بِإِيجَابِهِ، وَقَدْ وُجِدَ ذَلِكَ فِي الثَّانِيَةِ كَالْأُولَى.
وَإِنْ أَصَابَهَا شَيْءٌ مِنْ هَذِهِ الْعُيُوبِ فِي اضْطِرَابِهَا حِينَ أَضْجَعَهَا لِلذَّبْحِ وَذَبَحَهَا عَلَى مَكَانِهَا فَفِي الْقِيَاسِ لَا تُجْزِئُهُ؛ لِأَنَّهُ تَأَدَّى الْوَاجِبُ بِالْأُضْحِيَّةِ لَا بِالْإِضْجَاعِ وَهِيَ مَعِيبَةٌ عِنْدَ التَّضْحِيَةِ بِهَا، وَفِي الِاسْتِحْسَانِ تُجْزِئُهُ؛ لِأَنَّ هَذَا لَا يُسْتَطَاعُ الِامْتِنَاعُ مِنْهُ فَقَدْ يَنْقَلِبُ السِّكِّينُ مِنْ يَدِهِ فَتُصِيبُ عَيْنَهَا فَيَجْعَلُ ذَلِكَ عَفْوًا لِدَفْعِ الْحَرَجِ، وَلِأَنَّهُ أَضْجَعَهَا لِيَتَقَرَّبَ بِإِتْلَافِهَا فَتَلَفُ جُزْءٍ مِنْهَا فِي هَذِهِ الْحَالَةِ مِنْ عَمَلِ التَّقَرُّبِ فَلَا يُمْنَعُ الْجَوَازُ بِخِلَافِ مَا قَبْلَ الْإِضْجَاعِ وَعَنْ أَبِي يُوسُفَ قَالَ إذَا أَصَابَهَا ذَلِكَ فِي يَوْمِ النَّحْرِ، ثُمَّ ضَحَّى بِهَا بَعْدَ ذَلِكَ بِيَوْمٍ، أَوْ يَوْمَيْنِ جَازَ؛ لِأَنَّهُ جَاءَ وَقْتَ إتْلَافِهَا تَقَرُّبًا فَتَلَفُ جُزْءٍ مِنْهَا فِي هَذِهِ الْحَالَةِ لَا يَمْنَعُ الْجَوَازَ.
قَالَ (وَلَا يَجُوزُ أَنْ يُضَحِّيَ بِشَاةٍ لَيْسَ لَهَا أُذُنَانِ خُلِقَتْ كَذَلِكَ وَهِيَ السَّكَّاءُ)؛ لِأَنَّ قَطْعَ الْأُذُنِ لَمَّا كَانَ مَانِعًا مِنْ الْجَوَازِ فَعَدَمُ الْأُذُنِ أَصْلًا أَوْلَى بَعْضٍ. فَأَمَّا صَغِيرَةُ الْأُذُنِ تُجْزِئُ؛ لِأَنَّ الْأُذُنَ مِنْهَا صَحِيحَةٌ، وَإِنْ كَانَتْ صَغِيرَةً
وَأَمَّا الْهَتْمَاءُ فَكَانَ أَبُو يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ - يَقُولُ أَوَّلًا لَا يَجُوزُ أَنْ يُضَحِّيَ بِهَا، وَإِنْ كَانَتْ تَعْتَلِفُ، ثُمَّ رَجَعَ. وَقَالَ يَجُوزُ إذَا كَانَتْ تَعْتَلِفُ؛ لِأَنَّهُ وَقَعَ عِنْدَهُ فِي أَنْ يُضَحِّيَ بِهَا؛ لِأَنَّ الْهَتْمَاءَ لَيْسَ لَهَا أَسْنَانٌ، ثُمَّ عُلِمَ بَعْدَ ذَلِكَ أَنَّ الْهَتْمَاءَ مَكْسُورَةُ بَعْضِ الْأَسْنَانِ. فَإِذَا كَانَتْ تَعْتَلِفُ فَالْبَاقِي مِنْ الْأَسْنَانِ أَكْثَرُ مِنْ الذَّاهِبِ، وَذَلِكَ لَا يَمْنَعُ الْجَوَازَ عِنْدَهُ، ثُمَّ قَالَ وَاَلَّتِي لَا أَسْنَانَ لَهَا بِمَنْزِلَةِ الَّتِي لَا أُذُنَ لَهَا فَكُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا مَقْصُودٌ فِي الْبَدَنِ بَلْ السِّنُّ فِي الْأَنْعَامِ أَقْرَبُ إلَى الْمَقْصُودِ مِنْ الْأُذُنِ؛ لِأَنَّهَا تَعْتَلِفُ بِالْأَسْنَانِ.
قَالَ (وَلَا يَجُوزُ فِي الضَّحَايَا وَالْوَاجِبَاتِ بَقَرُ الْوَحْشِ وَحُمُرُ الْوَحْشِ وَالظَّبْيُ)؛ لِأَنَّ الْأُضْحِيَّةَ عُرِفَتْ قُرْبَةً بِالشَّرْعِ، وَإِنَّمَا وَرَدَ الشَّرْعُ بِهَا مِنْ الْأَنْعَامِ، وَلِأَنَّ إرَاقَةَ الدَّمِ مِنْ الْوَحْشِيِّ لَيْسَ بِقُرْبَةٍ أَصْلًا وَالْقُرْبَةُ لَا تَتَأَدَّى بِمَا لَيْسَ بِقُرْبَةٍ. وَإِذَا كَانَ الْوَلَدُ بَيْنَ وَحْشِيٍّ وَأَهْلِيٍّ فَإِنْ كَانَتْ الْأُمُّ أَهْلِيَّةً جَازَتْ التَّضْحِيَةُ بِالْوَلَدِ، وَإِنْ كَانَتْ وَحْشِيَّةً لَا تَجُوزُ؛ لِأَنَّ الْوَلَدَ جُزْءٌ مِنْ الْأُمِّ فَإِنَّ مَاءَ الْفَحْلِ يَصِيرُ مُسْتَهْلَكًا بِحَضَانَتِهَا، وَإِنَّمَا يَنْفَصِلُ الْوَلَدُ مِنْهَا؛ وَلِهَذَا يَتْبَعُهَا فِي الرِّقِّ وَالْمِلْكِ. فَكَذَلِكَ فِي التَّضْحِيَةِ، وَهَذَا؛ لِأَنَّهُ يَنْفَصِلُ مِنْ الْفَحْلِ وَهُوَ مَاءٌ غَيْرُ مَحَلٍّ لِهَذَا الْحُكْمِ وَيَنْفَصِلُ مِنْ الْأُمِّ وَهُوَ حَيَوَانٌ مَحَلٌّ لِهَذَا الْحُكْمِ؛ فَلِهَذَا جَعَلْنَاهُ مُعْتَبَرًا بِالْأُمِّ.
قَالَ (رَجُلٌ ذَبَحَ أُضْحِيَّةَ غَيْرِهِ بِغَيْرِ إذْنِهِ فَفِي الْقِيَاسِ هُوَ ضَامِنٌ لِقِيمَتِهَا، وَلَا يُجْزِيهِ مِنْ الْأُضْحِيَّةِ) وَهُوَ قَوْلُ زُفَرَ؛ لِأَنَّهُ مُتَعَدٍّ فِي ذَبْحِ شَاةِ الْغَيْرِ فَكَانَ ضَامِنًا كَمَنْ ذَبَحَ شَاةَ الْقَصَّابِ، ثُمَّ الْأُضْحِيَّةُ لَا تَتَأَدَّى إلَّا بِعَمَلِ الْمُضَحِّي وَبَيْتِهِ وَلَمْ يُوجَدْ ذَلِكَ حِينَ فَعَلَهُ الْغَيْرُ بِغَيْرِ إذْنِهِ فَفِي الْقِيَاسِ هُوَ ضَامِنٌ لِقِيمَتِهَا، وَلَا يُجْزِيهِ مِنْ الْأُضْحِيَّةِ، وَلَكِنَّا نَسْتَحْسِنُ وَنَقُولُ يُجْزِئُهُ، وَلَا ضَمَانَ عَلَى الذَّابِحِ؛ لِأَنَّهُ لَمَّا عَيَّنَهَا لِلْأُضْحِيَّةِ فَقَدْ صَارَ مُسْتَغْنِيًا بِكُلِّ وَاحِدٍ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute