعِ الْفَسَادِ، وَلَهُمَا أَنَّ نِيَّةَ الْإِقَامَةِ فِي آخِرِ الصَّلَاةِ كَهِيَ فِي أَوَّلِهَا، وَلَوْ كَانَ مُقِيمًا فِي أَوَّلِهَا لَمْ تَفْسُدْ صَلَاتُهُ بِتَرْكِ الْقِرَاءَةِ فِي الْأُولَيَيْنِ، فَهَذَا مِثْلُهُ، وَتَبَيَّنَ بِهَذَا أَنَّ الْمُفْسِدَ لَمْ يَتَقَرَّرْ؛ لِأَنَّ صَلَاةَ الْمُسَافِرِ بِعَرْضِ أَنْ يَلْحَقَهُ مَدَدُ نِيَّةِ الْإِقَامَةِ وَالْمُفْسِدُ خُلُوُّ الصَّلَاةِ عَنْ الْقِرَاءَةِ فِي رَكْعَتَيْنِ مِنْهَا، وَلَا يَتَحَقَّقُ ذَلِكَ بِتَرْكِ الْقِرَاءَةِ فِي الْأُولَيَيْنِ بِخِلَافِ فَجْرِ الْمُقِيمِ، وَكَذَلِكَ إنْ قَامَ إلَى الثَّالِثَةِ وَرَكَعَ ثُمَّ نَوَى الْإِقَامَةَ إلَّا أَنَّهُ إنْ كَانَ لَمْ يَقْرَأْ فِي الْأُولَيَيْنِ يُعِيدُ الْقِرَاءَةَ، وَإِنْ كَانَ قَرَأَ فِي الْأُولَيَيْنِ يُعِيدُ الْقِيَامَ وَالرُّكُوعَ؛ لِأَنَّ مَا أَدَّى كَانَ نَفْلًا؛ لِأَنَّهُ حِينَ قَامَ إلَى الثَّالِثَةِ لَمْ يَكُنْ نَوَى الْإِقَامَةَ فَكَانَتْ هَذِهِ الرَّكْعَةُ بِقَدْرِ مَا أَدَّى إلَى وَقْتِ نِيَّةِ الْإِقَامَةِ نَافِلَةً فَلَا تَنُوبُ عَنْ الْفَرْضِ فَكَانَ عَلَيْهِ الْإِعَادَةُ لِهَذَا.
قَالَ: (مُسَافِرٌ دَخَلَ فِي صَلَاةِ الْمُقِيمِ ثُمَّ ذَهَبَ الْوَقْتُ لَمْ تَفْسُدْ صَلَاتُهُ)؛ لِأَنَّ الْإِتْمَامَ لَزِمَهُ بِالشُّرُوعِ مَعَ الْإِمَامِ فِي الْوَقْتِ فَالْتَحَقَ بِغَيْرِهِ مِنْ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute