عَلَيْهِ فَإِنَّ ذَلِكَ يَخْتَلِفُ بِاخْتِلَافِ وَزْنِ الزِّقِّ فَالْبَائِعُ يَدَّعِي الزِّيَادَةَ فَعَلَيْهِ الْبَيِّنَةُ وَالْمُشْتَرِي مُنْكِرٌ لِلزِّيَادَةِ فَالْقَوْلُ قَوْلُهُ مَعَ يَمِينِهِ
قَالَ وَإِنْ اشْتَرَى عَبْدَيْنِ فَقَبَضَ أَحَدَهُمَا وَمَاتَ عَنْهُ وَمَاتَ الْآخَرُ عِنْدَ الْبَائِعِ ثُمَّ اخْتَلَفَا فِي قِيمَةِ الْمَقْبُوضِ وَفِي قِيمَةِ الْآخَرِ فَالْقَوْلُ قَوْلُ الْمُشْتَرِي مَعَ يَمِينِهِ؛ لِأَنَّ حَاصِلَ اخْتِلَافِهِمَا فِي مِقْدَارِ مَا قَبَضَهُ الْمُشْتَرِي فَالْبَائِعُ يَقُولُ قَبَضْتُ ثُلُثَيْ الْمَعْقُودِ عَلَيْهِ فَإِنَّ قِيمَةَ الْمَقْبُوضِ أَلْفٌ وَقِيمَةَ الْآخَرِ خَمْسُمِائَةٍ وَالْمُشْتَرِي يُنْكِرُ ذَلِكَ وَيَقُولُ مَا قَبَضْتُ إلَّا ثُلُثَ الْمَعْقُودِ عَلَيْهِ فَإِنَّ قِيمَةَ الْمَقْبُوضِ خَمْسُمِائَةٍ وَقِيمَةَ الْآخَرِ أَلْفٌ فَالْقَوْلُ قَوْلُ الْمُشْتَرِي مَعَ يَمِينِهِ لِإِنْكَارِهِ الْقَبْضَ فِيمَا زَادَ عَلَى الثُّلُثِ، أَلَا تَرَى أَنَّهُ لَوْ اشْتَرَى كُرَّ حِنْطَةٍ فَقَبَضَ بَعْضَهُ وَهَلَكَ الْبَاقِي عِنْدَ الْبَائِعِ فَقَالَ الْمُشْتَرِي: قَبَضْتُ مِنْكَ ثُلُثَهُ، وَقَالَ الْبَائِعُ نِصْفَهُ كَانَ الْقَوْلُ قَوْلَ الْمُشْتَرِي مَعَ يَمِينِهِ.
وَلَوْ كَانَ الْمُشْتَرِي قَبَضَ الْعَبْدَيْنِ فَمَاتَ أَحَدُهُمَا عِنْدَهُ وَجَاءَ بِالْآخَرِ يَرُدُّهُ بِالْعَيْبِ فَاخْتَلَفَا فِي قِيمَةِ الْمَيِّتِ كَانَ الْقَوْلُ قَوْلَ الْبَائِعِ مَعَ يَمِينِهِ؛ لِأَنَّ الْمُشْتَرِيَ هُنَا قَبَضَ جَمِيعَ الْمَعْقُودِ عَلَيْهِ ثُمَّ وَقَعَ الِاخْتِلَافُ بَيْنَهُمَا فِي مِقْدَارِ مَا رَدَّهُ بِالْعَيْبِ فَالْمُشْتَرِي يَدَّعِي الزِّيَادَةَ فِيهِ وَالْبَائِعُ يُنْكِرُهُ فَكَانَ الْقَوْلُ قَوْلَ الْمُنْكِرِ مَعَ يَمِينِهِ يُوَضِّحُ الْفَرْقَ، نَحْنُ نَعْلَمُ أَنَّ الثَّمَنَ كُلَّهُ لَمْ يَتَقَرَّرْ عَلَى الْمُشْتَرِي وَإِنَّمَا الِاخْتِلَافُ بَيْنَهُمَا فِي مِقْدَارِ مَا تَقَرَّرَ مِنْ الثَّمَنِ عَلَى الْمُشْتَرِي فَالْبَائِعُ يَدَّعِي فِي ذَلِكَ زِيَادَةً وَالْمُشْتَرِي مُنْكِرٌ رَدَّهُمَا اتَّفَقَا أَنَّ جَمِيعَ الثَّمَنِ مُتَقَرِّرٌ عَلَى الْمُشْتَرِي بِالْقَبْضِ ثُمَّ الِاخْتِلَافُ بَيْنَهُمَا فِي مِقْدَارِ مَا سَقَطَ عَنْهُ بِالرَّدِّ فَالْمُشْتَرِي يَدَّعِي زِيَادَةً فِي ذَلِكَ وَالْبَائِعُ مُنْكِرٌ فَكَانَ الْقَوْلُ قَوْلَهُ مَعَ يَمِينِهِ وَيَقْسِمُ الثَّمَنَ عَلَى قِيمَةِ الَّذِي يُرِيدُ رَدَّهُ غَيْرَ مَعِيبٍ وَعَلَى قِيمَةِ الْمَيِّتِ كَمَا أَقَرَّ بِهِ الْبَائِعُ؛ لِأَنَّ الِانْقِسَامِ عَلَى قِيمَةِ الْمَبِيعِ كَمَا دَخَلَ فِي الْعَقْدِ، وَقَدْ دَخَلَ فِي الْعَقْدِ غَيْرَ مَعِيبٍ، وَلَوْ أَقَامَا جَمِيعًا الْبَيِّنَةَ عَلَى قِيمَةِ الْمَيِّتِ أُخِذَتْ بَيِّنَةُ الْبَائِعِ أَيْضًا؛ لِأَنَّهَا مُثْبِتَةٌ الزِّيَادَةَ فِي الْمَشْهُودِ بِهِ وَهُوَ قِيمَةُ الْمَيِّتِ وَالْمُثْبِتُ لِلزِّيَادَةِ مِنْ الْبَيِّنَتَيْنِ يَتَرَجَّحُ
قَالَ: وَإِذَا اخْتَلَفَ الْبَائِعُ وَالْمُشْتَرِي فِي الثَّمَنِ وَالسِّلْعَةُ قَائِمَةٌ فِي يَدِ الْبَائِعِ أَوْ الْمُشْتَرِي فَإِنَّهُمَا يَتَحَالَفَانِ وَيَتَرَادَّانِ اسْتِحْسَانًا، وَفِي الْقِيَاسِ الْقَوْلُ قَوْلُ الْمُشْتَرِي؛ لِأَنَّهُمَا اتَّفَقَا عَلَى أَصْلِ الْبَيْعِ وَادَّعَى الْبَائِعُ زِيَادَةً فِي حَقِّهِ وَهُوَ الثَّمَنُ وَالْمُشْتَرِي مُنْكِرٌ لِذَلِكَ فَالْقَوْلُ قَوْلُهُ مَعَ يَمِينِهِ لِقَوْلِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «وَالْيَمِينُ عَلَى مَنْ أَنْكَرَ» وَلَكِنْ تَرَكْنَا الْقِيَاسَ بِالسُّنَّةِ، وَالْمَرْوِيُّ فِي الْبَابِ حَدِيثَانِ أَحَدُهُمَا حَدِيثُ ابْنِ مَسْعُودٍ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ: «إذَا اخْتَلَفَا الْمُتَبَايِعَانِ وَالسِّلْعَةُ قَائِمَةٌ بِعَيْنِهَا فَالْقَوْلُ مَا يَقُولُهُ الْبَائِعُ وَيَتَرَادَّانِ»، وَالثَّانِي حَدِيثُ أَبِي هُرَيْرَةَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ «إذَا اخْتَلَفَ الْمُتَبَايِعَانِ تَحَالَفَا وَتَرَادَّا»
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute