شَرَائِطَ افْتِتَاحِ الْجُمُعَةِ وَيَسْتَوِي إنْ كَانَ الْإِمَامُ مَأْذُونًا فِي الِاسْتِخْلَافِ أَوْ لَمْ يَكُنْ بِخِلَافِ الْقَاضِي فَإِنَّهُ إذَا لَمْ يَكُنْ مَأْذُونًا فِي الِاسْتِخْلَافِ لَا يَكُونُ لَهُ أَنْ يَسْتَخْلِفَ لِأَنَّ الْقَضَاءَ غَيْرُ مُؤَقَّتٍ لَا يَفُوتُ بِتَأْخِيرِهِ عِنْدَ الْعُذْرِ وَالْجُمُعَةُ مُؤَقَّتَةٌ تَفُوتُ بِتَأْخِيرِهَا عِنْدَ الْعُذْرِ إذَا لَمْ يَسْتَخْلِفْ وَمَنْ وَلَّاهُ لَمَّا أَمَرَهُ بِذَلِكَ مَعَ عِلْمِهِ أَنَّهُ قَدْ يَعْرِضُ لَهُ عَارِضٌ يَمْنَعُهُ مِنْ أَدَائِهَا فِي الْوَقْتِ فَقَدْ صَارَ رَاضِيًا بِاسْتِخْلَافِهِ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ الْمَأْمُورُ شَهِدَ الْخُطْبَةَ لَمْ يَجُزْ لَهُ أَنْ يُصَلِّيَ بِهِمْ الْجُمُعَةَ لِأَنَّ الْخُطْبَةَ مِنْ شَرَائِطِ افْتِتَاحِ الْجُمُعَةِ وَهُوَ الْمُفْتَتِحُ لَهَا فَإِذَا لَمْ يَسْتَجْمِعْ شَرَائِطَهَا لَمْ يَجُزْ لَهُ افْتِتَاحُهَا كَالْأَوَّلِ إذَا لَمْ يَخْطُبْ وَهَذَا بِخِلَافِ مَا لَوْ افْتَتَحَ الْأَوَّلُ الصَّلَاةَ ثُمَّ سَبَقَهُ الْحَدَثُ فَاسْتَخْلَفَ مَنْ لَمْ يَشْهَدْ الْخُطْبَةَ أَجْزَأَهُمْ لِأَنَّ هُنَاكَ الثَّانِي بَانٍ وَلَيْسَ بِمُفْتَتِحٍ وَالْخُطْبَةُ مِنْ شَرَائِطِ الِافْتِتَاحِ وَقَدْ وُجِدَ ذَلِكَ فِي حَقِّ الْأَصِيلِ فَيَتَعَيَّنُ اعْتِبَارُهُ فِي حَقِّ التَّبَعِ فَإِنْ قِيلَ لَوْ أَفْسَدَ الْبَانِي صَلَاتَهُ ثُمَّ افْتَتَحَ بِهِمْ الْجُمُعَةَ جَازَ أَيْضًا وَهُوَ مُفْتَتِحٌ فِي هَذِهِ الْحَالَةِ قُلْنَا: نَعَمْ وَلَكِنَّهُ لَمَّا صَحَّ شُرُوعُهُ فِي الْجُمُعَةِ وَصَارَ خَلِيفَةَ الْأَوَّلِ اُلْتُحِقَ بِمَنْ شَهِدَ الْخُطْبَةَ حُكْمًا فَلِهَذَا جَازَ لَهُ افْتِتَاحُهَا بَعْدَ الْإِفْسَادِ.
