نَأْخُذُ وَفِي الِاسْتِحْسَانِ لَا يُجْزِئُهُ إلَّا السَّجْدَةُ وَتَكَلَّمُوا فِي مَوْضِعِ هَذَا الْقِيَاسِ وَالِاسْتِحْسَانِ مِنْ أَصْحَابِنَا مَنْ قَالَ مُرَادُهُ إذَا تَلَاهَا فِي غَيْرِ الصَّلَاةِ وَرَكَعَ فَفِي الْقِيَاسِ يُجْزِئُهُ لِأَنَّ الرُّكُوعَ وَالسُّجُودَ يَتَقَارَبَانِ قَالَ اللَّهُ تَعَالَى {وَخَرَّ رَاكِعًا وَأَنَابَ} [ص: ٢٤] أَيْ سَاجِدًا وَيُقَالُ: رَكَعَتْ النَّخْلَةُ أَيْ طَأْطَأَتْ رَأْسَهَا وَالْمَقْصُودُ مِنْهُمَا الْخُضُوعُ وَالْخُشُوعُ فَيَنُوبُ أَحَدُهُمَا عَنْ الْآخَرِ كَمَا فِي الصَّلَاةِ وَفِي الِاسْتِحْسَانِ الرُّكُوعُ خَارِجُ الصَّلَاةِ لَيْسَ بِقُرْبَةٍ فَلَا يَنُوبُ عَمَّا هُوَ قُرْبَةٌ بِخِلَافِ الرُّكُوعِ فِي الصَّلَاةِ وَإِلَّا ظَهَرَ أَنَّ مُرَادَهُ مِنْ هَذَا الْقِيَاسِ وَالِاسْتِحْسَانِ فِي الصَّلَاةِ إذَا رَكَعَ عِنْدَ مَوْضِعِ السَّجْدَةِ فِي الِاسْتِحْسَانِ لَا يُجْزِئُهُ لِأَنَّ سَجْدَةَ التِّلَاوَةِ نَظِيرُ سَجْدَةِ الصَّلَاةِ فَكَمَا أَنَّ إحْدَى السَّجْدَتَيْنِ فِي الصَّلَاةِ لَا تَنُوبُ عَنْ الْأُخْرَى وَالرُّكُوعُ لَا يَنُوبُ عَنْهُمَا فَكَذَلِكَ لَا يَنُوبُ عَنْ سَجْدَةِ التِّلَاوَةِ وَفِي الْقِيَاسِ يَجُوزُ التَّقَارُبُ بَيْنَ الرُّكُوعِ وَالسُّجُودِ فِيمَا هُوَ الْمَقْصُودُ وَكُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا فِي الصَّلَاةِ قُرْبَةٌ وَأَخَذْنَا بِالْقِيَاسِ لِأَنَّهُ أَقْوَى الْوَجْهَيْنِ وَالْقِيَاسُ وَالِاسْتِحْسَانُ فِي الْحَقِيقَةِ قِيَاسَانِ وَإِنَّمَا يُؤْخَذُ بِمَا يَتَرَجَّحُ بِظُهُورِ أَثَرِهِ أَوْ قُوَّةٍ فِي جَانِبِ صِحَّتِهِ.
(قَالَ): وَإِذَا سَلَّمَ مِنْ صَلَاتِهِ وَعَلَيْهِ سَجْدَةُ التِّلَاوَةِ وَلَا يَذْكُرُهَا فَقَدْ ذَكَرْنَا أَنَّ هَذَا سَلَامُ السَّهْوِ فَلَا يَخْرُجُ مِنْ الصَّلَاةِ حَتَّى لَوْ اقْتَدَى بِهِ إنْسَانٌ جَازَ اقْتِدَاؤُهُ وَيَسْجُدُهَا الْإِمَامُ إذَا ذَكَرهَا وَالْمُقْتَدِي مَعَهُ ثُمَّ يَتَشَهَّدُ لِأَنَّ عَوْدَهُ إلَى السَّجْدَةِ يَنْقُضُ الْقَعْدَةَ.
(قَالَ) فَإِنْ تَكَلَّمَ قَبْلَ أَنْ يَذْكُرَهَا سَقَطَتْ عَنْهُ لِأَنَّ الْكَلَامَ قَاطِعٌ لِحُرْمَةِ الصَّلَاةِ وَمَا وَجَبَ بِالتِّلَاوَةِ فِي الصَّلَاةِ كَانَ مِنْ أَعْمَالِ الصَّلَاةِ فَلَا يُؤَدَّى بَعْدَ انْقِطَاعِ حُرْمَةِ الصَّلَاةِ وَلَمْ تَفْسُدْ صَلَاتُهُ لِأَنَّهَا لَيْسَتْ مِنْ جُمْلَةِ الْأَرْكَانِ
(قَالَ) وَإِنْ وَجَبَتْ عَلَيْهِ فِي غَيْرِ الصَّلَاةِ ثُمَّ ذَكَرَهَا فِي الصَّلَاةِ لَمْ يَقْضِهَا فِيهَا لِأَنَّهَا لَيْسَتْ بِصَلَاتِيَّةٍ وَحُرْمَةُ الصَّلَاةِ تَمْنَعُ مِنْ أَدَاءِ مَا لَيْسَ مِنْ أَعْمَالِهَا فِيهَا وَكَذَلِكَ إنْ سَمِعَهَا فِي صَلَاتِهِ مِمَّنْ لَيْسَ مَعَهُ فِي الصَّلَاةِ لَمْ يَسْجُدْهَا فِيهَا لِأَنَّهَا لَيْسَتْ بِصَلَاتِيَّةٍ فَإِنَّ سَبَبَهَا تِلَاوَةٌ فِي غَيْرِ الصَّلَاةِ فَلَا يُؤَدِّيهَا حَتَّى يَفْرُغَ مِنْهَا وَإِنْ سَجَدَهَا فِيهَا لَمْ تُجْزِئْهُ لِأَنَّهُ أَدَّاهَا قَبْلَ وَقْتِهَا وَلَا تَفْسُدُ صَلَاتُهُ إلَّا فِي رِوَايَةِ مُحَمَّدٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - وَقَدْ بَيَّنَّاهُ فِيمَا تَقَدَّمَ
(قَالَ) فَإِنْ سَجَدَ لِلتِّلَاوَةِ لِغَيْرِ الْقِبْلَةِ فَإِنْ كَانَ عَالِمًا لَمْ يُجْزِئْهُ وَإِنْ كَانَ جَاهِلًا أَجْزَأَهُ يَعْنِي إذَا اشْتَبَهَتْ عَلَيْهِ الْقِبْلَةُ فَتَحَرَّى وَسَجَدَ إلَى جِهَةٍ وَقَدْ بَيَّنَّا أَنَّ الصَّلَاةَ بِالتَّحَرِّي تَجُوزُ إلَى غَيْرِ الْقِبْلَةِ فَالسَّجْدَةُ أَوْلَى. وَإِنْ ضَحِكَ فِيهَا أَعَادَهَا كَمَا لَوْ تَكَلَّمَ وَلَمْ يُعِدْ الْوُضُوءَ لِأَنَّ الضَّحِكَ عُرِفَ حَدَثًا بِالْأَثَرِ وَإِنَّمَا وَرَدَ الْأَثَرُ فِي صَلَاةٍ مُطْلَقَةٍ وَهَذِهِ لَيْسَتْ بِصَلَاةٍ مُطْلَقَةٍ وَكَانَتْ قِيَاسَ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute