يَقْبِضَهَا اُنْتُقِضَ الصُّلْحُ؛ لِأَنَّ صِحَّةَ هَذَا الصُّلْحِ بِاعْتِبَارِ الْمُبَادَلَةِ؛ لِأَنَّ مَا وَقَعَ عَلَيْهِ الصُّلْحُ لَيْسَ مِنْ جِنْسِ الدَّيْنِ، وَمُبَادَلَةُ الدَّرَاهِمِ بِالدَّنَانِيرِ صَحِيحَةٌ بِشَرْطِ الْقَبْضِ فِي الْمَجْلِسِ، فَيَبْطُلُ بِالِافْتِرَاقِ قَبْلَ الْقَبْضِ، وَكَذَلِكَ إنْ كَانَتْ إلَى أَجَلٍ، أَوْ فِيهَا شَرْطُ خِيَارٍ، وَافْتَرَقَا عَلَى ذَلِكَ فَهُوَ فَاسِدٌ؛ لِأَنَّ الْعَقْدَ صَرْفٌ أَمَّا عِنْدَ إقْرَارِ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ، فَلَا إشْكَالَ، وَكَذَلِكَ عِنْدَ جُحُودِهِ؛ لِأَنَّ صِحَّةَ الصُّلْحِ مَعَ الْإِنْكَارِ بِنَاءً عَلَى زَعْمِ الْمُدَّعِي.
وَإِذَا مَاتَتْ الْمَرْأَةُ، وَتَرَكَتْ مِيرَاثًا مِنْ رَقِيقٍ، وَعُرُوضٍ، وَحُلِيٍّ، وَذَهَبٍ، وَتَرَكَتْ أَبَاهَا، وَزَوْجَهَا، وَمِيرَاثَهَا عِنْدَ أَبِيهَا، فَصَالَحَ زَوْجُهَا مِنْ ذَلِكَ عَلَى مِائَةِ دِينَارٍ، وَلَا يَعْلَمُ مِقْدَارَ نَصِيبِهِ مِنْ الذَّهَبِ؛ فَالصُّلْحُ بَاطِلٌ؛ لِجَوَازِ أَنْ يَكُونَ نَصِيبُهُ مِنْ الذَّهَبِ هَذَا الْمِقْدَارَ، أَوْ أَكْثَرَ فَيَبْقَى نَصِيبُهُ مِنْ سَائِرِ الْأَشْيَاءِ خَالِيًا عَنْ الْمُقَابَلَةِ، وَكَذَلِكَ لَوْ صَالَحَ عَلَى خَمْسمِائَةِ دِرْهَمٍ، وَلَا يَعْلَمُ أَنَّ نَصِيبَهُ مِنْ الْفِضَّةِ أَكْثَرُ مِنْهَا، أَوْ أَقَلُّ، وَإِنْ صَالَحَهُ عَلَى خَمْسمِائَةِ دِرْهَمٍ، وَخَمْسِينَ دِينَارًا، وَتَقَابَضَا قَبْلَ أَنْ يَفْتَرِقَا جَازَ؛ لِأَنَّهُ وَإِنْ كَانَ نُصِيبُهُ فِي كُلِّ وَاحِدٍ مِنْ النَّقْدَيْنِ فَوْقَ هَذَا الْمِقْدَارِ فَتَصْحِيحُ الْعَقْدِ مُمْكِنٌ، بِأَنْ يَجْعَلَ مَا أَخَذَ مِنْ الذَّهَبِ بِالْفِضَّةِ، وَحِصَّتُهُ مِنْ الْعُرُوضِ، وَمَا أَخَذَ مِنْ الْفِضَّةِ بِالذَّهَبِ، وَحِصَّتُهُ مِنْ الْعُرُوضِ، وَإِنْ تَفَرَّقَا قَبْلَ أَنْ يَقْبِضْ شَيْئًا انْتَفَضَ الصُّلْحُ لِوُجُودِ الِافْتِرَاقِ، وَالْمِيرَاثُ قَبْلَ الْقَبْضِ فِي عَقْدِ الصَّرْفِ، فَإِنْ قَبَضَ الزَّوْجُ الدَّرَاهِمَ، وَالدَّنَانِيرَ، ثُمَّ افْتَرَقَا، وَالْمِيرَاثُ فِي مَنْزِلِ الْأَبِ، انْتَقَضَ مِنْ الصُّلْحِ حِصَّةُ الذَّهَبِ؛ لِأَنَّ الْأَبَ بِيَدِهِ السَّابِقَةِ لَا يَصِيرُ قَابِضًا مَا كَانَ حِصَّةَ الزَّوْجِ مِنْ الذَّهَبِ، وَالْفِضَّةِ؛ لِأَنَّ يَدَهُ كَانَتْ يَدَ أَمَانَةٍ، وَالْعَقْدُ فِيهَا صَرْفٌ، فَيَبْطُلُ بِالِافْتِرَاقِ قَبْلَ الْقَبْضِ، وَفِيمَا سِوَى ذَلِكَ الْعَقْدِ بَيْعٌ، فَلَا يَبْطُلُ بِتَرْكِ قَبْضِ الْمَعْقُودِ عَلَيْهِ فِي الْمَجْلِسِ بِقَدْرِ الْمَجْلِسِ، وَإِنْ قَبَضَ الْأَبُ ذَلِكَ، وَقَبَضَ الزَّوْجُ بَعْضَ الدَّرَاهِمِ، وَالدَّنَانِيرِ، فَإِنْ كَانَ مَا قَبَضَ بِقَدْرِ حِصَّةِ الذَّهَبِ، وَالْفِضَّةِ فَالصُّلْحُ مَاضٍ لِمَا بَيَّنَّا، أَنَّ الْمَقْبُوضَ مِمَّا كَانَ قَبْضُهُ مُسْتَحَقًّا فِي الْمَجْلِسِ، وَهُوَ حِصَّةُ الذَّهَبِ، وَالْفِضَّةِ، وَإِنْ كَانَ النَّقْدُ أَقَلَّ مِنْ ذَلِكَ بَطَلَ مِنْ الذَّهَبِ، وَالْفِضَّةِ حِصَّةُ مَا لَمْ يَنْقُدْ، وَجَازَ فِي حِصَّةِ مَا اُنْتُقِضَ اعْتِبَارًا لِلْبَعْضِ بِالْكُلِّ، وَجَازَ مَا سِوَى ذَلِكَ مِنْ غَيْرِ الْحُلِيِّ؛ لِأَنَّ الْعَقْدَ فِيهِ بَيْعٌ لَا صَرْفٌ.
وَإِذَا ادَّعَى الرَّجُلُ سَيْفًا مُحَلَّى بِفِضَّةٍ فِي يَدِ رَجُلٍ، فَصَالَحَهُ مِنْهُ عَلَى عَشَرَةِ دَنَانِيرَ، وَقَبَضَ مِنْهَا خَمْسَةَ دَنَانِيرَ، ثُمَّ افْتَرَقَا، أَوْ اشْتَرَى بِالْبَاقِي مِنْهُ ثَوْبًا قَبْلَ أَنْ يَتَفَرَّقَا، وَقَبَضَهُ فَإِنْ كَانَ نَقَدَ مِنْ الدَّنَانِيرِ بِقَدْرِ الْحِلْيَةِ، وَحِصَّتِهَا؛ فَالصُّلْحُ مَاضٍ؛ لِأَنَّ النُّقُودَ حِصَّةُ الْحِلْيَةِ، فَإِنَّ قَبْضَهُ مُسْتَحَقٌّ فِي الْمَجْلِسِ، وَالْبَاقِي حِصَّةُ السَّيْفِ، وَتَرْكُ الْقَبْضِ فِيهِ لَا يَضُرُّ، وَالِاسْتِبْدَالُ بِهِ قَبْلَ الْقَبْضِ صَحِيحٌ، وَإِنْ كَانَ نَقَدَ أَقَلَّ مِنْ حِصَّةِ الْحِلْيَةِ، فَالصُّلْحُ فَاسِدٌ؛ لِأَنَّ بِقَدْرِ مَا لَمْ يَنْقُدْ مِنْ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute