وَاتَّفَقُوا عَلَيْهِ كَانَ ذَلِكَ بِمَنْزِلَةِ أَمْرِ الْخَلِيفَةِ إيَّاهُ
(قَالَ): وَمَنْ صَلَّى الْجُمُعَةَ فِي الطَّاقَاتِ أَوْ فِي السُّدَّةِ أَوْ فِي دَارِ الصَّيَارِفَةِ أَجْزَأَهُ إذَا كَانَتْ الصُّفُوفُ مُتَّصِلَةً لِأَنَّ اتِّصَالَ الصُّفُوفِ يَجْعَلُ هَذَا الْمَوْضِعَ فِي حُكْمِ الْمَسْجِدِ فِي صِحَّةِ الِاقْتِدَاءِ بِالْإِمَامِ بِدَلِيلِ سَائِرِ الصَّلَوَاتِ وَالِاصْطِفَافُ بَيْنَ الْأُسْطُوَانَتَيْنِ غَيْرُ مَكْرُوهٍ لِأَنَّهُ صَفٌّ فِي حَقِّ كُلِّ فَرِيقٍ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ طَوِيلًا وَتَخَلُّلُ الْأُسْطُوَانَةِ بَيْنَ الصَّفِّ كَتَخَلُّلِ مَتَاعٍ مَوْضُوعٍ أَوْ كَفُرْجَةٍ بَيْنَ رِجْلَيْنِ وَذَلِكَ لَا يَمْنَعُ صِحَّةَ الِاقْتِدَاءِ وَلَا يُوجِبُ الْكَرَاهَةَ
(قَالَ) وَمَنْ أَدْرَكَ الْإِمَامَ فِي التَّشَهُّدِ فِي الْجُمُعَةِ أَوْ فِي سَجْدَتَيْ السَّهْوِ فَاقْتَدَى بِهِ فَقَدْ أَدْرَكَهَا وَيُصَلِّيهَا رَكْعَتَيْنِ فِي قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ وَأَبِي يُوسُفَ رَحِمَهُمَا اللَّهُ تَعَالَى وَقَالَ مُحَمَّدٌ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -: يُصَلِّي أَرْبَعًا لِمَا رُوِيَ أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ: «مَنْ أَدْرَكَ رَكْعَةً مِنْ الْجُمُعَةِ مَعَ الْإِمَامِ فَقَدْ أَدْرَكَ وَإِنْ أَدْرَكَهُمْ جُلُوسًا صَلَّى أَرْبَعًا». وَهُمَا اسْتَدَلَّا بِقَوْلِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «مَا أَدْرَكْتُمْ فَصَلُّوا وَمَا فَاتَكُمْ فَاقْضُوا» وَقَدْ فَاتَهُ رَكْعَتَانِ ثُمَّ هُوَ بِإِدْرَاكِ التَّشَهُّدِ مُدْرِكٌ لِلْجُمُعَةِ بِدَلِيلِ أَنَّهُ يَنْوِيهَا دُونَ الظُّهْرِ حَتَّى لَوْ نَوَى الظُّهْرَ لَمْ يَصِحَّ اقْتِدَاؤُهُ بِهِ ثُمَّ الْفَرْضُ بِالِاقْتِدَاءِ تَارَةً يَتَعَيَّنُ إلَى الزِّيَادَةِ كَمَا فِي حَقِّ الْمُسَافِرِ يَقْتَدِي بِالْمُقِيمِ وَتَارَةً إلَى النُّقْصَانِ كَمَا فِي حَقِّ الْجُمُعَةِ ثُمَّ فِي اقْتِدَاءِ الْمُسَافِرِ بِالْمُقِيمِ لَا فَرْقَ بَيْنَ الرَّكْعَةِ وَمَا دُونَهَا فِي تَعَيُّنِ الْفَرْضِ بِهِ فَكَذَا هُنَا وَتَأْوِيلُ الْحَدِيثِ وَإِذَا أَدْرَكَهُمْ جُلُوسًا قَدْ سَلَّمُوا وَالْقِيَاسُ مَا قَالَا إلَّا أَنَّ مُحَمَّدًا - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - احْتَاطَ وَقَالَ: يُصَلِّي أَرْبَعًا احْتِيَاطًا وَذَلِكَ جُمُعَتُهُ وَلِهَذَا أَلْزَمَهُ الْقِرَاءَةَ فِي كُلِّ رَكْعَةٍ وَكَذَلِكَ تَلْزَمُهُ الْقَعْدَةُ الْأُولَى عَلَى مَا ذَكَرَهُ الطَّحَاوِيُّ عَنْهُ كَمَا هُوَ لَازِمٌ لِلْإِمَامِ وَفِي رِوَايَةِ الْمُعَلَّى عَنْهُ لَا تَلْزَمُهُ الْقَعْدَةُ الْأُولَى لِأَنَّهُ ظُهْرٌ مِنْ وَجْهٍ فَلَا تَكُونُ الْقَعْدَةُ الْأُولَى فِيهِ وَاجِبَةً وَهَذَا الِاحْتِيَاطُ لَا مَعْنَى لَهُ فَإِنَّهُ إنْ كَانَ ظُهْرًا فَلَا يُمْكِنُهُ أَنْ يَبْنِيَهَا عَلَى تَحْرِيمَةٍ عَقَدَهَا لِلْجُمُعَةِ وَإِنْ كَانَ جُمُعَةً فَلَا تَكُونُ الْجُمُعَةُ أَرْبَعَ رَكَعَاتٍ
(قَالَ): إمَامٌ خَطَبَ يَوْمَ الْجُمُعَةِ فَلَمَّا فَرَغَ مِنْهَا قَدِمَ أَمِيرٌ آخَرُ يُصَلِّي فَإِنْ صَلَّى الْقَادِمُ بِخُطْبَةِ الْأَوَّلِ صَلَّى الظُّهْرَ لِأَنَّ الْخُطْبَةَ مِنْ شَرَائِطِ افْتِتَاحِ الْجُمُعَةِ وَهُوَ غَيْرُ مَوْجُودٍ فِي حَقِّهِ وَإِنْ خَطَبَ خُطْبَةً أُخْرَى صَلَّى رَكْعَتَيْنِ لِاسْتِجْمَاعِ شَرَائِطِ الْجُمُعَةِ وَإِنْ كَانَ صَلَّى الْأَوَّلُ الْجُمُعَةَ بِالنَّاسِ فَإِنْ لَمْ يَعْلَمْ بِقُدُومِ الثَّانِي أَجْزَأَهُمْ لِأَنَّهُ لَا يَنْعَزِلُ مَا لَمْ يَعْلَمْ بِقُدُومِ الثَّانِي وَإِنْ عَلِمَ بِهِ لَمْ يُجْزِئْهُمْ إلَّا أَنْ يَكُونَ الثَّانِي أَمَرَ بِإِقَامَتِهَا فَحِينَئِذٍ يُجْزِئُهُمْ لِأَنَّهُ مُسْتَجْمِعٌ لِشَرَائِطِهَا وَقَدْ قِيلَ لَا يُجْزِئُهُمْ لِأَنَّ الثَّانِيَ لَمَّا لَمْ يَمْلِكْ إقَامَتَهَا لِعَدَمِ شُهُودِ الْخُطْبَةِ لَمْ يَصِحَّ أَمْرُهُ الْأَوَّلَ بِهَا وَقَدْ بَيَّنَّا هَذَا فِيمَا سَبَقَ
(قَالَ) وَيُكْرَهُ أَنْ يُصَلِّيَ الظُّهْرَ يَوْمَ الْجُمُعَةِ فِي الْمِصْرِ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute