للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لَا يَقْدِرُ الْوَكِيلُ عَلَى تَحْصِيلِ مَقْصُودِ الْمُوَكِّلِ فَيَبْطُلُ التَّوْكِيلُ فَإِنَّ الْوَكِيلَ كَانَ عَاقِدًا لِنَفْسِهِ وَرُوِيَ عَنْ أَبِي يُوسُفَ أَنَّهُ قَالَ: يَنْظُرُ الْوَكِيلُ إلَى لِبَاسِ الْمُوَكِّلِ فَإِذَا اشْتَرَى الْوَكِيلُ مِنْ جِنْسِ لِبَاس الْمُوَكِّلِ يَجُوزُ وَيَلْزَمُ الْمُوَكِّلَ لِأَنَّ الظَّاهِرَ أَنَّ الْإِنْسَانَ إنَّمَا يَأْمُرُ غَيْرُهُ بِشِرَاءِ الثَّوْبِ لِيَلْبَسَهُ فَيَعْتَبِرُ بِثِيَابِهِ فَإِنْ سَمَّى الْمُوَكِّلُ ثَوْبًا يَهُودِيًّا أَوْ غَيْرِهِ جَازَ لِأَنَّ الْجِنْسَ صَارَ مَعْلُومًا وَإِنَّمَا بَقِيَتْ الْجَهَالَةُ فِي الصِّفَةِ وَلَا تَأْثِيرَ لِجَهَالَةِ الصِّفَةِ فِي الْعُقُودِ الْمَبْنِيَّةِ عَلَى التَّوَسُّعِ وَالْوَكَالَةُ بِهَذِهِ الصِّفَةِ فَإِنْ خَالَفَهُ الْوَكِيلُ فَأَسْلَمَ فِي غَيْرِهِ أَوْ إلَى غَيْرِ الْأَجَلِ الَّذِي سَمَّاهُ كَانَ عَاقِدًا لِنَفْسِهِ وَلِلْمُوَكِّلِ أَنْ يَضْمَنَهُ دَرَاهِمَهُ فَإِنْ ضَمِنَهُ إيَّاهَا جَازَ السَّلَمُ وَإِنْ ضَمِنَهَا الْمُسْلَمُ إلَيْهِ بَطَلَ السَّلَمُ لِانْتِقَاضِ قَبَضَهُ فِي رَأْسِ الْمَالِ بَعْدَ الِانْتِقَاضِ مِنْ الْأَصْلِ

قَالَ: (وَإِذَا دَفْعَ الْوَكِيلُ الدَّرَاهِمَ سَلَّمَهَا عَلَى مَا أَمَرَهُ بِهِ الْآمِرُ وَلَمْ يُشْهِدْ عَلَى الْمُسْلَمِ إلَيْهِ بِالِاسْتِيفَاءِ ثُمَّ جَاءَ الْمُسْلَمُ إلَيْهِ بِدَرَاهِمَ زُيُوفٍ يَرُدُّهَا عَلَيْهِ فَقَالَ: وَجَدْتُهَا فِيهَا فَهُوَ مُصَدَّقٌ) لِأَنَّهُ يُنْكِرُ اسْتِيفَاءَ حَقِّهِ فَالْقَوْلُ قَوْلُهُ مَعَ يَمِينِهِ وَيَقْضِي لَهُ عَلَى الْوَكِيلِ بِبَدَلِهِ وَيَرْجِعُ بِهِ الْوَكِيلُ عَلَى الْمُوَكِّلِ لِأَنَّهُ فِي تَصَرُّفُهُ عَامِلٌ لَهُ فَيَرْجِعُ عَلَيْهِ بِمَا يَلْحَقُهُ بِالْعُهْدَةِ وَإِنْ كَانَ أَشْهَدَ عَلَيْهِ بِالِاسْتِيفَاءِ لَمْ يُصَدَّقْ بَعْدَ ذَلِكَ عَلَى ادِّعَائِهِ أَنَّهُ زُيَّفٌ مَعْنَاهُ إذَا أَقَرَّ الْمُسْلَمُ إلَيْهِ بِاسْتِيفَاءِ الْجِيَادِ أَوْ بِاسْتِيفَاءِ حَقِّهِ أَوْ بِاسْتِيفَاءِ رَأْسِ الْمَالِ فَهُوَ مُنَاقِضٌ بَعْدَ ذَلِكَ فِي دَعْوَاهُ أَنَّهُ زُيُوفٌ فَلَا يُسْمَعُ بَعْدَ ذَلِكَ مِنْهُ وَلَا تُقْبَلُ بَيِّنَتُهُ عَلَيْهِ وَلَا يَتَوَجَّهُ الْيَمِينُ عَلَى خَصْمِهِ فَأَمَّا إذَا أَقَرَّ بِاسْتِيفَاءِ الدَّرَاهِمِ فَاسْمُ الدَّرَاهِمِ يَتَنَاوَلُ الزُّيُوفَ وَالْجِيَادَ فَلَا يَكُونُ مُنَاقِضًا فِي قَوْلِهِ وَجَدْتُهَا زُيُوفًا.

قَالَ: (وَاذَا وَكَّلَهُ بِأَنْ يُسْلِمَ لَهُ عَشَرَةَ دَرَاهِمَ مِنْ الدَّيْنِ الَّذِي لَهُ عَلَيْهِ فِي حِنْطَةٍ فَأَسْلَمَهَا لَهُ فَهُوَ عَاقِدٌ لِنَفْسِهِ حَتَّى يَقْبِضَ الطَّعَامَ فَيُرِدْهُ إلَى الْآمِرِ مَكَانَ دَيْنِهِ) فَحِينَئِذٍ يُسْلِمُ لِلْآمِرِ إذَا تُرَاضِيَا عَلَيْهِ فِي قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ وَقَالَ: أَبُو يُوسُفَ وَمُحَمَّدٍ رَحِمَهُمَا اللَّهُ هُوَ جَائِزٌ عَلَى الْآمِرِ وَكَذَلِكَ لَوْ أَمَرَهُ أَنْ يَصْرِفَهَا لَهُ بِدَنَانِيرَ أَوْ يُشْتَرَى لَهُ بِهَا شَيْئًا سَمَّاهُ وَجْهُ قَوْلِهِمَا أَنَّ الدَّيْنَ فِي ذِمَّةِ الْمَدْيُونِ مِلْكُ صَاحِبِ الدَّيْنِ بِدَلِيلِ أَنْ يُطَالِبَهُ بِالتَّسْلِيمِ وَيَنْفَرِدُ بِاسْتِيفَاءِ جِنْسِهِ مِنْ مَالِهِ وَيُشْتَرَى مِنْهَا شَيْئًا فَيَجُوزُ فَإِنَّمَا أَضَافَ التَّوْكِيلُ إلَى مُلْكِهِ وَذَلِكَ صَحِيحٌ كَمَا لَوْ كَانَتْ الدَّرَاهِمُ وَدِيعَةً لَهُ فِي يَدِهِ أَوْ غَصْبًا فَوَكَّلَهُ أَنْ يَشْتَرِيَ لَهُ بِهَا وَالدَّلِيلُ عَلَيْهِ أَنَّهُ لَوْ عَيَّنَ الْمُسْلَمُ إلَيْهِ بِقَوْلِهِ أَسْلَمَهَا فِي طَعَامٍ إلَى فُلَانٍ أَوْ عَيَّنَ الْبَائِعُ أَوْ الْمَبِيعَ بِقَوْلِهِ اشْتَرِ لِي بِهَا عَبْدَ فُلَانٍ فَإِنَّهُ يَصِحُّ فَكَذَلِكَ إذَا أُطْلِقَ لِأَنَّ تَسْمِيَةَ مِنْ يُعَامِلُهُ الْوَكِيلُ لَيْسَ بِشَرْطِ لِصِحَّةِ الْوَكَالَة يُوَضِّحُهُ أَنَّهُ لَوْ قَالَ: تَصَدَّقْ بِمَا لِي عَلَيْكَ عَلَى الْمَسَاكِينِ يَجُوزُ بِمَنْزِلَةِ مَا لَوْ قَالَ: تَصَدَّقْ بِهِ عَلَى فُلَانٍ فَكَذَلِكَ إذَا أَمَرَهُ بِالشِّرَاءِ بِهِ وَلَأَبِي حَنِيفَةَ حَرْفَانِ (أَحَدُهُمَا) أَنَّهُ

<<  <  ج: ص:  >  >>