وَالدَّرَاهِمُ مِثْلُهُ، فَقَالَ أَبُو بَصْرَةَ فَلَقِيت بَعْدَ ذَلِكَ ابْنَ عُمَرَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا - فَقَالَ: لَا خَيْرَ فِيهِ، وَأَمَرْت أَبَا الصَّهْبَاءِ فَسَأَلَ ابْنَ عَبَّاسٍ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا - عَنْ الصَّرْفِ فَقَالَ: لَا خَيْرَ فِيهِ، وَفِي هَذَا دَلِيلُ رُجُوعِ ابْنِ عُمَرَ وَابْنِ عَبَّاسٍ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا - عَنْ فَتْوَاهُمَا بِجَوَازِ التَّفَاضُلِ
وَقَدْ رُوِيَ أَنَّ عَلِيًّا - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - لَمَّا سَمِعَ هَذِهِ الْفَتْوَى عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا - فَقَالَ: إنَّك رَجُلٌ تَائِهٌ، وَعَنْ الشَّعْبِيِّ قَالَ: حَدَّثَنِي بِضْعَةَ عَشَرَ نَفَرًا مِنْ أَصْحَابِ ابْنِ عَبَّاسٍ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا - الْخَبَرَ فَالْخَبَرُ أَنَّهُ رَجَعَ عَنْ فَتْوَاهُ فَقَالَ: الْفَضْلُ حَرَامٌ، وَقَالَ جَابِرُ بْنُ زَيْدٍ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - مَا خَرَجَ ابْنُ عَبَّاسٍ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - مِنْ الدُّنْيَا حَتَّى رَجَعَ عَنْ قَوْلِهِ فِي الصَّرْفِ وَالْمُتْعَةِ فَعُلِمَ أَنَّ حُرْمَةَ التَّفَاضُلِ مُجْمَعٌ عَلَيْهِ فِي الصَّدْرِ الْأَوَّلِ، وَأَنَّ قَضَاءَ الْقَاضِي بِخِلَافِهِ بَاطِلٌ، وَفِيهِ دَلِيلٌ أَنَّهُمْ كَانُوا يَسْمَعُونَ حُكْمًا فِي حَادِثَةٍ فَيُلْحِقُونَ بِهَا مَا فِي مَعْنَاهَا فَإِنَّ أَبَا سَعِيدٍ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - ذَكَرَ أَنَّهُ سَمِعَهُ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، ثُمَّ رَوَى الْحَدِيثَ فِي التَّمْرِ وَبَيَّنَ أَنَّ الدَّرَاهِمَ مِثْلُهُ، وَفِيهِ دَلِيلٌ عَلَى أَنَّ النَّصَّ فِي شَيْءٍ يَكُونُ نَصًّا فِيمَا هُوَ فِي مَعْنَاهُ مِنْ كُلِّ وَجْهٍ، لِأَنَّهُ لَوْ كَانَ هَذَا قِيَاسًا فَالْقِيَاسُ اسْتِنْبَاطٌ بِالرَّأْيِ، وَمَا كَانَ يَقُولُ بَلْ سَمِعْته مِنْ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، وَفِيهِ دَلِيلٌ أَنَّهُ لَا بَأْسَ لِلْمُسْتَفْتِي أَنْ يُطَالِبَ الْمُفْتِيَ بِالدَّلِيلِ إذَا كَانَ أَهْلًا لِذَلِكَ فَإِنَّ أَبَا سَعِيدٍ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - لَمْ يُنْكِرْ عَلَيْهِ ذَلِكَ، وَأَنَّهُ لَا بَأْسَ لِلْإِنْسَانِ أَنْ يَأْمُرَ غَيْرَهُ بِالِاسْتِفْتَاءِ، وَإِنْ كَانَ هُوَ الْمُحْتَاجَ إلَيْهِ كَمَا فَعَلَهُ هَذَا الرَّجُلُ، وَإِنْ كَانَ احْتَشَمَ أَبَا سَعِيدٍ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - فَلَمْ يَسْأَلْهُ بِنَفْسِهِ كَمَا رُوِيَ أَنَّ الصَّحَابَةَ - رِضْوَانُ اللَّهِ عَلَيْهِمْ - كَانُوا يَجْلِسُونَ حَوْلَ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - كَأَنَّ عَلَى رُءُوسِهِمْ الطَّيْرَ، وَكَانَ يُعْجِبُهُمْ أَنْ يَدْخُلَ أَعْرَابِيٌّ لِيَسْأَلَهُ لِيَسْتَفِيدُوا بِسُؤَالِهِ، أَوْ عَلِمَ هَذَا الرَّجُلُ بِقَوْلِ ابْنِ عُمَرَ وَابْنِ عَبَّاسٍ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا -، وَلَمْ يُعْجِبْهُ أَنْ يُظْهِرَ الْإِنْكَارَ عَلَيْهِمَا فَأَمَرَ غَيْرَهُ حَتَّى سَأَلَ أَبَا سَعِيدٍ الْخُدْرِيَّ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - فَيُطَالِبُهُ بِالدَّلِيلِ لِيَتَبَيَّنَ مَا هُوَ الصَّوَابُ فَيَحْصُلَ الْمَقْصُودُ مِنْ غَيْرِ أَنْ يَسْتَوْحِشَ أَحَدٌ، وَهَذَا أَقْرَبُ إلَى حُسْنِ الْعِشْرَةِ.
، وَعَنْ شُرَيْحٍ أَنَّ رَجُلًا بَاعَ طَوْقَ ذَهَبٍ مُفَضَّضٍ بِمِائَةِ دِينَارٍ فَاخْتَصَمَا إلَى شُرَيْحٍ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - فَأَفْسَدَ الْبَيْعَ، وَهَذَا عِنْدَنَا؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَكُنْ يَدْرِي مِقْدَارَ الذَّهَبِ الَّذِي فِي الطَّوْقِ، أَوْ عَلِمَ أَنَّهُ مِائَةُ مِثْقَالٍ أَوْ أَكْثَرُ أَمَّا إذَا عَلِمَ أَنَّهُ دُونَ مِائَةِ مِثْقَالٍ فَالْبَيْعُ جَائِزٌ عَلَى أَنْ تَكُونَ الزِّيَادَةُ بِمُقَابَلَةِ الْفِضَّةِ إلَّا أَنْ تَكُونَ الْفِضَّةُ تَمْوِيهًا فِيهِ بِحَيْثُ لَا يُسْتَخْلَصُ فَحِينَئِذٍ لَا يُعْتَبَرُ ذَلِكَ، وَلَا يَحْصُلُ بِمُقَابَلَتِهَا شَيْءٌ فَيَكُونُ بِمُقَابَلَةِ الصَّنْعَةِ، وَلَا قِيمَةَ لِلصَّنْعَةِ عِنْدَ اتِّحَادِ الْجِنْسِ.
وَعَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي سَلَمَةَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - «أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بَعَثَ يَوْمَ خَيْبَرَ سَعْدَ بْنَ سَعْدِ بْنِ مَالِكٍ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute