الطُّولَ وَالْعَرْضَ وَلَا بُدَّ مِنْ بَيَانِ الْوَزْنِ أَيْضًا فِيمَا تَخْتَلِفُ مَالِيَّتُهُ بِالثِّقَلِ وَالْخِفَّةِ كَالْحَرِيرِ وَالْوَذَارِيِّ وَمَا أَشْبَهَ ذَلِكَ وَإِنْ اشْتَرَطَ الطُّولَ وَالْعَرْضَ بِقِيمَانِ غَيْرِ الذِّرَاعِ فَإِنْ كَانَ قِيمَانًا مَعْرُوفًا مِنْ قَيَامِينِ التُّجَّارِ فَهُوَ جَائِزٌ لِأَنَّ الْمِقْدَارَ يَصِيرُ مَعْلُومًا بِذَلِكَ وَهُوَ الْمَقْصُودُ وَكَذَلِكَ الْقُدْرَةُ عَلَى التَّسْلِيمِ تَحْصُلُ بِتَسْمِيَةِ ذَلِكَ
قَالَ: (وَإِنْ اشْتَرَطَ الرَّجُلُ فِي سَلَمِهِ ثَوْبًا جَيِّدًا ثُمَّ جَاءَ بِهِ الْمُسْلَمُ إلَيْهِ فَقَالَ: رَبُّ السَّلَمِ لَيْسَ هَذَا بِجَيِّدٍ وَقَالَ: الْمُسْلَمُ إلَيْهِ جَيِّدٌ فَإِنَّ الْحَاكِمَ يُرِيه رَجُلَيْنِ مِنْ أَهْلِ تِلْكَ الصِّنَاعَةِ) لِأَنَّهُ لَا عِلْمَ عِنْدَهُ فِيمَا إذَا اخْتَلَفَا فِيهِ فَيَرْجِعُ إلَى مَنْ لَهُ فِيهِ عِلْمٌ كَمَا لَوْ احْتَاجَ إلَى مَعْرِفَةِ قِيمَةِ الْمُسْتَهْلِكِ وَالْأَصْلُ فِيهِ قَوْله تَعَالَى {فَاسْأَلُوا أَهْلَ الذِّكْرِ إنْ كُنْتُمْ لَا تَعْلَمُونَ} [النحل: ٤٣] فَإِذَا اجْتَمَعَا عَلَى أَنَّهُ جَيِّدٌ مِمَّا يَقَعُ عَلَيْهِ اسْمُ الْجَوْدَةِ وَإِنْ كَانَ لَيْسَ نِهَايَةً فِي الْجَوْدَةِ أُجْبِرَ رَبُّ السَّلَمِ عَلَى أَخْذِهِ لِأَنَّ الْمُسْلَمَ إلَيْهِ وَفَّى بِمَا شَرَطَ لَهُ فَالْمُسْتَحَقُّ بِالتَّسْمِيَةِ أَدْنَى مَا يَتَنَاوَلُهُ الِاسْمُ إذْ لَا نِهَايَةَ لِلْأَعْلَى فَإِنَّهُ مَا مِنْ جَيِّدٍ إلَّا وَفَوْقَهُ أَجْوَدُ مِنْهُ أَلَا تَرَى أَنَّهُ لَوْ اُشْتُرِطَ فِي الْعَبْدِ أَنَّهُ كَاتِبٌ أَوْ خَبَّازٌ فَإِنَّهُ يَسْتَحِقُّ بِهِ أَدْنَى مَا يَتَنَاوَلُهُ الِاسْمُ وَإِنَّمَا شَرَطَ الْمُثَنَّى لِأَنَّهُ يَحْتَاجُ إلَى فَصْلِ الْخُصُومَةِ بَيْنَهُمَا، وَإِنَّمَا يُمْكِنُهُ ذَلِكَ بِحُجَّةٍ تَامَّةٍ وَهُوَ قَوْلُ الْمُثَنَّى
قَالَ: (وَإِنْ كَانَ اشْتَرَطَ وَسَطًا فَأَتَاهُ الْمُسْلَمُ إلَيْهِ بِجَيِّدٍ أُجْبِرَ رَبُّ السَّلَمِ عَلَى قَبُولِهِ) وَعَلَى قَوْلِ زُفَرَ لَا يُجْبَرُ لِأَنَّ الْجَيِّدَ غَيْرُ الْوَسَطِ وَهُوَ مُتَبَرِّعٌ عَلَيْهِ بِصِفَةِ الْجَوْدَةِ وَلَوْ تَبَرَّعَ عَلَيْهِ بِزِيَادَةِ قَدْرٍ كَانَ لَهُ أَنْ لَا يَقْبَلَ تَبَرُّعَهُ فَكَذَلِكَ إذَا تَبَرَّعَ بِالْجَوْدَةِ وَلَكِنَّا نَقُولُ أَوْفَاهُ حَقَّهُ بِكَمَالِهِ وَأَحْسَنَ فِي قَضَاءِ الدَّيْنِ قَالَ: - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «خَيْرُكُمْ أَحْسَنُكُمْ قَضَاءً لِلدَّيْنِ» وَقَالَ: «لِلْوَازِنِ زِنْ وَأَرْجِحْ فَإِنَّا مَعَاشِرَ الْأَنْبِيَاءِ هَكَذَا نَزِنْ».
قَالَ: (فَإِنْ أَتَاهُ بِالثَّوْبِ الْجَيِّدِ وَالْمَشْرُوطِ عَلَيْهِ ثَوْبٌ وَسَطٌ وَقَالَ: خُذْ هَذَا وَزِدْنِي دِرْهَمًا فَلَا بَأْسَ بِذَلِكَ إنْ فَعَلَ) وَهَذِهِ فِي الْحَاصِلِ ثَمَانِيَةُ فُصُولٍ أَرْبَعَةٌ فِي الثِّيَابِ وَأَرْبَعَةٌ فِي الْمُقَدَّرَاتِ أَمَّا فِي الثِّيَابِ إنْ أَتَاهُ بِأَزْيَدَ وَصْفًا أَوْ بِدُونٍ وَصْفًا أَوْ بِأَزْيَدَ قَدْرًا أَوْ بِأَنْقَصَ قَدْرًا أَمَّا فِي الثِّيَابِ إنْ أَتَاهُ بِأَزْيَدَ وَصْفًا أَوْ ذِرَاعًا بِأَنْ أَتَاهُ بِأَحَدَ عَشَرَ ذِرَاعًا وَقَدْ كَانَ الْمُسْلَمُ فِيهِ عَشَرَةَ أَذْرُعٍ فَقَالَ: خُذْ هَذَا وَزِدْنِي دِرْهَمًا يَجُوزُ وَتَكُونُ تِلْكَ الزِّيَادَةُ بِمُقَابَلَةِ صِفَةِ الْجَوْدَةِ أَوْ الذِّرَاعِ الزَّائِدِ وَذَلِكَ مُسْتَقِيمٌ أَلَا تَرَى أَنَّهُ لَوْ بَاعَهُ ثَوْبًا جَيِّدًا بِثَوْبٍ وَسَطٍ وَدِرْهَمٍ يَجُوزُ وَلَوْ بَاعَهُ أَحَدَ عَشَرَ ذِرَاعًا بِعَشَرَةِ أَذْرُعٍ وَدِرْهَمٍ يَجُوزُ فَكَذَلِكَ الْقَبْضُ بِحُكْمِ السَّلَمِ وَلَوْ أَتَاهُ بِأَنْقَصَ وَصْفًا بِأَنْ أَتَاهُ بِثَوْبٍ رَدِيءٍ فَقَالَ: خُذْ هَذَا وَأَرُدُّ عَلَيْكَ دِرْهَمًا لَا يَجُوزُ لِأَنَّ هَذَا مِنْهُمَا إقَالَةٌ لِلْعَقْدِ فِي الصِّفَةِ وَحِصَّةُ الصِّفَةِ مِنْ رَأْسِ الْمَالِ غَيْرُ مَعْلُومَةٍ فَلَا تَجُوزُ الْإِقَالَةُ فِيهِ وَكَذَلِكَ لَوْ أَتَاهُ بِتِسْعَةِ أَذْرُعٍ فَقَالَ: خُذْ هَذَا
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute