نَفْسِهِ دُونَ الْآمِرِ لَوْ أَقَرَّ أَنَّ الْآمِرَ رَضِيَ بِالْعَيْبِ فَالْجَارِيَةُ تَلْزَمُهُ إلَّا أَنْ يُقِرَّ الْآمِرُ بِذَلِكَ أَوْ تَقُومَ بَيِّنَةٌ عَلَى ذَلِكَ أَوْ يَرْضَى بِمَا رَضِيَ بِهِ الْوَكِيلُ.
قَالَ وَإِذَا اشْتَرَى الرَّجُلَانِ جَارِيَةً فَوَجَدَا بِهَا عَيْبًا فَرَضِيَ أَحَدُهُمَا فَهُوَ عَلَى الْخِلَافِ الَّذِي ذَكَرْنَا فِي خِيَارِ الرُّؤْيَةِ وَالشَّرْطِ وَقَوْلُ ابْنِ أَبِي لَيْلَى كَقَوْلِ أَبِي يُوسُفَ وَمُحَمَّدٍ رَحِمَهُمَا اللَّهُ فِي أَنَّ لَهُ ذَلِكَ.
قَالَ وَإِذَا اشْتَرَى عَبْدًا بِجَارِيَةٍ وَتَقَابَضَا ثُمَّ وَجَدَ بِالْعَبْدِ عَيْبًا وَمَاتَ عِنْدَهُ فَإِنَّهُ يَرْجِعُ بِحِصَّةِ الْعَيْبِ مِنْ الْجَارِيَةِ فَيُقَوَّمُ الْعَبْدُ صَحِيحًا وَيُقَوَّمُ وَبِهِ الْعَيْبُ فَإِنْ كَانَ ذَلِكَ يُنْقِصُهُ الْعُشْرَ رَجَعَ بِعُشْرِ الْجَارِيَةِ؛ لِأَنَّ بَدَلَ الْعَبْدِ الْجَارِيَةُ، أَلَا تَرَى أَنَّهُ لَوْ كَانَ قَائِمًا بِعَيْنِهِ رَدَّهُ وَأَخَذَ الْجَارِيَةَ وَالرُّجُوعُ بِحِصَّةِ الْعَيْبِ مِنْ الْبَدَلِ يَكُونُ، وَكَذَلِكَ الْحَيَوَانُ وَالْعُرُوضُ كُلُّهَا إذَا اُسْتُحِقَّ أَحَدُ الْعِوَضَيْنِ أَوْ رُدَّ بِالْعَيْبِ فَقَدْ انْفَسَخَ الْعَقْدُ فَيَرْجِعُ بِالْبَدَلِ إنْ كَانَ قَائِمًا وَبِقِيمَتِهِ إنْ كَانَ هَالِكًا؛ لِأَنَّهُ تَعَذَّرَ اسْتِرْدَادُهُ مَعَ قِيَامِ السَّبَبِ الْمُوجِبِ لِلرَّدِّ، وَكَذَلِكَ مَا يُكَالُ أَوْ يُوزَنُ إنْ كَانَ بِعَيْنِهِ فَإِنَّ فَوَاتَ الْقَبْضِ فِيهِ مُبْطِلٌ لِلْعَقْدِ كَمَا فِي الْعُرُوضِ.
وَلَوْ أَقَرَّ الْمُشْتَرِي بِهِ لِإِنْسَانٍ وَلَمْ يُقِمْ عَلَيْهِ بَيِّنَةً لَمْ يَرْجِعْ عَلَى الْبَائِعِ بِشَيْءٍ؛ لِأَنَّ إقْرَارَهُ حُجَّةٌ فِي حَقِّهِ دُونَ الْبَائِعِ فَهُوَ فِي حَقِّ الْبَائِعِ مُتْلِفٌ لِلسِّلْعَةِ بِإِقْرَارِهِ، وَإِنْ اُسْتُحِقَّ بِبَيِّنَةٍ فَقَالَ الْبَائِعُ لَيْسَ هُوَ عَبْدِي الَّذِي بِعْتُكَ فَالْقَوْلُ قَوْلُهُ مَعَ يَمِينِهِ؛ لِأَنَّهُ يُنْكِرُ الْبَيْعَ فِي هَذَا الْعَبْدِ، وَلَوْ أَنْكَرَ جَرَيَانَ الْبَيْعِ بَيْنَهُمَا أَصْلًا كَانَ الْقَوْلُ قَوْلَهُ مَعَ يَمِينِهِ وَكَانَ عَلَى الْمُشْتَرِي إثْبَاتُ الْعَقْدِ بِالْبَيِّنَةِ فَكَذَلِكَ إذَا أَنْكَرَ الْعَقْدَ فِي هَذَا الْمَحَلِّ.
قَالَ وَإِذَا اشْتَرَى خَادِمًا بِكُرِّ حِنْطَةٍ وَلَيْسَ الْكُرُّ عِنْدَهُ لَمْ يَجُزْ؛ لِأَنَّهُ إنْ عَيَّنَ الْكُرَّ، وَهُوَ مِلْكُ غَيْرِهِ، فَهَذَا بَيْعُ مَا لَيْسَ عِنْدَ الْإِنْسَانِ، وَإِنْ لَمْ يُعَيِّنْ فَهُوَ مَجْهُولُ الصِّفَةِ وَهَذِهِ جَهَالَةٌ تُفْضِي إلَى الْمُنَازَعَةِ فَإِنْ قَالَ بِكُرِّ حِنْطَةٍ جَيِّدَةٍ أَوْ وَسَطٍ فَفِي الْقِيَاسِ لَا يَجُوزُ هَذَا أَيْضًا؛ لِأَنَّهُ فِي جَانِبِ الْكُرِّ بَائِعٌ.
وَبَيْعُ مَا لَيْسَ عِنْدَ الْإِنْسَانِ لَا يَجُوزُ إلَّا بِشَرَائِطِ السَّلَمِ لِمَا رُوِيَ عَنْ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَنَّهُ «نَهَى عَنْ بَيْعِ مَا لَيْسَ عِنْدَ الْإِنْسَانِ وَرَخَّصَ فِي السَّلَمِ» وَفِي الِاسْتِحْسَانِ يَجُوزُ هَذَا الْعَقْدُ لِمَا رُوِيَ عَنْ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَنَّهُ «اشْتَرَى جَزُورًا بِكُرَّيْ تَمْرٍ ثُمَّ اسْتَقْرَضَهُ فَأَعْطَاهُ إيَّاهُ» وَلِأَنَّ الْمَكِيلَ أَوْ الْمَوْزُونَ إذَا لَمْ يَكُنْ بِعَيْنِهِ فَهُوَ يَثْبُتُ فِي الذِّمَّةِ ثَمَنًا فَكَانَ شِرَاءً بِثَمَنٍ لَيْسَ عِنْدَهُ، وَذَلِكَ صَحِيحٌ كَالشِّرَاءِ بِالدَّرَاهِمِ، وَالدَّلِيلُ عَلَى أَنَّهُ ثَمَنٌ جَوَازُ الِاسْتِبْدَالِ بِهِ قَبْلَ الْقَبْضِ وَالِاسْتِبْدَالُ بِالْمَبِيعِ قَبْلَ الْقَبْضِ لَا يَجُوزُ عَيْنًا كَانَ أَوْ دَيْنًا فَإِنْ وَجَدَ بِالْجَارِيَةِ عَيْبًا وَقَدْ اسْتَهْلَكَ الْبَائِعُ الْكُرَّ رَدَّهَا وَأَخَذَ كُرًّا مِثْلَ كُرِّهِ، وَكَذَلِكَ لَوْ كَانَ ذَلِكَ الْكُرُّ عِنْدَ الْبَائِعِ بِعَيْنِهِ كَانَ لَهُ أَنْ يَرُدَّ كُرًّا مِثْلَهُ؛ لِأَنَّ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute