يَصِحُّ أَبَرَاؤُهُمَا وَتَأْجِيلُهُمَا فِيمَا وَجَبَ لِلصَّبِيِّ بِعَقْدِهِمَا عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ وَمُحَمَّدٍ رَحِمَهُمَا اللَّهُ تَعَالَى وَكَانَا ضَامِنِينَ لَهُ فَأَمَّا فِيمَا وَجَبَ لَا بِعَقْدِهِمَا لَا يَصِحُّ لِأَنَّهُمَا ثَابِتَانِ أَمَرَا بِالتَّصَرُّفِ فِي مَالِهِ عَلَى وَجْهِ الْأَحْسَنِ وَذَلِكَ لَا يَحْصُلُ بِالْإِبْرَاءِ
قَالَ: (وَالتَّأْجِيلُ وَالْمُتَارَكَةُ مِنْ الْوَكِيلِ بِالثَّمَنِ صَحِيحٌ فِي حَقِّ الْمُسْلَمِ إلَيْهِ بِخِلَافِ الْوَكِيل بِالشِّرَاءِ فَإِنَّ إقَالَتَهُ لَا تَصِحُّ) لِأَنَّ هُنَاكَ عَيْنَ الْمُشْتَرِي مَمْلُوكٌ لِلْمُوَكِّلِ فَالْإِقَالَةُ تُصْرَفُ مِنْهُ فِي مَحِلٍّ هُوَ حَقُّ الْغَيْرِ وَهُنَا الْمُسْلَمُ فِيهِ دَيْنٌ وَالثَّابِتُ بِهِ حَقُّ الْقَبْضِ مَا دَامَ فِي الذِّمَّةِ وَهُوَ حَقُّ الْوَكِيلُ وَإِنْ احْتَالَ بِالْمُسْلَمِ فِيهِ عَلَى مَلِيءٍ أَوْ غَيْرِ مَلِيءٍ جَازَ عَلَيْهِ خَاصَّةً وَيَضْمَنُ لِلْأُمِّ طَعَامَهُ لِأَنَّهُ تَصَرَّفَ فِي خَالِصِ حَقِّهِ بِالتَّحْوِيلِ مِنْ مَحِلٍّ إلَى مَحِلٍّ فَهُوَ عَلَى الْخِلَافِ الَّذِي بَيَّنَّا فِي الْإِبْرَاءِ وَيَسْتَوْفِي فِي حُكْمِ الضَّمَانِ أَنْ يَكُونَ الْمُحْتَالُ عَلَيْهِ أَعْلَى أَوْ أَسْفَلَ بِخِلَافِ الْأَبِ وَالْوَصِيِّ فَإِنَّهُمَا لَوْ قَبِلَا الْحَوَالَةَ عَلَى مَنْ هُوَ أَعْلَى لَمْ يَضْمَنَا شَيْئًا لِأَنَّهُ تَصَرُّفٌ مِنْهُمَا فِي حَقِّ الصَّبِيِّ عَلَى وَجْهِ الْأَحْسَنِ وَهُمَا يَمْلِكَانِ الْمُبَادَلَةِ فِي حَقِّهِ بِصِفَةِ النَّظَرِ فَإِذَا بَادَلَا ذِمَّةً بِذِمَّةٍ عَلَى وَجْهِ النَّظَرِ لَمْ يَضْمَنَا وَالْوَكِيلُ لَا يَمْلِكُ مِثْلَهُ فِي حَقِّ الْمُوَكِّلِ فَلِهَذَا ضَمِنَهُ
قَالَ: (وَإِنْ اقْتَضَى الطَّعَامُ أَدْوَنَ مِنْ شَرْطِهِ فَهُوَ جَائِزٌ) لِأَنَّهُ أَبْرَأَهُ عَنْ صِفَةِ الْجُودَةِ وَلَوْ أَبْرَأَهُ عَنْ أَصْلِهِ جَازَ وَضَمِنَ لِلْمُوَكِّلِ مِثْلَ طَعَامِهِ عِنْدَهُمَا فَكَذَلِكَ إذَا رَضِيَ بِدُونِ حَقِّهِ
وَإِذَا عَقَدَ الْوَكِيلُ السَّلَمَ ثُمَّ أَمَرَ الْمُوَكِّلَ بِأَدَاءِ رَأْسِ الْمَالِ وَذَهَبَ الْوَكِيلُ بَطَلَ السَّلَمُ لِأَنَّ وُجُوبَ قَبْضِ رَأْسِ الْمَالِ قَبْلَ الِافْتِرَاقِ مِنْ حُقُوقِ الْعَقْدِ فَيَتَعَلَّقُ بِالْعَاقِدِ وَهُوَ الْوَكِيلُ وَالْمُوَكِّلُ فِيهِ كَأَجْنَبِيِّ آخَرَ فَلَا مُعْتَبَرَ بِبَقَائِهِ فِي الْمَجْلِسِ بَعْدَ ذَهَابِ الْعَاقِدِ وَلَا بِذَهَابِهِ إذَا بَقِيَ الْمُتَعَاقِدَانِ فِي الْمَجْلِسِ
فَإِذَا وَكَّلَهُ أَنْ يُسْلِمَ لَهُ عَشْرَةَ دَرَاهِمَ فِي كُرِّ حِنْطَةٍ فَأَسْلَمَهَا فِي قَفِيزِ حِنْطَةٍ فَهُوَ جَائِزٌ عَلَى الْوَكِيلِ دُونَ الْمُوَكِّلِ لِأَنَّهُ وَكِيلٌ بِالشِّرَاءِ فَالْمُسْلَمُ فِيهِ مَبِيعٌ وَرَبُّ السَّلَمِ مُشْتَرٍ وَالْوَكِيلُ بِالشِّرَاءِ لَا يَمْلِكُ الشِّرَاءِ فِي حَقِّ الْمُوَكِّلِ بِالْغَبْنِ الْفَاحِشِ لِمَا فِيهِ مِنْ التُّهْمَةِ أَنَّهُ بَاشَرَ التَّصَرُّفَ لِنَفْسِهِ ثُمَّ لَمَّا عَلِمَ بِالْغَبْنِ أَرَادَ أَنْ يُلْزِمُهُ الْمُوَكِّلُ فَإِذَا نَفَذَ الْعَقْدُ عَلَيْهِ ضَمِنَ لِلْمُوَكِّلِ كُلَّ دَرَاهِمِهِ لِأَنَّهُ قَضَى بِدَرَاهِمِهِ دَيْنَ نَفْسِهِ فَإِنْ أَسْلَمَهَا فِي حِنْطَةٍ يَكُونُ نُقْصَانُهَا عَنْ رَأْسِ الْمَالِ مِمَّا يَتَغَابَنُ النَّاسُ فِي مِثْلِهِ جَازَ عَلَى الْمُوَكِّلِ لِأَنَّ هُنَا الْعُذْرَ لَا يُسْتَطَاعُ الِامْتِنَاعُ عَنْهُ إلَّا بِحَرَجٍ فَكَانَ عَفْوًا فِي تَصَرُّفِهِ لِغَيْرِهِ شِرَاءً كَانَ أَوْ بَيْعًا
قَالَ: (وَإِذَا وَكَّلَهُ أَنْ يُسْلِمَ لَهُ عَشَرَةَ دَرَاهِمَ فِي طَعَامٍ فَالطَّعَامُ الدَّقِيقُ وَالْحِنْطَةُ عِنْدَنَا اسْتِحْسَانًا وَفِي الْقِيَاسِ هَذَا التَّوْكِيلُ بَاطِلٌ) لِأَنَّ اسْمَ الطَّعَامِ حَقِيقَةً لِكُلِّ مَطْعُومٍ بِدَلِيلِ مَا لَوْ حَلَفَ أَنْ لَا يَأْكُلَ طَعَامًا وَمَا أَوْصَى لِلْإِنْسَانِ بِطَعَامِهِ وَالْمَطْعُومَاتُ أَجْنَاسٌ مُخْتَلِفَةٌ وَجَهَالَةُ الْجِنْسِ تَمْنَعُ صِحَّةَ الْوَكَالَةِ وَلَكِنْ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute