يُرِيهَا النِّسَاءَ؛ لِأَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَجَازَ شَهَادَةَ النِّسَاءِ فِيمَا لَا يَطَّلِعُ عَلَيْهِ الرِّجَالُ وَالْمَرْأَةُ الْوَاحِدَةُ تَكْفِي لِذَلِكَ بَعْدَ أَنْ تَكُونَ حُرَّةً مُسْلِمَةً فَإِنْ كَانَتَا اثْنَتَيْنِ فَهُوَ أَحْوَطُ وَهَذِهِ الْمَسْأَلَةُ مُعَرَّفَةٌ فِي الطَّلَاقِ وَالشَّهَادَاتِ فَإِنْ أَخْبَرَتْ بِوُجُودِ الْعَيْبِ تَوَجَّهَتْ الْخُصُومَةُ لِظُهُورِ السَّبَبِ فِي الْحَالِ بِقَوْلِهَا وَلَكِنْ لَا يَثْبُتُ الرَّدُّ بِقَوْلِ النِّسَاءِ.
وَإِنْ كَانَ ذَلِكَ مِمَّا لَا يَحْدُثُ فِي مِثْلِ تِلْكَ الْمُدَّةِ؛ لِأَنَّ هَذِهِ الزِّيَادَةَ يُمْكِنُ الْوُقُوفُ عَلَيْهَا لَا مِنْ جِهَةِ النِّسَاءِ فَلَا يُعْتَبَرُ قَوْلُ النِّسَاءِ فِيهَا؛ وَلِأَنَّ شَهَادَةَ النِّسَاءِ حُجَّةٌ ضَعِيفَةٌ لَا يُفْصَلُ الْحُكْمُ بِهَا مَا لَمْ تَتَأَيَّدْ بِمُؤَيِّدٍ، وَذَلِكَ بِنُكُولِ الْبَائِعِ فَيُسْتَحْلَفُ حَتَّى إذَا انْضَمَّ نُكُولُ الْبَائِعِ إلَى شَهَادَةِ النِّسَاءِ فُسِخَ الْبَيْعُ وَعَنْ أَبِي يُوسُفَ أَنَّهُ يَقْضِي بِالرَّدِّ بِقَوْلِ النِّسَاءِ؛ لِأَنَّ شَهَادَتَهُنَّ فِيمَا لَا يَطَّلِعُ عَلَيْهِ الرِّجَالُ كَشَهَادَةِ الرِّجَالِ فِيمَا يَطَّلِعُونَ عَلَيْهِ وَقَاسَ بِالْعَيْنَيْنِ إذَا ثَبَتَتْ الْبَكَارَةُ بِقَوْلِ النِّسَاءِ بَعْدَ مُضِيِّ السَّنَةِ، فَإِنَّهُ يُفَرَّقُ بَيْنَهُمَا وَقَدْ بَيَّنَّا الْفَرْقَ بَيْنَ الْفَصْلَيْنِ فِي كِتَابِ النِّكَاحِ وَعَنْ مُحَمَّدٍ قَالَ إنْ كَانَتْ الْخُصُومَةُ قَبْلَ الْقَبْضِ يُفْسَخُ الْعَقْدُ بِقَوْلِ النِّسَاءِ، وَإِنْ كَانَ بَعْدَ الْقَبْضِ لَا يُفْسَخُ؛ لِأَنَّ الْحَاجَةَ إلَى نَقْلِ الضَّمَانِ مِنْ الْمُشْتَرِي إلَى الْبَائِعِ وَشَهَادَةُ النِّسَاءِ فِي ذَلِكَ لَيْسَتْ بِحُجَّةٍ تَامَّةٍ وَنَوْعٌ مِنْ ذَلِكَ مَا هُوَ حُكْمِيٌّ كَالْإِبَاقِ وَالسَّرِقَةِ وَالْبَوْلِ فِي الْفِرَاشِ فَإِنَّ الْقَاضِيَ لَا يَسْمَعُ خُصُومَةَ الْمُشْتَرِي فِي ذَلِكَ مَا لَمْ تَقُمْ الْبَيِّنَةُ عَلَى وُجُودِ الْعَيْبِ عِنْدَهُ؛ لِأَنَّ قِيَامَ الْعَيْبِ فِي الْحَالِ شَرْطٌ لِتَوَجُّهِ الْخُصُومَةِ وَلَا طَرِيقَ لِمَعْرِفَةِ ذَلِكَ إلَّا بِالْبَيِّنَةِ فَإِنْ طَلَبَ الْمُشْتَرِي يَمِينَ الْبَائِعِ عَلَى وُجُودِ ذَلِكَ الْعَيْبِ عِنْدَهُ فَقَدْ ذَكَرَ فِي الْجَامِعِ أَنَّ عَلَى قَوْلِ أَبِي يُوسُفَ وَمُحَمَّدٍ رَحِمَهُمَا اللَّهُ يُسْتَحْلَفُ الْبَائِعُ بِاَللَّهِ مَا يَعْلَمُ أَنَّهُ أَبَقَ عِنْدَ الْمُشْتَرِي أَوْ سَرَقَ أَوْ بَالَ فِي الْفِرَاشِ وَقَدْ بَيَّنَّا هَذَا الْفَصْلَ فِيمَا أَمْلَيْنَاهُ مِنْ شَرْحِ الْجَامِعِ الْكَبِيرِ وَإِنْ يَثْبُتْ وُجُودُ الْعَيْبِ عِنْدَ الْمُشْتَرِي فَإِنْ كَانَ اشْتَرَاهُ وَقَبَضَهُ، وَهُوَ صَغِيرٌ وَالْخُصُومَةُ بَعْدَ الْبُلُوغِ لَمْ تُسْمَعْ الْخُصُومَةُ فِي ذَلِكَ؛ لِأَنَّ الْعَيْبَ الَّذِي كَانَ عِنْدَ الْبَائِعِ قَدْ زَالَ، وَهَذَا عَيْبٌ حَادِثٌ عِنْدَ الْمُشْتَرِي قَالَ وَإِنْ كَانَتْ الْخُصُومَةُ فِي الصِّغَرِ أَوْ كَانَ الشِّرَاءُ بَعْدَ الْبُلُوغِ فَالْآنَ تُسْمَعُ خُصُومَةُ الْمُشْتَرِي وَيَحْتَاجُ إلَى إقَامَةِ الْبَيِّنَةِ عَلَى الَّذِي كَانَ أَبَقَ عِنْدَهُ بَعْدَمَا بَلَغَ قَبْلَ شِرَائِهِ فَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ بَيِّنَةٌ يُسْتَحْلَفُ الْبَائِعُ بِاَللَّهِ لَقَدْ بَاعَهُ وَقَبَضَهُ الْمُشْتَرِي وَمَا أَبَقَ وَلَا سَرَقَ وَلَا بَالَ فِي الْفِرَاشِ مُنْذُ بَلَغَ مَبْلَغَ الرِّجَالِ.
وَهَذَا اسْتِحْلَافٌ عَلَى الثَّبَاتِ؛ لِأَنَّهُ عَلَى التَّسْلِيمِ الَّذِي الْتَزَمَهُ وَالْيَمِينُ الْأُولَى عَلَى الْعِلْمِ؛ لِأَنَّهَا عَلَى فِعْلِ الْغَيْرِ وَفِي ظَاهِرِ الرِّوَايَةِ الْجُنُونُ كَذَلِكَ إلَّا أَنَّ فِي الْجُنُونِ يُسْتَحْلَفُ بِاَللَّهِ لَقَدْ بَاعَهُ وَسَلَّمَهُ، مَا جُنَّ قَطُّ لِمَا بَيَّنَّا أَنَّ الْجُنُونَ إذَا وُجِدَ مَرَّةً فِي
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute