للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فَهُوَ عَلَى خِيَارِهِ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَتَعَذَّرْ عَلَيْهِ رَدُّ الْكُلِّ بِمَا أَحْدَثَ مِنْ التَّصَرُّفِ فَلَوْ أَسْقَطْنَا خِيَارَهُ لَأَسْقَطْنَا بِإِيجَابِهِ الْبَيْعَ فِي الثَّوْبِ، وَذَلِكَ لَا يَكُونُ أَقْوَى مِنْ تَصْرِيحِهِ بِإِسْقَاطِ خِيَارِ الرُّؤْيَةِ، وَلَوْ صَرَّحَ بِذَلِكَ لَمْ يَسْقُطْ خِيَارُهُ قَبْلَ الرُّؤْيَةِ فَكَذَلِكَ إذَا بَاعَهُ عَلَى أَنَّهُ بِالْخِيَارِ، وَكَذَلِكَ لَوْ قَطَعَ ثَوْبًا مِنْهُ وَأَلْبَسَهُ حَتَّى تَغَيَّرَ فَقَدْ تَعَذَّرَ عَلَيْهِ رَدُّ هَذَا الثَّوْبِ كَمَا قَبَضَهُ وَلَيْسَ لَهُ أَنْ يَرُدَّ مَا بَقِيَ لِمَا فِيهِ مِنْ تَفْرِيقِ الصَّفْقَةِ قَبْلَ التَّمَامِ

قَالَ، وَإِذَا اشْتَرَى عَدْلَ زُطِّيٍّ بِثَمَنٍ وَاحِدٍ أَوْ كُلَّ ثَوْبٍ بِعَشَرَةٍ أَوْ كُرَّ حِنْطَةٍ أَوْ خَادِمَيْنِ فَحَدَثَ فِي شَيْءٍ مِنْ ذَلِكَ عَيْبٌ قَبْلَ أَنْ يَقْبِضَهُ أَوْ كَانَ الْعَيْبُ فِيهِ فَعَلِمَ بِهِ فَلَيْسَ لَهُ إلَّا أَنْ يَرُدَّهُ كُلَّهُ أَوْ يَأْخُذَهُ كُلَّهُ لِمَا فِي رَدِّ الْبَعْضِ مِنْ تَفْرِيقِ الصَّفْقَةِ قَبْلَ التَّمَامِ، وَلِأَنَّ الرَّدَّ بِالْعَيْبِ قَبْلَ الْقَبْضِ بِمَنْزِلَةِ الرَّدِّ بِخِيَارِ الشَّرْطِ وَخِيَارِ الرُّؤْيَةِ، وَلِهَذَا يَنْفَرِدُ الرَّادُّ بِهِ مِنْ غَيْرِ قَضَاءٍ وَلَا رِضَاءٍ وَهَذَا؛ لِأَنَّهُ لَا حِصَّةَ مِنْ الثَّمَنِ قَبْلَ الْقَبْضِ فَهُوَ مُجَرَّدُ خِيَارٍ يَثْبُتُ لَهُ لِيَدْفَعَ بِهِ الضَّرَرَ عَنْ نَفْسِهِ لَا حِصَّةَ لِلْجُزْءِ الْفَائِتِ مِنْ الْمُثَمَّنِ قَبْلَ الْقَبْضِ؛ لِأَنَّهُ وَصَفٌّ فَلَا يُمَكَّنُ مِنْ إلْحَاقِ الضَّرَرِ بِالْبَائِعِ فِي تَفْرِيقِ الصَّفْقَةِ عَلَيْهِ وَلَكِنْ يُرَدُّ الْكُلُّ أَوْ يُمْسِكُ الْكُلَّ وَالْحَادِثُ مِنْ الْعَيْبِ قَبْلَ الْقَبْضِ كَالْمَوْجُودِ عِنْدَ الْعَقْدِ؛ لِأَنَّ الْمَبِيعَ فِي ضَمَانِ الْبَائِعِ.

وَلَوْ هَلَكَ كَانَ هَلَاكُهُ عَلَى الْبَائِعِ فَكَذَلِكَ إذَا فَاتَ جُزْءٌ مِنْهُ، وَلِأَنَّ الزِّيَادَةَ الَّتِي تَحْدُثُ فِي الْعَيْنِ قَبْلَ الْقَبْضِ لَمَّا جُعِلَتْ فِي حُكْمِ الْمَوْجُودِ عِنْدَ الْعَقْدِ فَكَذَلِكَ النُّقْصَانُ الْحَادِثُ فِي الْعَيْنِ قَبْلَ الْقَبْضِ، وَكَذَلِكَ لَوْ قَبَضَ أَحَدَهُمَا دُونَ الْآخَرِ؛ لِأَنَّ تَمَامَ الصَّفْقَةِ تَعَلَّقَ بِالْقَبْضِ فَلَا يَثْبُتُ إلَّا بَعْدَ قَبْضِ الْجَمِيعِ كَسُقُوطِ حَقِّ الْبَائِعِ فِي الْجِنْسِ لَمَّا تَعَلَّقَ بِوُصُولِ الثَّمَنِ إلَيْهِ فَمَا لَمْ يَقْبِضْ جَمِيعَ الثَّمَنِ بَقِيَ حَقُّهُ فِي الْجِنْسِ فَيَسْتَوِي فِي ظَاهِرِ الرِّوَايَةِ إنْ وُجِدَ الْعَيْبُ بِالْمَقْبُوضِ فَلَهُ أَنْ يَرُدَّهُ خَاصَّةً، وَإِنْ وُجِدَ بِاَلَّذِي لَمْ يَقْبِضْ فَلَيْسَ لَهُ إلَّا أَنْ يَرُدَّهُمَا؛ لِأَنَّهُ يُجْعَلُ فِي حُكْمِ مَا وُجِدَ بِهِ الْعَيْبُ كَانَ الْآخَرُ بِصِفَتِهِ، وَأَمَّا إذَا عَلِمَ بِالْعَيْبِ بَعْدَمَا قَبَضَهُمَا فَلَهُ أَنْ يَرُدَّ الْمَعِيبَ خَاصَّةً، وَقَدْ لَزِمَهُ الْبَيْعُ فِي الْآخَرِ بِحِصَّتِهِ مِنْ الثَّمَنِ إلَّا عَلَى قَوْلِ زُفَرَ فَإِنَّهُ يَقُولُ: يَرُدُّهُمَا إنْ شَاءَ لِأَنَّ ضَمَّ الْجَيِّدِ إلَى الرَّدِيءِ عَادَةٌ ظَاهِرَةٌ فِي الْبَيْعِ فَلَوْ رَدَّ الرَّدِيءَ بِالْعَيْبِ خَاصَّةً تَضَرَّرَ بِهِ الْبَائِعُ فَلِدَفْعِ الضَّرَرِ عَنْهُ إمَّا أَنْ يَرُدَّهُمَا أَوْ يُمْسِكَهُمَا كَمَا فِي الرَّدِّ بِخِيَارِ الشَّرْطِ وَالرُّؤْيَةِ، وَلَكِنَّا نَقُولُ: حَقُّ الْمُشْتَرِي بَعْدَ الْقَبْضِ فِي الْمُطَالَبَةِ بِتَسْلِيمِ الْجُزْءِ الْفَائِتِ وَلِأَجْلِهِ يَتَمَكَّنُ مِنْ الرَّدِّ وَلِهَذَا إذَا تَعَذَّرَ الرَّدُّ رَجَعَ بِحِصَّةِ الْعَيْبِ مِنْ الثَّمَنِ وَهَذَا الْمَعْنَى تَقْتَصِرُ عَلَى الْعَيْبِ فَلَا يَتَعَدَّى حُكْمُ الرَّدِّ إلَى مَحِلٍّ آخَرَ.

وَهَذَا لِأَنَّ الصَّفْقَةَ تَتِمُّ بِالْقَبْضِ لِوُجُودِ تَمَامِ الرِّضَا مِنْ الْمُشْتَرِي عِنْدَ صِفَةِ السَّلَامَةِ كَمَا أَوْجَبَهُ الْعَقْدُ وَبِهِ فَارَقَ خِيَارَ الشَّرْطِ وَالرُّؤْيَةَ، فَالْمَانِعُ مِنْ تَمَامِ الصَّفْقَةِ هُنَاكَ

<<  <  ج: ص:  >  >>