للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

عَلَيْهِمْ لِيَفْعَلُوا لَهُ مِثْلَ هَذِهِ الْأَفْعَالِ فَمِنْ هَذَا الْوَجْهِ الذَّابِحُ كَالْمَأْمُورِ مِنْ جِهَتِهِ، فَلِهَذَا قَالَ لَا يُعْجِبُنَا هَذَا الْفِعْلَ، وَكَذَلِكَ إنْ أَرْسَلَهُ فِي مَنْزِلِهِ فَخَرَجَ مِنْ مَنْزِلِهِ فَتَبِعَهُ بَعْضُ أَهْلِهِ وَذَبَحَهُ وَلَمْ يَأْمُرْهُ بِذَلِكَ فَهَذَا وَالْأَوَّلُ سَوَاءٌ، وَلَا أَكْرَهُ أَكْلَهُ، وَفِي رِوَايَةِ أَبِي حَفْصٍ قَالَ وَأَكْرَهُ أَكْلَهُ.

وَقَالَ أَبُو يُوسُفَ وَمُحَمَّدٌ رَحِمَهُمَا اللَّهُ لَا بَأْسَ بِأَكْلِهِ وَالْحَاصِلُ أَنَّهُ لَمْ يَتِمَّ إرْسَالُهُ بَعْدُ فِي حَقِّ نَسْخِ الْفِعْلِ؛ لِأَنَّ الَّذِي تَبِعَهُ إنَّمَا يَتَمَكَّنُ مِنْ أَخْذِهِ بِاعْتِبَارِ الْفِعْلِ الْمَوْجُودِ مِنْ الْمُحْرِمِ فَكَانَ عَلَيْهِ الْجَزَاءُ لِذَلِكَ إلَّا أَنَّ فِي إبَاحَةِ التَّنَاوُلِ هُمَا يَقُولَانِ لَوْ أَرْسَلَهُ خَارِجًا مِنْ مَنْزِلِهِ حَلَّ تَنَاوُلُهُ إذَا ذَبَحَهُ إنْسَانٌ بَعْدَ ذَلِكَ. فَكَذَلِكَ إذَا أَرْسَلَهُ فِي مَنْزِلِهِ فَخَرَجَ هَكَذَا وَجْهُ رِوَايَةِ أَبِي سُلَيْمَانَ حَيْثُ قَالَ، وَلَا أَكْرَهُ أَكْلَهُ وَوَجْهُ رِوَايَةِ أَبِي حَفْصٍ وَهُوَ أَنَّهُ لَمَّا أَرْسَلَهُ بِمَرْأَى الْعَيْنِ مِنْ بَعْضِ أَهْلِهِ فَقَدْ طَلَب مِنْهُ دَلَالَةً أَنْ يَتَّبِعَهُ فَيَأْخُذَهُ، وَلَوْ أَمَرَهُ بِذَلِكَ نَصًّا كَانَ تَنَاوُلُهُ مَكْرُوهًا. فَكَذَلِكَ إذَا كَانَ طَالِبًا لِذَلِكَ الْفِعْلِ دَلَالَةً.

قَالَ (وَإِنْ انْفَلَتَ مِنْ الْمُحْرِمِ فِي جَوْفِ الْمِصْرِ، أَوْ أَرْسَلَهُ فَأَخَذَهُ إنْسَانٌ فَذَبَحَهُ فَهَذَا كَأَنَّهُ فِي يَدِهِ حَتَّى يُرْسِلَهُ)؛ لِأَنَّ بِالْإِرْسَالِ فِي جَوْفِ الْمِصْرِ لَمْ يَعُدْ إلَيْهِ التَّنْفِيرُ وَالِاسْتِيحَاشُ عَلَى الْوَجْهِ الَّذِي كَانَ قَبْلَ أَخْذِهِ فَلَا يَنْسَخُ بِهِ حُكْمَ فِعْلِهِ، وَهَذَا؛ لِأَنَّ مَا فِي جَوْفِ الْمِصْرِ يُمْكِنُ أَخْذُهُ بِغَيْرِ اصْطِيَادِهِ عَادَةً؛ وَلِهَذَا قُلْنَا لَوْ نَدَّتْ شَاةٌ فِي الْمِصْرِ لَمْ تَحِلَّ بِالرَّمْيِ. قَالَ (وَإِذَا انْفَلَتَ مِنْهُ فِي الصَّحْرَاءِ لَا يَقْدِرُ عَلَى أَخْذِهِ إلَّا بِصَيْدٍ فَرَمَاهُ حَلَالٌ فَلَا بَأْسَ بِهِ كَمَا لَوْ أَرْسَلَهُ فِي الصَّحْرَاءِ)، وَهَذَا؛ لِأَنَّ حُكْمَ فِعْلِهِ قَدْ انْتَسَخَ حِينَ عَادَ صَيْدًا مُتَوَحِّشًا كَمَا كَانَ فَكَأَنَّهُ لَمْ يَأْخُذْهُ قَطُّ.

قَالَ (حَلَالٌ أَرْسَلَ كَلْبَهُ عَلَى صَيْدٍ فِي الْحِلِّ فَتَبِعَهُ الْكَلْبُ حَتَّى أَدْخَلَهُ الْحَرَمَ فَقَتَلَهُ فِيهِ كَرِهْت لَهُ أَكْلَهُ) لِمَا بَيَّنَّا أَنَّ الْحِلَّ يَثْبُتُ عِنْدَ الْإِصَابَةِ، وَعِنْدَ ذَلِكَ هُوَ صَيْدُ الْحَرَمِ، وَإِنْ كَانَ أَصْلُ الْإِرْسَالِ فِي الْحِلِّ. فَكَذَلِكَ إذَا أَدْرَكَهُ صَاحِبُهُ حَيًّا فَأَخَذَهُ وَأَخْرَجَهُ إلَى الْحِلِّ وَذَبَحَهُ؛ لِأَنَّهُ حِينَ أَخَذَهُ مِنْ فَمِ الْكَلْبِ فَهُوَ صَيْدُ الْحَرَمِ، وَقَدْ بَطَلَ حُكْمُ ذَلِكَ الْإِرْسَالِ حِينَ وَقَعَ فِي يَدِهِ حَيًّا (فَجَوَابُ) هَذَا الْفَصْلِ كَجَوَابِ مَا لَوْ أَخْرَجَ صَيْدًا مِنْ الْحَرَمِ وَذَبَحَهُ فِي الْحِلِّ.

وَإِنْ أَرْسَلَ كَلْبَهُ مِنْ الْحَرَمِ عَلَى صَيْدٍ فِي الْحِلِّ كَرِهْت لَهُ أَكْلَهُ وَعَلَيْهِ الْجَزَاءُ؛ لِأَنَّ إرْسَالَهُ الْكَلْبَ عَلَى الصَّيْدِ اصْطِيَادٌ وَمَنْ هُوَ دَاخِلُ الْحَرَمِ مَمْنُوعٌ مِنْ الِاصْطِيَادِ فَإِرْسَالُ الْكَلْبِ عَلَيْهِ وَالرَّمْيُ إلَيْهِ سَوَاءٌ كَمَا بَيَّنَّا.

قَالَ (وَإِنْ أَرْسَلَهُ فِي الْحِلِّ عَلَى صَيْدٍ فِي الْحَرَمِ فَتَبِعَهُ حَتَّى أَخْرَجَهُ إلَى الْحِلِّ، ثُمَّ أَخَذَهُ وَقَتَلَهُ كَرِهْته أَيْضًا)؛ لِأَنَّهُ أَرْسَلَهُ عَلَى صَيْدِ الْحَرَمِ، وَذَلِكَ فِعْلٌ مَحْظُورٌ فَهُوَ كَمَا لَوْ رَمَى الصَّيْدَ فِي الْحَرَمِ فَخَرَجَ مِنْ الْحَرَمِ قَبْلَ الْإِصَابَةِ.

قَالَ (وَإِنْ أَخَذَهُ مِنْ الْكَلْبِ حَيًّا فِي الْحِلِّ فَذَبَحَهُ كَرِهْت لَهُ هَذَا الصُّنْعَ، وَلَا

<<  <  ج: ص:  >  >>