للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

يَفْسُدُ الْعَقْدُ كُلُّهُ فَفِي الْمَوْضِعِ الَّذِي لَمْ يَجِدْ أَحَدَ مَا سَمَّى أَصْلًا أَوْلَى أَنْ يَفْسُدَ الْعَقْدُ كُلُّهُ وَهُمَا فِي الْمَعْنَى سَوَاءٌ؛ لِأَنَّ بُطْلَانَ الْعَقْدِ عِنْدَ اخْتِلَافِ الْجِنْسِ؛ لِأَنَّهُ عَدِمَ الْجِنْسَ الَّذِي سَمَّى، وَقَدْ تَعَلَّقَ الْعَقْدُ بِهِ كَذَا هُنَا قَالَ وَالْأَصَحُّ عِنْدِي أَنَّ هَذَا قَوْلُهُمْ جَمِيعًا؛ لِأَنَّ أَبَا حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ - فِي نَظَائِرِ هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ إنَّمَا يَفْسُدُ الْعَقْدُ فِي الْكُلِّ لِوُجُودِ الْعِلَّةِ الْمُفْسِدَةِ، وَهُوَ أَنَّهُ جَعَلَ قَبُولَ الْعَقْدِ فِيمَا يَفْسُدُ فِيهِ الْعَقْدُ شَرْطًا لِقَبُولِهِ فِي الْآخَرِ، وَهَذَا لَا يُوجَدُ هُنَا فَإِنَّهُ مَا شَرَطَ قَبُولَ الْعَقْدِ فِي الْمَعْدُومِ وَلَا قَصَدَ إيرَادَ الْعَقْدِ عَلَى الْمُعْدَمِ، وَإِنَّمَا قَصَدَ إيرَادَهُ عَلَى الْمَوْجُودِ فَقَطْ وَلَكِنَّهُ غَلَطَ فِي الْعَدَدِ بِخِلَافِ مَسْأَلَةِ الزِّيَادَاتِ فَإِنَّ هُنَاكَ جُعِلَ قَبُولُ الْعَقْدِ فِي كُلِّ وَاحِدٍ مِنْ الثَّوْبَيْنِ شَرْطًا فِي قَبُولِهِ فِي الْآخَرِ، وَهُوَ شَرْطٌ فَاسِدٌ وَهَكَذَا الْجَوَابُ فِي كُلِّ عَدَدِيٍّ يَتَفَاوَتُ نَحْوُ مَا إذَا اشْتَرَى قَطِيعًا مِنْ الْغَنَمِ عَلَى أَنَّهَا خَمْسُونَ فَوَجَدَهُ أَزْيَدَ فَالْجَوَابُ عَلَى التَّقْسِيمِ الَّذِي ذَكَرْنَا

وَفِي الْمَكِيلَاتِ إذَا اشْتَرَى صُبْرَةً مِنْ حِنْطَةٍ عَلَى أَنَّهَا خَمْسُونَ فَإِنَّهُ يَجُوزُ الْعَقْدُ سَوَاءٌ سَمَّى ثَمَنَ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْ الْقُفْزَانِ أَوْ لَمْ يُسَمِّ؛ لِأَنَّ الْقُفْزَانَ مِمَّا لَا تَتَفَاوَتُ فِي نَفْسِهَا فَكَانَتْ حِصَّةُ كُلِّ قَفِيزٍ مِنْ الثَّمَنِ مَعْلُومَةٌ وَكَذَلِكَ الْوَزْنِيَّاتُ وَكَذَلِكَ فِي الْعَدَدِيَّاتِ الْمُتَقَارِبَةِ نَحْوُ مَا إذَا اشْتَرَى عَدْلَ جَوْزٍ عَلَى أَنَّهُ خَمْسَةُ آلَافٍ فَإِذَا هِيَ أَنْقَصُ أَوْ أَزْيَدُ فَإِنَّهُ يَجُوزُ الْعَقْدُ لِمَا ذَكَرْنَا

وَإِذَا اشْتَرَى الرَّجُلُ مِنْ الرَّجُلِ عَبْدَيْنِ صَفْقَةً وَاحِدَةً بِأَلْفِ دِرْهَمٍ فَإِذَا أَحَدُهُمَا حُرٌّ فَالْبَيْعُ فَاسِدٌ فِيهِمَا فَكَذَا إذَا لَمْ يُسَمِّ لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا ثَمَنًا فَظَاهِرٌ؛ لِأَنَّ الْحُرَّ لَا يَدْخُلُ فِي الْعَقْدِ؛ لِأَنَّ دُخُولَ الشَّيْءِ فِي الْعَقْدِ بِصِفَةِ الْمَالِيَّةِ وَالتَّقَوُّمِ، وَذَلِكَ لَا يُوجَدُ فِي الْحُرِّ فَلَوْ جَازَ الْعَقْدُ فِي الْعَبْدِ إنَّمَا يَجُوزُ بِالْحِصَّةِ وَالْبَيْعُ بِالْحِصَّةِ لَا يَنْعَقِدُ ابْتِدَاءً عَلَى الصِّحَّةِ لِمَعْنَى الْجَهَالَةِ كَمَا لَوْ قَالَ اشْتَرَيْتُ مِنْكَ هَذَا الْعَبْدَ بِمَا يَخُصُّهُ مِنْ الْأَلْفِ إذَا قُسِمَ عَلَى قِيمَتِهِ وَقِيمَةِ هَذَا الْعَبْدِ الْآخَرِ لِجَهَالَةِ الثَّمَنِ كَذَلِكَ هُنَا فَإِنْ كَانَ سَمَّى لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا ثَمَنًا قَالَ اشْتَرَيْتُهُمَا بِأَلْفٍ لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا بِخَمْسِمِائَةٍ، فَكَذَلِكَ الْجَوَابُ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ.

وَقَالَ أَبُو يُوسُفَ وَمُحَمَّدٌ - رَحِمَهُمَا اللَّهُ -: الْعَقْدُ جَائِزٌ فِي الْعَبْدِ بِمَا سَمَّى بِمُقَابَلَتِهِ مِنْ الثَّمَنِ، وَكَذَلِكَ لَوْ اشْتَرَى شَاتَيْنِ مَسْلُوخَتَيْنِ فَإِذَا أَحَدُهُمَا مَيْتَةٌ أَوْ ذَبِيحَةُ مَجُوسِيٍّ أَوْ ذَبِيحَةُ مُسْلِمٍ تَرَكَ التَّسْمِيَةَ عَلَيْهَا عَمْدًا فَإِنَّ ذَلِكَ وَالْمَيْتَةَ سَوَاءٌ عِنْدَنَا، وَالْجَوَابُ عَلَى التَّفْصِيلِ الَّذِي قُلْنَا، وَكَذَلِكَ إذَا اشْتَرَى دَنَّيْنِ مِنْ خَلٍّ فَإِذَا أَحَدُهُمَا خَمْرٌ وَهَذَا الْجِنْسُ نَظِيرُ مَا سَبَقَ

إذَا أَسْلَمَ كُرَّ حِنْطَةٍ فِي شَعِيرٍ وَزَيْتٍ فَطَرِيقُهُمَا أَنَّ الْفَسَادَ يَقْتَصِرُ عَلَى مَا وُجِدَتْ فِيهِ الْعِلَّةُ الْمُفْسِدَةُ وَعِنْدَ تَسْمِيَةِ الثَّمَنِ لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا قَدْ انْعَدَمَتْ الْعِلَّةُ الْمُفْسِدَةُ فِيمَا هُوَ مَالٌ مُتَقَوِّمٌ مِنْهُمَا

<<  <  ج: ص:  >  >>