للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

دَارًا بِمَا لَهُ حَمْلٌ وَمُؤْنَةٌ دَيْنًا فِي ذِمَّتِهِ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ - يُشْتَرَطُ بَيَانُ مَكَانِ الْإِيفَاءِ وَعِنْدَهُمَا يَتَعَيَّنُ مَوْضِعُ الدَّارِ لِلِاسْتِيفَاءِ لَا مَوْضِعَ الْعَقْدِ (وَالرَّابِعُ) إذَا اقْتَسَمَا دَارًا وَشَرَطَ أَحَدُهُمَا عَلَى صَاحِبِهِ شَيْئًا لَهُ حَمْلٌ وَمُؤْنَةٌ فَهُوَ عَلَى هَذَا الْخِلَافِ وَيَأْتِي بَيَانُ ذَلِكَ فِي الْإِجَارَاتِ وَالْقِسْمَةِ إنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى

فَأَمَّا إعْلَامُ قَدْرِ رَأْسِ الْمَالِ فِيمَا يَتَعَلَّقُ الْعَقْدُ عَلَى قَدْرِهِ كَالْمَكِيلِ وَالْمَوْزُونِ فَشَرْطُ السَّلَمِ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ وَعِنْدَهُمَا لَيْسَ بِشَرْطٍ وَالْإِشَارَةُ إلَى عَيْنِهِ تَكْفِي وَكَذَلِكَ إذَا كَانَ رَأْسُ الْمَالِ عَدَدِيًّا مُتَقَارِبًا كَالْفُلُوسِ وَالْجَوْزِ وَالْبَيْضِ وَجْهُ قَوْلِهِمَا أَنَّ الْمَقْصُودَ مِنْ إعْلَامِ الْقَدْرِ الْقُدْرَةُ عَلَى التَّسْلِيمِ وَانْقِطَاعِ الْمُنَازَعَةِ وَذَلِكَ حَاصِلٌ بِالْإِشَارَةِ إلَى الْعَيْنِ فَيُغْنِي ذَلِكَ عَنْ إعْلَامِ الْقَدْرِ كَمَا فِي الثَّمَنِ وَالْأُجْرَةِ وَكَمَا فِي الْمُضَارَبَةِ لَوْ دَفَعَ إلَيْهِ دَرَاهِمَ غَيْرَ مَعْلُومَةِ الْمِقْدَارِ مُضَارَبَةً بِالنِّصْفِ كَانَ جَائِزًا وَالدَّلِيلُ عَلَيْهِ أَنَّ رَأْسَ الْمَالِ لَوْ كَانَ ثَوْبًا لَا يُشْتَرَطُ إعْلَامُ ذُرْعَانِهِ وَالذَّرْعُ فِي الْمَذْرُوعَاتِ لِلْإِعْلَامِ بِمَنْزِلَةِ الْقَدْرِ فِي الْمُقَدَّرَاتِ أَلَا تَرَى أَنَّ فِي الْمُسْلَمِ فِيهِ كَمَا يُشْتَرَطُ إعْلَامُ الْقَدْرِ يُشْتَرَطُ إعْلَامُ الذِّرَاعِ إذَا كَانَ ثَوْبًا ثُمَّ فِي رَأْسِ الْمَالِ لَا يُشْتَرَطُ إعْلَامُ الذَّرْعِ فِي الْمَذْرُوعَاتِ لِكَوْنِهِ عَيْنًا فَكَذَلِكَ لَا يُشْتَرَطُ إعْلَامُ الْقَدْرِ فِي الْمُقَدَّرَاتِ وَمَذْهَبُ أَبِي حَنِيفَةَ مَرْوِيٌّ عَنْ ابْنِ عُمَرَ ذَكَرَهُ فِي كِتَابِ الصُّلْحِ وَقَوْلُ الْفَقِيهِ مِنْ الصَّحَابَةِ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُمْ - مُقَدَّمٌ عَلَى الْقِيَاسِ وَالْمَعْنَى فِيهِ أَنَّ هَذَا مُقَدَّرٌ يَتَنَاوَلُهُ عَقْدُ السَّلَمِ فَلَا بُدَّ مِنْ إعْلَامِ قَدْرِهِ كَالسَّلَمِ فِيهِ وَتَحْقِيقُهُ أَنَّ جَهَالَةَ قَدْرِ رَأْسِ الْمَالِ تُؤُدِّيَ إلَى جَهَالَةِ الْمُسْلَمِ فِيهِ؛ لِأَنَّ الْمُسْلَمَ إلَيْهِ يُنْفِقُ رَأْسَ الْمَالِ شَيْئًا فَشَيْئًا وَرُبَّمَا يَجِدُ بَعْدَ ذَلِكَ زُيُوفًا فَيَرُدُّهُ وَلَا يَسْتَنِدُ لَهُ فِي مَجْلِسِ الرَّدِّ فَيَبْطُلُ الْعَقْدُ بِقَدْرِ مَا رَدُّوا لَا لَمْ يَكُنْ مِقْدَارُ رَأْسِ الْمَالِ مَعْلُومًا لَا يُعْلَمُ فِي كَمْ اُنْتُقِضَ السَّلَمُ وَفِي كَمْ بَقِيَ وَإِذَا كَانَ مِقْدَارُ رَأْسِ الْمَالِ مَعْلُومًا بِوَزْنِ الْمَرْدُودِ فَيُعْلَمُ أَنَّهُ فِي كَمْ اُنْتُقِضَ الْعَقْدُ

وَمَا يُؤَدِّي إلَى جَهَالَةِ الْمُسْلَمِ فِيهِ يَجِبُ الِاحْتِرَازُ عَنْهُ وَإِنْ كَانَ ذَلِكَ مَوْهُومًا أَلَا تَرَى أَنَّهُ لَوْ أَسْلَمَ فِي مَكِيلٍ بِمِكْيَالِ رَجُلٍ بِعَيْنِهِ لَا يَجُوزُ الْعَقْدُ؛ لِأَنَّهُ يُتَوَهَّمُ هَلَاكُ ذَلِكَ الْمِكْيَالِ وَهُوَ مُخَالِفٌ لِغَيْرِهِ مِنْ الْمَكَايِيلِ فَإِذَا هَلَكَ صَارَ مِقْدَارُ الْمُسْلَمِ فِيهِ مَجْهُولًا فَكَذَلِكَ هُنَا يَجِبُ التَّحَرُّزُ عَنْ الْجَهَالَةِ بِإِعْلَامِ مِقْدَارِ رَأْسِ الْمَالِ بِخِلَافِ مَا إذَا كَانَ رَأْسُ الْمَالِ ثَوْبًا؛ لِأَنَّ الذُّرْعَانَ فِي الثَّوْبِ الْمُعَيَّنِ صِفَةٌ وَلِهَذَا لَوْ اشْتَرَى ثَوْبًا عَلَى أَنَّهُ عَشَرَةُ أَذْرُعٍ فَوَجَدَهُ أَحَدَ عَشَرَ ذِرَاعًا تُسَلَّمُ لَهُ الزِّيَادَةُ وَلَوْ وَجَدَهُ تِسْعَةَ أَذْرُعٍ لَا يَحُطُّ عَنْهُ شَيْئًا مِنْ الثَّمَنِ فَالْمُسْلَمُ فِيهِ لَا يَنْقَسِمُ عَلَى عَدَدِ الذَّرِعَانِ فَيُشْتَرَطُ فِيهِ إعْلَامُهُ ثُمَّ لَا يُتَصَوَّرُ اسْتِحْقَاقُ ذَرْعٍ بِعَيْنِهِ مِنْ الثَّوْبِ وَإِنَّمَا يُتَصَوَّرُ اسْتِحْقَاقُ

<<  <  ج: ص:  >  >>