بِأَنْ يَجْعَلَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا نُصِيبَهُ فِي حَيِّزِهِ وَفِي الدَّيْنِ لَا يَتَحَقَّقُ ذَلِكَ ثُمَّ الْقِسْمَةُ لِتَوْفِيرِ الْمَنْفَعَةِ عَلَى كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا فِي نَصِيبِهِ وَقَطْعِ الِانْتِفَاعِ عَنْ نَصِيبِهِ وَذَلِكَ لَا يَتَحَقَّقُ فِي الدَّيْنِ قَبْلَ الْقَبْضِ فَإِذَا كَانَ الشَّرْطُ فِي عَقْدِ السَّلَمِ أَنْ يُوفِيَهُ فِي مَكَانِ كَذَا فَقَالَ: الْمُسْلَمُ إلَيْهِ خُذْهُ فِي مَكَان آخَرَ وَخُذْ مِنِّي الْكُرَّ إلَى ذَلِكَ الْمَكَانِ فَقَبَضَهُ كَانَ قَبْضُهُ جَائِزًا لِأَنَّهُ أَخَذَ حَقَّهُ وَلَا يَجُوزُ أَخْذُ الْكِرَا إلَّا أَنَّهُ يَمْلِكُ الْمَقْبُوضَ بِقَبْضِهِ وَإِنَّمَا يَحْمِلُ مِلْكَ نَفْسِهِ وَالْإِنْسَانُ فِي حَمْلِ مِلْكِ نَفْسِهِ لَا يَسْتَوْجِبُ الْأَجْرَ عَلَى الْغَيْرِ وَإِنَّمَا يَسْتَوْجِبُ الْأَجْرَ عَلَى الْغَيْرِ بِعَمَلٍ يُعْمَلُ لِلْغَيْرِ لَا لِنَفْسِهِ فَعَلَيْهِ رَدُّ مَا أَخَذَ مِنْ الْكِرَا وَهُوَ بِالْخِيَارِ إنْ شَاءَ رَضِيَ بِقَبْضِهِ وَإِنْ شَاءَ يَرُدُّهُ حَتَّى يُوفِيَهُ فِي الْمَكَانِ الَّذِي شَرَطَ لِأَنَّهُ إنَّمَا رَضِيَ بِقَبْضِهِ فِي غَيْرِ ذَلِكَ الْمَكَانِ بِشَرْطِ أَنْ يُسْلِمَ لَهُ الْكِرَا فَإِذَا لَمْ يُسْلِمْ لَا يَكُونُ رَاضِيًا بِهِ وَبِدُونِ رِضَاهُ لَا يَسْقُطُ مَا كَانَ مُسْتَحَقًّا لَهُ وَهُوَ الْمُطَالَبَةُ بِالْإِيفَاءِ فِي الْمَكَانِ الْمَشْرُوطِ فَإِنَّ هَلَكَ الْمَقْبُوضُ فِي يَدِهِ فَلَا شَيْءَ لَهُ لِأَنَّهُ تَمَّ قَبْضُهُ لِلْمُسْلَمِ فِيهِ وَإِنَّمَا كَانَ الْبَاقِي لَهُ مُجَرَّدُ خِيَارٍ وَقَدْ سَقَطَ ذَلِكَ بِهَلَاكِ الْمَقْبُوضِ فِي يَدِهِ وَالْخِيَارُ لَيْسَ بِمَالٍ فَلَا يَسْتَوْجِبُ حَقَّ الرُّجُوعِ بِشَيْءٍ عِنْدَ سُقُوطِ خِيَارِهِ
قَالَ: (وَلَا خَيْرَ فِي أَنْ يُسْلِمَ الْعُرُوضَ فِي تُرَابِ الْمَعْدِنِ وَلَا فِي تُرَابِ الصَّوَّاغِينَ) لِأَنَّ عَيْنَ التُّرَابِ غَيْرُ مَقْصُودٍ بَلْ مَا فِيهِ مِنْ الذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ وَقَدْ بَيَّنَّا أَنَّ السَّلَمَ فِي الذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ لَا يَجُوزُ وَلِأَنَّ بِذِكْرِ وَزْنِ التُّرَابِ لَا يَصِيرُ مَا هُوَ الْمَقْصُودُ مَعْلُومًا وَقَدْ يَخْلُو بَعْضُ التُّرَابِ مِنْهُ وَقَدْ يَقِلُّ فِيهِ وَقَدْ يَكْثُرُ فَعَرَفْنَا أَنَّمَا هُوَ الْمَقْصُودُ مَجْهُولٌ جَهَالَةً لَا تَقْبَلُ الْإِعْلَامَ فَكَانَ الْعَقْدُ بَاطِلًا لِذَلِكَ.
وَلَا بَأْسَ بِأَنْ يُسْلِمَ الْحِنْطَةَ وَمَا أَشْبَهَهَا فِيمَا يُوزَنُ أَوْ يُكَالُ بِالرِّطْلِ لِمَا بَيَّنَّا أَنَّ مَا يُكَالُ بِالرِّطْلِ فَهُوَ مَوْزُونٌ وَاسِلَامُ الْمَكِيلِ فِي مَوْزُونٍ هُوَ مَبِيعٌ جَائِزٌ لِأَنَّهُ لَا يَجْتَمِعُ فِي الْبَدَلَيْنِ أَحَدُ الْوَصْفَيْنِ وَهُوَ الْجِنْسِيَّةُ وَالْقَدْرُ الْوَاحِدُ وَإِذَا اخْتَلَفَ النَّوْعَانِ مِمَّا يُكَالُ فَلَا بَأْسَ بِهِ اثْنَانِ بِوَاحِدٍ يَدًا بِيَدٍ وَلَا خَيْرَ فِيهِ نَسِيئَةً وَكَذَلِكَ الْمَوْزُونَاتُ وَقَدْ بَيَّنَّا هَذِهِ الْفُصُولَ فِي أَوَّلِ الْكِتَابِ
وَلَا بَأْسَ بِالْبَنَفْسَجِ بِالْحِنَّا وَالزِّئْبَقِ وَالْوَرْدِ رِطْلَيْنِ بِرِطْلٍ فَإِنَّ الْأَدْهَانَ أَجْنَاسٌ مُخْتَلِفَةٌ عِنْدَنَا وَعِنْدَ الشَّافِعِيِّ مَا اتَّحَدَ أَصْلُهُ مِنْهَا جِنْسٌ وَاحِدٌ وَفِيمَا اخْتَلَفَ أَصْلُهُ لَهُ قَوْلَانِ لِأَنَّ الِاسْمَ وَالْهَيْئَةَ وَاحِدٌ وَإِنَّمَا اخْتَلَفَ فِيهَا الرَّائِجَةُ وَبِاخْتِلَافِ الرَّائِجَةِ لَا يَخْتَلِفُ الْجِنْسُ كَالْمُنْتِنِ مِنْ اللَّحْمِ مَعَ غَيْرِ الْمُنْتِنِ وَلَكِنَّا نَقُولُ بِمَا حَلَّ بِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا مِنْ الصِّفَةِ اخْتَلَفَ الْأَصْلُ وَالْمَقْصُودُ وَمَنْعُ عَوْدِ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا إلَى مِثْلِ حَالِ صَاحِبِهِ فَيَخْتَلِفُ الْجِنْسُ كَالثِّيَابِ وَالْوَذَارِيِّ مَعَ الزِّنْدِيجِيِّ جِنْسَانِ مَعَ اتِّحَادِ الْأَصْلِ لِاخْتِلَافِ الْمَقْصُودِ وَعَلَى
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute