للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

يَتَعَلَّقُ الْعَقْدُ عَلَى قَدْرِهِ وَقَدْ سَبَقَ بَيَانُهُ.

وَلَا بَأْسَ بِأَنْ يَشْتَرِيَ الرَّجُلُ الشَّاةَ الْحَيَّةَ بِالشَّاةِ الْمَذْبُوحَةِ يَدًا بِيَدٍ لِأَنَّهُ بَيْعٌ عَدَدِيٌّ فَوْرِيٌّ فَالشَّاةُ الْحَيَّةُ لَا تُوزَنُ وَلَا خَيْرَ فِيهِ نَسِيئَةً لِأَنَّ النَّسِيئَةِ إنْ كَانَتْ فِي الشَّاةِ الْحَيَّةِ فَهُوَ سَلَمٌ فِي الْحَيَوَانِ وَإِنْ كَانَتْ فِي الْبَدَلِ الْآخَرِ فَهُوَ سَلَمٌ فِي اللَّحْمِ وَلَوْ كَانَتَا شَاتَيْنِ مَذْبُوحَتَيْنِ قَدْ سُلِخَتَا اشْتَرَاهُمَا رَجُلٌ بِشَاةٍ مَذْبُوحَةٍ لَمْ تُسْلَخْ كَانَ ذَلِكَ جَائِزًا أَيْضًا لِأَنَّ الْمِثْلَ مِنْ لَحْمِ الشَّاةِ بِمُقَابَلَةٍ مِنْ الشَّاتَيْنِ وَالْبَاقِي مِنْ لَحْمِ الشَّاتَيْنِ بِإِزَاءِ الْجِلْدِ وَالسَّقَطِ فَيَجُوزُ ذَلِكَ وَيُحْمَلُ مُطْلَقُ كَلَامِهِمَا عَلَيْهِ لِتَحْصِيلِ مَقْصُودِهِمَا وَلَوْ كَانَتْ الشَّاةُ لَيْسَ مَعَهَا جِلْدٌ كَانَ ذَلِكَ فَاسِدًا لِأَنَّ الْعَقْدَ اشْتَمَلَ عَلَى اللَّحْمِ فَقَطْ مِنْ الْجَانِبَيْنِ وَاللَّحْمُ مَوْزُونٌ فَإِذَا وُجِدَتْ الْجِنْسِيَّةُ وَالْوَزْنُ حَرُمَ التَّفَاضُلُ

قَالَ: (وَلَا بَأْسَ بِكُرِّ حِنْطَةٍ وَكُرِّ شَعِيرٍ بِثَلَاثَةِ أَكْرَارِ حِنْطَةٍ وَكُرِّ شَعِيرٍ يَدًا بِيَدٍ) فَتَكُونُ حِنْطَةُ هَذَا بِشَعِيرِ هَذَا وَشَعِيرُ هَذَا بِحِنْطَةِ هَذَا عِنْدَنَا اسْتِحْسَانًا وَالْقِيَاسُ أَنْ لَا يَجُوزَ وَهُوَ قَوْلُ زُفَرَ وَالشَّافِعِيِّ رَحِمَهُمَا اللَّهُ وَكَذَلِكَ لَوْ بَاعَ مُدَّ عَجْوَةٍ وَزَبِيبٍ بِمُدَّيْ عَجْوَةٍ وَزَبِيبٍ أَوْ بَاعَ دِينَارًا وَدِرْهَمٍ بِدِرْهَمَيْنِ وَدِينَارَيْنِ فَأَمَّا إذَا بَاعَ دِرْهَمًا جَيِّدًا وَدِرْهَمًا زَيِّفًا بِدِرْهَمَيْنِ جَيِّدِينَ يَجُوزُ عِنْدَ أَصْحَابِنَا - رَحِمَهُمُ اللَّهُ - وَعِنْدَ الشَّافِعِيِّ لَا يَجُوزُ وَكَذَلِكَ لَوْ بَاعَ دِينَارًا نَيْسَابُورِيًّا أَوْ دِينَارًا هَرَوِيًّا بِدِينَارَيْنِ نَيْسَابُورِيِّينَ أَوْ هَرَوِيَّيْنِ وَهَذَا بِنَاءً عَلَى الْأَصْلِ الَّذِي تَقَدَّمَ فَإِنَّ عِنْدَ الشَّافِعِيِّ - رَحِمَهُ اللَّهُ - لِلْجَوْدَةِ قِيمَةٌ فِي الْأَمْوَالِ الرِّبَوِيَّةِ عِنْدَ الْمُقَابَلَةِ بِجِنْسِهَا فَإِنَّمَا يَنْقَسِمُ الدِّرْهَمَانِ الْجَيِّدَانِ عَلَى الْجَيِّدِ وَالزَّيِّفِ بِاعْتِبَارِ الْقِيمَةِ فَيُصِيبُ الْجَيِّدُ أَكْثَرَ مِنْ وَزْنِهِ وَالزَّيِّفُ أَقَلَّ مِنْ وَزْنِهِ وَذَلِكَ رِبًا وَعِنْدَنَا لَا قِيمَةَ لِلْجَوْدَةِ فِي الْأَمْوَالِ الرِّبَوِيَّةِ عِنْدَ الْمُقَابَلَةِ بِجِنْسِهَا فَالْمُقَابَلَةُ بِاعْتِبَارِ الْأَجْزَاءِ وَيَجُوزُ الْعَقْدُ لِوُجُودِ الْمُسَاوَاةِ فِي الْوَزْنِ عَمَلًا بِقَوْلِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «الذَّهَبُ بِالذَّهَبِ مِثْلٌ بِمِثْلٍ وَالْفِضَّةُ بِالْفِضَّةِ مِثْلٌ بِمِثْلٍ يَدٌ بِيَدٍ» وَبِقَوْلِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «جَيِّدُهَا وَرَدِيئُهَا سَوَاءٌ»

وَأَمَّا الْكَلَامُ فِي الْفَصْلِ الثَّانِي فَوَجْهُ الْقِيَاسِ فِيهِ أَنَّ الْعَقْدَ مَتَى اشْتَمَلَ عَلَى أَعْوَاضٍ مِنْ أَجْنَاسٍ مُخْتَلِفَةٍ يَنْقَسِمُ الْبَعْضُ عَلَى الْبَعْضِ بِاعْتِبَارِ الْقِيمَةِ كَمَا لَوْ بَاعَ عَبْدًا أَوْ ثَوْبًا بِجَارِيَةٍ وَحِمَارٍ وَهَذَا لِأَنَّ الِانْقِسَامَ يَكُونُ عَلَى وَجْهٍ يَعْتَدِلُ فِيهِ النَّظَرُ مِنْ الْجَانِبَيْنِ حَالَ بَقَاءِ الْعَقْدِ وَحَالَ انْفِسَاخِهِ فِي الْبَعْضِ يُعَارِضُ وَإِنَّمَا يَكُونُ ذَلِكَ فِي الِانْقِسَامِ بِاعْتِبَارِ الْقِيمَةِ وَأَمَّا فِي صَرْفِ الْجِنْسِ إلَى خِلَافِ الْجِنْسِ يَتَضَرَّرُ أَحَدُهُمَا عِنْدَ انْفِسَاخِ الْعَقْدِ فِي الْبَعْضِ بِعَارِضٍ وَالدَّلِيلُ عَلَيْهِ أَنَّهُ بَاعَ قَفِيزَ تَمْرٍ بِقَفِيزَيْ تَمْرٍ لَا يَجُوزُ وَلَا يُجْعَلُ التَّمْرُ مِنْ كُلِّ جَانِبٍ بِمُقَابَلَةِ النَّوَى مِنْ الْجَانِبِ الْآخَرِ وَلَوْ بَاعَ مَنًّا مِنْ لَحْمٍ بِنَوَى لَحْمٍ لَا يَجُوزُ وَلَا يُجْعَلُ اللَّحْمُ مِنْ كُلِّ جَانِبٍ بِمُقَابَلَةِ الْعَظْمِ مِنْ الْجَانِبِ الْآخَرِ حَتَّى يَجُوزَ وَلَوْ اشْتَرَى عَبْدًا بِأَلْفِ

<<  <  ج: ص:  >  >>