للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

يَحِلُّ لَهُ؛ لِأَنَّ الْفَرْخَ يُمْلَكُ بِمِلْكِ الْأَصْلِ فَهُوَ بِمَنْزِلَةِ اللُّقَطَةِ فِي يَدِهِ إلَّا أَنَّهُ إنْ كَانَ فَقِيرًا يَحِلُّ لَهُ التَّنَاوُلُ لِحَاجَتِهِ، وَإِنْ كَانَ غَنِيًّا يَنْبَغِي لَهُ أَنْ يَتَصَدَّقَ بِهَا عَلَى فَقِيرٍ، ثُمَّ يَشْتَرِي مِنْهُ بِشَيْءٍ فَيَتَنَاوَلُ وَهَكَذَا كَانَ يَفْعَلُهُ شَيْخُنَا الْإِمَامُ شَمْسُ الْأَئِمَّةِ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - وَكَانَ مُولَعًا بِأَكْلِ الْحَمَامِ.

قَالَ (وَمَنْ كَانَ عِنْدَهُ صَيْدٌ فَأَرْسَلَهُ عِنْدَ إحْرَامِهِ فَأَخَذَهُ حَلَالٌ، ثُمَّ حَلَّ الْأَوَّلُ فَلَهُ أَنْ يَسْتَرِدَّهُ مِنْهُ)؛ لِأَنَّ الْوَاجِبَ عَلَيْهِ رَفْعُ يَدِهِ عَنْ الصَّيْدِ لَا إزَالَةُ مِلْكِهِ أَلَا تَرَى أَنَّ الرَّجُلَ يُحْرِمُ وَلَهُ صَيُودٌ فِي بَيْتِهِ فَلَا يَلْزَمُهُ شَيْءٌ. وَإِذَا كَانَ بَعْدَ الْإِرْسَالِ بَاقِيًا عَلَى مِلْكِهِ لَمْ يَمْلِكْهُ الْآخِذُ فَلَهُ أَنْ يَسْتَرِدَّهُ

قَالَ (وَمَنْ قَتَلَ بَازِيًا مُعَلَّمًا، أَوْ كَلْبًا مُعَلَّمًا لِرَجُلٍ فَعَلَيْهِ قِيمَتُهُ)، وَقَدْ بَيَّنَّا فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ أَنَّ الْكَلْبَ الْمُعَلَّمَ مَالٌ مُتَقَوِّمٌ يَجُوزُ بَيْعُهُ عِنْدَنَا وَيَضْمَنُ مُتْلِفُهُ، وَإِنَّمَا تُعْتَبَرُ قِيمَتُهُ كَذَلِكَ بِخِلَافِ الْمُحْرِمِ إذَا قَتَلَ بَازِيًا مُعَلَّمًا فَلَا يُعْتَبَرُ فِي إيجَابِ الْقِيمَةِ عَلَيْهِ كَوْنُهُ مُعَلَّمًا؛ لِأَنَّ الْجَزَاءَ عَلَى الْمُحْرِمِ يَجِبُ حَقًّا لِلَّهِ تَعَالَى لِمَعْنَى الصَّيْدِ فِي يَدِ الْمَقْتُولِ وَبِكَوْنِهِ مُعَلَّمًا يُنْتَقَصُ ذَلِكَ؛ لِأَنَّهُ يَخْرُجُ بِهِ مِنْ أَنْ يَكُونَ مُتَوَحِّشًا فَلَا يُزَادُ بِهِ قِيمَتُهُ فِي حَقِّ اللَّهِ تَعَالَى. فَأَمَّا وُجُوبُ الضَّمَانِ لِلْآدَمِيِّ لِكَوْنِهِ مَالًا مُنْتَفَعًا بِهِ وَيَزْدَادُ ذَلِكَ بِكَوْنِهِ مُعَلَّمًا؛ فَلِهَذَا اُعْتُبِرَ قِيمَتُهُ كَذَلِكَ فَإِنْ كَانَ الْكَلْبُ لَيْسَ بِكَلْبِ صَيْدٍ، وَلَا مَاشِيَةٍ فَقَتَلَهُ وَرَجُلٌ غَرِمَ قِيمَتَهُ أَيْضًا وَمُرَادُهُ إذَا كَانَ بِحَيْثُ يَقْبَلُ التَّعْلِيمَ حَتَّى يَكُونَ مَالًا مُنْتَفَعًا بِهِ.

، وَإِنْ كَانَ عَقُورًا لَا يَقْبَلُ التَّعْلِيمَ فَمُتْلِفُهُ لَا يَضْمَنُ شَيْئًا؛ لِأَنَّهُ غَيْرُ مُؤَدًّى، وَلَيْسَ بِمَالٍ مُنْتَفَعٍ بِهِ، وَقَدْ بَيَّنَّا جَوَازَ بَيْعِ كُلِّ ذِي نَابٍ مِنْ السِّبَاعِ وَكُلِّ ذِي مِخْلَبٍ مِنْ الطَّيْرِ؛ لِأَنَّهُ يَقْبَلُ التَّعْلِيمَ وَيَتَأَتَّى الِانْتِفَاعُ بِهِ، وَلَا يَجُوزُ بَيْعُ لَحْمِ شَيْءٍ مِنْ ذَلِكَ؛ لِأَنَّهُ لَا مَنْفَعَةَ فِي اللَّحْمِ سِوَى الْأَكْلِ. فَإِذَا لَمْ يَكُنْ مَالًا مَأْكُولًا لَا يَكُونُ مَالًا مُتَقَوِّمًا وَجَوَازُ الْبَيْعِ يَخْتَصُّ بِمَالٍ مُتَقَوِّمٍ حَتَّى إذَا كَانَ لَهُ ثَمَنٌ بِأَنْ كَانَ يَرْغَبُ فِيهِ لِإِطْعَامِ الْكِلَابِ وَالسَّنَانِيرِ جَازَ بَيْعُهُ إذَا كَانَ مُذَكًّى إلَّا أَنْ يَكُونَ مَيْتَةً، وَمَا كَانَ مِنْ جُلُودِهَا إذَا دَبَغَهَا رَجُلٌ وَبَاعَهَا جَازَ بَيْعُهَا؛ لِأَنَّهُ مَالٌ مُنْتَفَعٌ بِهِ، وَإِنْ كَانَتْ غَيْرُ مَدْبُوغَةٍ لَمْ يَجُزْ وَمُرَادُهُ إذَا كَانَتْ مَيْتَةً. فَأَمَّا إذَا كَانَتْ مُذَكَّاةً يَجُوزُ، وَقَدْ بَيَّنَّا أَنَّ عَمَلَ الذَّكَاةِ فِي الْحِلِّ وَالطَّهَارَةِ فِي مَأْكُولِ اللَّحْمِ، وَفِي طَهَارَةِ الْجِلْدِ فِي غَيْرِ مَأْكُولِ اللَّحْمِ كَالدِّبَاغِ.

قَالَ (وَإِنْ وَجَدَ فِي الْمَاءِ سَمَكَةً مَقْطُوعَةً لَا يَدْرِي مَنْ قَطَعَهَا فَلَا بَأْسَ بِأَكْلِهَا)؛ لِأَنَّهُ لَيْسَ فِيهَا مَا يَدُلُّ عَلَى سَبْقِ يَدٍ إلَيْهَا لِتَوَهُّمِ أَنْ يَكُونَ فِعْلُهُ بِهَا سَمَكَةً أُخْرَى، وَإِنْ أَصَابَ فِي وَسَطِهَا، أَوْ فِي مَوْضِعٍ مِنْهَا خَيْطًا مَرْبُوطًا لَمْ يَأْكُلْهَا وَيَعْرِفُهَا؛ لِأَنَّهُ عَلِمَ أَنَّ يَدًا أُخْرَى سَبَقَتْ إلَيْهَا فَكَانَتْ بِمَنْزِلَةِ اللُّقَطَةِ فَيَعْرِفُهَا.

قَالَ (وَمَنْ سَمِعَ حِسًّا ظَنَّ أَنَّهُ حِسُّ صَيْدٍ فَرَمَاهُ، أَوْ

<<  <  ج: ص:  >  >>