للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

صَحِيحٌ وَعَلَى قَوْلِ زُفَرَ هُوَ عَلَى شُفْعَتِهِ عَلَى كُلِّ حَالٍ؛ لِأَنَّ الدَّرَاهِمَ، وَالدَّنَانِيرَ جِنْسَانِ؛ وَلِهَذَا حَلَّ التَّفَاضُلُ بَيْنَهُمَا فَكَأَنَّهُ قَالَ: سَلَّمْت إنْ كَانَ الثَّمَنُ أَلْفَ دِرْهَمٍ، فَإِذَا تَبَيَّنَ أَنَّ الثَّمَنَ دَنَانِيرُ، فَهُوَ عَلَى شُفْعَتِهِ كَمَا فِي الْمَكِيلَاتِ، وَالْمَوْزُونَاتِ، وَلَكِنَّا نَقُولُ: الدَّرَاهِمُ، وَالدَّنَانِيرُ جِنْسَانِ صُورَةً، وَلَكِنَّهُمَا جِنْسٌ وَاحِدٌ فِي الْمَعْنَى، وَالْمَقْصُودُ هُوَ الْمَالِيَّةُ وَالثَّمَنِيَّةُ وَمُبَادَلَةُ أَحَدِ النَّقْدَيْنِ بِالْآخَرِ يَتَيَسَّرُ فِي الْعَادَةِ، فَلَا يَتَقَيَّدُ رِضَاهُ بِالصُّورَةِ، وَإِنَّمَا يَتَقَيَّدُ بِالْمَعْنَى وَهُوَ مِقْدَارُ الْمَالِيَّةِ، فَيَكُونُ تَسْلِيمُهُ صَحِيحًا إذَا كَانَتْ مَالِيَّةُ الثَّمَنِ أَقَلَّ مِمَّا أَخْبَرَ بِهِ وَهَذَا؛ لِأَنَّ مَنْ لَا يَرْغَبُ فِي شِرَاءِ الشَّيْءِ بِأَلْفِ دِرْهَمٍ لَا يَرْغَبُ فِي شِرَائِهِ أَيْضًا بِمِائَةِ دِينَارٍ قِيمَتُهَا أَلْفُ دِرْهَمٍ وَمَا لَا يَكُونُ مُقَيَّدًا مِنْ التَّقْيِيدِ لَا يُعْتَبَرُ وَلَوْ قِيلَ لَهُ اشْتَرَاهَا بِعَبْدٍ، أَوْ ثِيَابٍ قِيمَتُهُ أَلْفُ دِرْهَمٍ فَسَلَّمَ، فَإِذَا الثَّمَنُ دَرَاهِمُ، أَوْ دَنَانِيرُ، فَهُوَ عَلَى شُفْعَتِهِ؛ لِأَنَّ هَذَا التَّقْيِيدَ مُفِيدٌ فِي حَقِّهِ؛ لِأَنَّهُ، وَإِنْ كَانَ يَأْخُذُهَا بِالْقِيمَةِ، فَقَدْ يَصِيرُ مَغْبُونًا فِي ذَلِكَ؛ لِأَنَّ تَقْوِيمَ الشَّيْءِ بِالظَّنِّ يَكُونُ قَائِمًا أَقْدَمَ عَلَى التَّسْلِيمِ لِهَذَا وَيَنْعَدِمُ هَذَا الْمَعْنَى إذَا كَانَ الثَّمَنُ دَرَاهِمَ وَلَوْ قِيلَ لَهُ إنَّهُ اشْتَرَاهَا بِعَبْدٍ قِيمَتُهُ أَلْفُ دِرْهَمٍ فَسَلَّمَ الشُّفْعَةَ، فَإِذَا قِيمَةُ الْعَبْدِ أَكْثَرُ مِنْ ذَلِكَ، فَلَا شُفْعَةَ لَهُ، وَإِنْ كَانَتْ قِيمَتُهُ أَقَلَّ مِنْ أَلْفِ دِرْهَمٍ فَلَهُ الشَّفَةُ؛ لِأَنَّ الثَّمَنَ إذَا كَانَ مِمَّا لَا مِثْلَ لَهُ مِنْ جِنْسِهِ، فَإِنَّمَا يَأْخُذُ الشَّفِيعُ بِقِيمَتِهِ فَكَانَ هَذَا فِي حَقِّهِ بِمَنْزِلَةِ الْبَيْعِ بِتِلْكَ الْقِيمَةِ، فَإِذَا كَانَ لِثَمَنٍ أَقَلَّ مِمَّا أَخْبَرَ بِهِ لَمْ يَكُنْ هُوَ رَاضِيًا بِسُقُوطِ حَقِّهِ.

وَإِذَا كَانَتْ الدَّارُ بَيْنَ ثَلَاثَةِ رِجَالٍ، إلَّا مَوْضِعَ بِئْرٍ، أَوْ طَرِيقٍ فِيهَا فَبَاعَ الشَّرِيكُ فِي الْجَمِيعِ نَصِيبَهُ مِنْ جَمِيعِ الدَّارِ، فَالشَّرِيكُ الَّذِي لَهُ فِي جَمِيعِ الدَّارِ نَصِيبٌ أَحَقُّ مِنْ الْآخَرِ الَّذِي لَهُ فِي بَعْضِ الدَّارِ نَصِيبٌ؛ لِأَنَّ شَرِكَتَهُ أَعَمُّ، وَقَدْ بَيَّنَّا أَنَّ مَنْ يَكُونُ أَقْوَى سَبَبًا، فَهُوَ مُقَدَّمٌ فِي الِاسْتِحْقَاقِ؛ وَلِأَنَّ الْمَوْضِعَ الَّذِي هُوَ مُشْتَرَكٌ بَيْنَ الْبَائِعِ وَبَيْنَهُ لَا حَقَّ لِلثَّالِثِ فِيهِ، وَهُوَ مَوْضِعُ الْبِئْرِ، أَوْ الطَّرِيقُ لَا بُدَّ أَنْ يَكُونَ هُوَ أَحَقُّ فِي ذَلِكَ الْمَوْضِعِ بِالْأَخْذِ بِالشُّفْعَةِ، وَذَلِكَ فِي حُكْمِ شَيْءٍ وَاحِدٍ، فَإِذَا صَارَ أَحَدُهُمْ أَحَقَّ بِالتَّبْعِيضِ كَانَ أَحَقَّ بِالْجَمِيعِ وَإِنْ اخْتَلَفَا الْبَائِعُ، وَالْمُشْتَرِي، وَالشَّفِيعُ فِي الثَّمَنِ قَبْلَ نَقْدِ الثَّمَنِ، وَالدَّارُ مَقْبُوضَةٌ، أَوْ غَيْرُ مَقْبُوضَةٍ، فَالْقَوْلُ قَوْلُ الْبَائِعِ فِي الثَّمَنِ وَيَثْبُتُ حُكْمُ التَّحَالُفِ بَيْنَ الْبَائِعِ، وَالْمُشْتَرِي بِالنَّصِّ وَلِلشَّفِيعِ أَنْ يَأْخُذَ بِمَا قَالَ الْبَائِعُ إنْ شَاءَ؛ لِأَنَّ الشَّرْعَ لَمَّا جَعَلَ الْقَوْلَ قَوْلَ الْبَائِعِ ظَهَرَ مِقْدَارُ الثَّمَنِ فِي حَقِّهِ بِخَبَرِهِ، وَإِنَّمَا لَمْ يَظْهَرْ فِي إلْزَامِ الْمُشْتَرِي، وَلَيْسَ فِي جَانِبِ الشَّفِيعِ إلْزَامٌ، بَلْ هُوَ مُخَيَّرٌ فَيَأْخُذُهُ بِمَا قَالَ الْبَائِعُ إنْ شَاءَ، وَإِنْ كَانَتْ الدَّارُ فِي يَدِ الْمُشْتَرِي، فَقَالَ الْبَائِعُ: بِعْتهَا بِأَلْفِ دِرْهَمٍ وَاسْتَوْفَيْت الثَّمَنَ وَقَالَ الْمُشْتَرِي اشْتَرَيْتهَا بِأَلْفَيْنِ فَلِلشَّفِيعِ أَنْ يَأْخُذَ بِأَلْفِ دِرْهَمٍ وَلَوْ قَالَ

<<  <  ج: ص:  >  >>