(قَالَ) وَإِنْ كَانَ الْمَأْمُورُ جُنُبًا وَقَدْ شَهِدَ الْخُطْبَةَ فَلَمَّا أَمَرَهُ الْإِمَامُ بِذَلِكَ أَمَرَ هُوَ رَجُلًا طَاهِرًا قَدْ شَهِدَ الْخُطْبَةَ فَصَلَّى بِهِمْ أَجْزَأَهُ لِأَنَّ اسْتِخْلَافَ الْإِمَامِ إيَّاهُ يُثْبِتُ لَهُ وِلَايَةَ إقَامَةِ الْجُمُعَةِ بِدَلِيلِ أَنَّهُ لَوْ اغْتَسَلَ وَصَلَّى بِهِمْ أَجْزَأَهُمْ فَيُفِيدُهُ وِلَايَةَ الِاسْتِخْلَافِ أَيْضًا بِخِلَافِ مَا إذَا كَانَ الْمَأْمُورُ الْأَوَّلُ لَمْ يَشْهَدْ الْخُطْبَةَ فَأَمَرَ غَيْرَهُ مِمَّنْ شَهِدَ الْخُطْبَةَ لَمْ يَجُزْ لَهُ أَنْ يُصَلِّيَ بِهِمْ الْجُمُعَةَ لِأَنَّ أَمْرَ الْإِمَامِ إيَّاهُ لَمْ يُفِدْهُ وِلَايَةَ إقَامَةِ الْجُمُعَةِ بِنَفْسِهِ فَلَا يُفِيدُهُ وِلَايَةُ الِاسْتِخْلَافِ الَّذِي هُوَ تَبَعٌ لَهُ وَكَذَلِكَ إنْ كَانَ الْمَأْمُورُ الْأَوَّلُ صَبِيًّا أَوْ مَعْتُوهًا أَوْ كَافِرًا أَوْ امْرَأَةً فَأَمَرَ غَيْرَهُ بِذَلِكَ لَمْ يَجُزْ لَهُ إقَامَةُ الْجُمُعَةِ بِأَمْرِهِ لِأَنَّهُ لَمْ يُفِدْهُ وِلَايَةَ إقَامَتِهَا بِنَفْسِهِ وَوِلَايَةُ الِاسْتِخْلَافِ تَثْبُتُ تَبَعًا لِثُبُوتِ وِلَايَةِ الْإِقَامَةِ بِنَفْسِهِ
(قَالَ): وَإِذَا أَحْدَثَ الْإِمَامُ قَبْلَ افْتِتَاحِ الصَّلَاةِ فَلَمْ يَأْمُرْ أَحَدًا فَتَقَدَّمَ صَاحِبُ الشُّرَطِ إمَامًا أَوْ الْقَاضِي أَوْ أَمَرَ رَجُلًا قَدْ شَهِدَ الْخُطْبَةَ فَتَقَدَّمَ وَصَلَّى بِهِمْ أَجْزَأَهُمْ لِأَنَّ إقَامَةَ الْجُمُعَةِ مِنْ أُمُورِ الْعَامَّةِ وَقَدْ فَوَّضَ إلَى الْقَاضِي وَصَاحِبِ الشُّرْطِ مَا هُوَ مِنْ أُمُورِ الْعَامَّةِ فَنَزَلَا فِيهِ مَنْزِلَةَ الْإِمَامِ فِي الْإِمَامَةِ وَالِاسْتِخْلَافِ
(قَالَ): وَلَا يَنْبَغِي لِلْإِمَامِ أَنْ يَتَكَلَّمَ فِي خُطْبَتِهِ بِشَيْءٍ مِنْ حَدِيثِ النَّاسِ لِأَنَّهُ ذِكْرٌ مَنْظُومٌ وَالتَّكَلُّمُ فِي خِلَالِهِ يُذْهِبُ بَهَاءَهُ فَلَا يَشْتَغِلُ بِهِ كَمَا فِي خِلَالِ الْأَذَانِ وَاَلَّذِي رُوِيَ أَنَّ عُثْمَانَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - كَانَ يَسْأَلُهُ النَّاسُ عَنْ سِعْرِ الشَّعِيرِ وَعَنْ سِعْرِ الزَّيْتِ فَقَدْ كَانَ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute