للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَالْأَلِفِ فَذَلِكَ تَنْصِيصٌ عَلَى أَنَّهُ لَا تَجُوزُ الزِّيَادَةُ عَلَيْهِ بِخِلَافِ التَّطَوُّعَاتِ، فَإِنَّهَا غَيْرُ مَحْصُورَةٍ بِالنَّصِّ فَجَوَّزْنَا الزِّيَادَةَ عَلَيْهِ وَلَا يَزِيدُ فِي الْفَرَائِضِ عَلَى التَّشَهُّدِ فِي الْقَعْدَةِ الْأُولَى عِنْدَنَا وَقَالَ الشَّافِعِيُّ يَزِيدُ الصَّلَاةَ عَلَى النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، وَاسْتَدَلَّ بِحَدِيثِ أُمِّ سَلَمَةَ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهَا - أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ: «فِي كُلِّ رَكْعَتَيْنِ تَشَهُّدٌ وَسَلَامٌ عَلَى الْمُرْسَلِينَ، وَمَنْ تَبِعَهُمْ مِنْ عِبَادِ اللَّهِ الصَّالِحِينَ».

وَلَنَا حَدِيثُ عَائِشَةَ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهَا - أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «كَانَ لَا يَزِيدُ عَلَى التَّشَهُّدِ فِي الْقَعْدَةِ الْأُولَى»، وَرُوِيَ أَنَّهُ كَانَ يَقْعُدُ فِي الْقَعْدَةِ الْأُولَى كَأَنَّهُ عَلَى الرَّضْفِ يَعْنِي الْحِجَارَةَ الْمُحْمَاةَ يَحْكِي الرَّاوِي بِهَذَا سُرْعَةَ قِيَامِهِ فَدَلَّ أَنَّهُ كَانَ لَا يَزِيدُ عَلَى التَّشَهُّدِ، وَتَأْوِيلُ حَدِيثِ أُمِّ سَلَمَةَ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهَا - فِي التَّطَوُّعَاتِ، فَإِنَّ كُلَّ شَفْعٍ مِنْ التَّطَوُّعِ صَلَاةٌ عَلَى حِدَةٍ أَوْ مُرَادُهُ سَلَامُ التَّشَهُّدِ، فَأَمَّا فِي الرَّابِعَةِ فَيَدْعُو بَعْدَهُ وَيَسْأَلُ حَاجَتَهُ وَلَمْ يَذْكُرْ الصَّلَاةَ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَأَوْرَدَ الطَّحَاوِيُّ فِي مُخْتَصَرِهِ أَنَّ بَعْدَ التَّشَهُّدِ يُصَلِّي عَلَى النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، ثُمَّ يَدْعُو حَاجَتَهُ وَيَسْتَغْفِرُ لِنَفْسِهِ وَلِلْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ، وَهُوَ الصَّحِيحُ، فَإِنَّ التَّشَهُّدَ ثَنَاءٌ عَلَى اللَّهِ - تَعَالَى -.

وَيُعْقِبُهُ الصَّلَاةَ عَلَى النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - كَمَا فِي التَّحْمِيدِ الْمَعْهُودِ، وَهُوَ مَرْوِيٌّ عَنْ ابْنِ مَسْعُودٍ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - وَكَانَ إبْرَاهِيمُ النَّخَعِيُّ يَقُولُ يُجْزِئُ مِنْ الصَّلَاةِ عَلَى النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بِقَوْلِهِ السَّلَامُ عَلَيْكَ أَيُّهَا النَّبِيُّ، ثُمَّ الصَّلَاةُ عَلَى النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فِي الصَّلَاةِ لَيْسَتْ مِنْ جُمْلَةِ الْأَرْكَانِ عِنْدَنَا وَقَالَ الشَّافِعِيُّ هِيَ مِنْ جُمْلَةِ أَرْكَانِ الصَّلَاةِ لَا تَجُوزُ الصَّلَاةُ إلَّا بِهَا.

وَفِي الصَّلَاةِ عَلَى آلِهِ وَجْهَانِ، وَاسْتُدِلَّ بِقَوْلِهِ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ -: «لَا صَلَاةَ لِمَنْ لَمْ يُصَلِّ عَلَيَّ فِي صَلَاتِهِ»، وَلِأَنَّ اللَّهَ - تَعَالَى - أَمَرَنَا بِالصَّلَاةِ عَلَيْهِ وَمُطْلَقُ الْأَمْرِ لِلْإِيجَابِ وَلَا تَجِبُ فِي غَيْرِ الصَّلَاةِ فَدَلَّ أَنَّهَا تَجِبُ فِي الصَّلَاةِ.

وَلَنَا حَدِيثُ كَعْبِ بْنِ عُجْرَةَ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - قَالَ يَا رَسُولَ اللَّهِ عَرَفْنَا السَّلَامَ عَلَيْكَ فَكَيْفَ الصَّلَاةُ عَلَيْكَ فَقَالَ: «قُولُوا اللَّهُمَّ صَلِّ عَلَى مُحَمَّدٍ وَعَلَى الْ مُحَمَّدٍ»، فَهُوَ لَمْ يُعَلِّمْهُمْ حَتَّى سَأَلُوهُ وَلَوْ كَانَ مِنْ أَرْكَانِ الصَّلَاةِ لَبَيَّنَهُ لَهُمْ قَبْلَ السُّؤَالِ وَحِينَ عَلَّمَ الْأَعْرَابِيَّ أَرْكَانَ الصَّلَاةِ لَمْ يَذْكُرْ الصَّلَاةَ عَلَيْهِ وَلِأَنَّهُ صَلَاةٌ عَلَى النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، فَلَا يَكُونُ مِنْ أَرْكَانِ الصَّلَاةِ كَالصَّلَاةِ عَلَى إبْرَاهِيمَ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ -.

وَتَأْوِيلُ الْحَدِيثِ نَقُولُ أَرَادَ بِهِ نَفْيَ الْكَمَالِ كَقَوْلِهِ: «لَا صَلَاةَ لِجَارٍ الْمَسْجِدِ إلَّا فِي الْمَسْجِدِ»، وَبِهِ نَقُولُ وَالْآيَةُ تَدُلُّ عَلَى أَنَّ الصَّلَاةَ وَاجِبَةٌ عَلَيْهِ فِي الْعُمْرِ مَرَّةً، فَإِنَّ مُطْلَقَ الْأَمْرِ لَا يَقْتَضِي التَّكْرَارَ وَبِهِ نَقُولُ وَكَانَ الطَّحَاوِيُّ يَقُولُ كُلَّمَا سَمِعَ ذِكْرَ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -

<<  <  ج: ص:  >  >>