الشَّيْءِ وَلَمْ يَقَعْ عَلَى الْأَرْضِ حَيًّا فَهُوَ حَلَالٌ، وَكَذَلِكَ إنْ مَاتَ قَبْلَ وُقُوعِهِ فِي الْمَاءِ ثُمَّ وَقَعَ فِي الْمَاءِ؛ لِأَنَّ التَّرَدِّي وَالْوُقُوعَ فِي الْمَاءِ كَانَ بَعْدَ تَمَامِ فِعْلِ الذَّكَاةِ، وَلَمْ يَكُنْ سَبَبًا لِمَوْتِهِ وَإِنْ وَقَعَ عَلَى جَبَلٍ وَمَاتَ، وَلَوْ عَلَى السَّطْحِ فَمَاتَ حَلَّ لِأَنَّ الْمَوْضِعَ الَّذِي وَقَعَ فِيهِ بِمَنْزِلَةِ الْأَرْضِ، وَقَدْ بَيَّنَّا أَنَّ ذَلِكَ لَا يُسْتَطَاعُ الِامْتِنَاعُ مِنْهُ فَيَكُونُ عَفْوًا، وَهَذَا إذَا كَانَ مَا وَقَعَ عَلَيْهِ مِمَّا لَا يَقْتُلُ، فَإِنْ كَانَ مِمَّا يَقْتُلُ مِثْلُ حَدِّ الرُّمْحِ وَالْقَضِيبَةِ الْمَنْصُوبَةِ وَحَدِّ الْآجِرِ وَاللَّبِنَةِ الْقَائِمَةِ وَنَحْوِهَا لَمْ يُؤْكَلْ؛ لِأَنَّ هَذَا سَبَبٌ لِمَوْتِهِ وَهُوَ فِعْلٌ آخَرُ سِوَى فِعْلِ الذَّكَاةِ يُسْتَطَاعُ الِامْتِنَاعُ مِنْهُ، وَفِي الْأَصْلِ قَالَ: إنْ وَقَعَ عَلَى آجِرَةٍ مَوْضُوعَةٍ عَلَى الْأَرْضِ فَمَاتَ فَهَذَا بِمَنْزِلَةِ الْأَرْضِ وَيُؤْكَلُ، وَذَكَرَ فِي الْمُنْتَقَى لَوْ وَقَعَ عَلَى صَخْرَةٍ فَانْشَقَّ بَطْنُهُ فَمَاتَ لَمْ يُؤْكَلْ، وَلَيْسَ هَذَا بِاخْتِلَافِ الرِّوَايَاتِ بَلْ مُرَادُهُ مَا ذُكِرَ فِي الْمُنْتَقَى إذَا أَصَابَهُ حَدُّ الصَّخْرَةِ فَانْشَقَّ بَطْنُهُ بِذَلِكَ، وَهَذَا سَبَبٌ لِمَوْتِهِ سِوَى الذَّكَاةِ، وَمُرَادُهُ مِمَّا ذُكِرَ فِي الْأَصْلِ أَنَّهُ لَمْ يُصِبْهُ مِنْ الْآجِرَةِ إلَّا مَا يُصِيبُهُ مِنْ الْأَرْضِ لَوْ وَقَعَ عَلَيْهِ، وَذَلِكَ عَفْوٌ لِأَنَّهُ لَا يُسْتَطَاعُ الِامْتِنَاعُ مِنْهُ.
قَالَ: (فَإِنْ رَمَى صَيْدًا بِسَهْمٍ فَأَصَابَ فَمَرَّ السَّهْمُ فِي سَنَنِهِ فَأَصَابَ ذَلِكَ الصَّيْدَ أَوْ غَيْرَهُ أَوْ أَصَابَهُ وَنَفَذَ إلَى غَيْرِهِ فَأَصَابَهُ حَلَّ جَمِيعُ ذَلِكَ) لِمَا بَيَّنَّا أَنَّ فِعْلَ الرَّمْيِ يُذَكِّي لِمَا يُصِيبُهُ فِي سَنَنِهِ، سَوَاءٌ أَصَابَ صَيْدًا أَوْ صَيْدَيْنِ، وَإِنْ عَرَضَ لِلسَّهْمِ رِيحٌ فَرَدَّهُ إلَى مَا وَرَاءَهُ فَأَصَابَ صَيْدًا لَمْ يُؤْكَلْ. لِأَنَّ الْإِصَابَةَ لَمْ تَكُنْ بِقُوَّةِ الرَّامِي بَلْ بِقُوَّةِ الرِّيحِ فَهُوَ نَظِيرُ سَهْمٍ مَوْضُوعٍ فِي مَوْضِعٍ حَمَلَهُ الرِّيحُ فَضَرَبَهُ عَلَى صَيْدٍ فَمَاتَ، وَفِعْلُ الرِّيحِ لَا يَكُونُ ذَكَاةَ الصَّيْدِ، وَكَذَلِكَ إنْ رَدَّهُ يَمْنَةً أَوْ يَسْرَةً حَتَّى إذَا أَصَابَ صَيْدًا لَمْ يَحِلَّ، وَإِنْ لَمْ يَرُدَّهُ عَنْ جِهَتِهِ حَلَّ صَيْدُهُ؛ لِأَنَّهُ مَا دَامَ يَمْضِي فِي سَنَنِهِ فَمُضِيُّهُ مُضَافٌ إلَى قُوَّةِ الرَّامِي، فَأَمَّا إذَا رَدَّهُ الرِّيحُ يَمْنَةً أَوْ يَسْرَةً فَقَدْ انْقَطَعَ حُكْمُ هَذِهِ الْإِضَافَةِ؛ لِأَنَّ الرَّامِيَ لَا يُحِبُّ مُضِيَّ السَّهْمِ يَمْنَةً أَوْ يَسْرَةً فَيَصِيرُ مُضَافًا إلَى الرِّيحِ لَا إلَى الرَّامِي، وَمَا دَامَ يَمْضِي فِي جِهَتِهِ فَالرِّيحُ يَزِيدُهُ فِي قُوَّتِهِ، فَلَا يَنْقَطِعُ بِهِ حُكْمُ إضَافَةِ الْقُوَّةِ إلَى الرَّامِي، وَعَنْ أَبِي يُوسُفَ قَالَ، وَإِنْ رَدَّهُ يَمْنَةً أَوْ يَسْرَةً يَحِلُّ أَيْضًا؛ لِأَنَّهُ لَيْسَ بِضِدٍّ لِلْجِهَةِ الَّتِي قَصَدَهَا الرَّامِي، وَلَا يُمْكِنُ الِاحْتِرَازُ عَنْهُ إذَا كَانَ يَصْطَادُ فِي يَوْمِ رِيحٍ، وَكَذَلِكَ لَوْ أَصَابَ السَّهْمُ حَائِطًا أَوْ شَجَرًا أَوْ شَيْئًا آخَرَ فَرَدَّهُ فَهُوَ وَرَدُّ الرِّيحِ سَوَاءٌ فِي جَمِيعِ مَا ذَكَرْنَا؛ لِأَنَّ مُضِيَّهُ إلَى مَا وَرَاءَهُ بِصَلَابَةِ الشَّجَرِ وَالْحَائِطِ لَا بِقُوَّةِ الرَّمْيِ، وَكَذَلِكَ لَوْ أَصَابَهُ سَهْمٌ آخَرُ قَبْلَ أَنْ يُصِيبَ الصَّيْدَ فَرَدَّهُ عَنْ وَجْهِهِ فَأَصَابَ صَيْدًا لَمْ يُؤْكَلْ، وَتَأْوِيلُ هَذَا إذَا كَانَ الرَّامِي بِالسَّهْمِ الثَّانِي مَجُوسِيًّا أَوْ لَمْ يَكُنْ قَصْدُهُ الِاصْطِيَادَ إنَّمَا كَانَ قَصْدُهُ الرَّمْيَ إلَى
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute