إنْ طَلَبَا الشُّفْعَةَ؛ لِأَنَّهُمَا يُثْبِتَانِ لِأَنْفُسِهِمَا حَقَّ الْأَخْذِ عَلَى الْمُشْتَرِي وَإِلْزَامَ الْعُهْدَةِ إيَّاهُ إذَا أَخَذَا مِنْ يَدِهِ، فَلَا تُقْبَلُ شَهَادَتُهُمَا، غَيْرَ أَنَّهُمَا يَأْخُذَانِهَا بِإِقْرَارِ الْبَائِعِ؛ لِأَنَّ إقْرَارَهُ بِالْبَيْعِ مُوجِبٌ حَقَّ الشُّفْعَةِ لِلشَّفِيعِ، وَإِنْ جَحَدَهُ الْمُشْتَرِي كَمَا لَوْ قَالَ: كُنْتُ بِعْتُ هَذِهِ الدَّارَ مِنْ فُلَانٍ وَجَحَدَ الْمُشْتَرِي وَحَلَفَ كَانَ لِلشَّفِيعِ أَنْ يَأْخُذَهَا بِالشُّفْعَةِ وَلَوْ شَهِدَ ابْنَا الشَّفِيعِ، أَوْ أَبُوهُ، أَوْ امْرَأَتُهُ بِذَلِكَ كَانَتْ الشَّهَادَةُ بَاطِلَةٌ؛ لِأَنَّهُ يُثْبِتُ بِشَهَادَتِهِ الْحَقَّ لِلشَّفِيعِ وَهُوَ مُتَّهَمٌ فِي حَقِّهِ بِالْوِلَادَةِ أَوْ الزَّوْجِيَّةِ، فَيَكُونُ كَالْمُتَّهَمِ فِي حَقِّ نَفْسِهِ، وَإِنْ شَهِدَ وَلَدُ الشَّفِيعِ وَوَالِدُهُ عَلَى الشَّفِيعِ بِالتَّسْلِيمِ جَازَتْ شَهَادَتُهُمَا لِانْتِفَاءِ التُّهْمَةِ، فَإِنَّهُمَا أَسْقَطَا حَقَّ الشَّفِيعِ بِهَذِهِ الشَّهَادَةِ، وَلَا يُتَّهَمُ الْإِنْسَانُ بِالْإِضْرَارِ بِوَلَدِهِ أَوْ، وَالِدِهِ، وَالْقَصْدُ إسْقَاطُ حَقِّهِ.
وَكَذَلِكَ شَهَادَةُ الْمَوْلَى عَلَى مُكَاتَبِهِ وَعَبْدِهِ الْمَأْذُونِ بِالتَّسْلِيمِ جَائِزَةٌ لِانْتِفَاءِ التُّهْمَةِ مِنْ وَجْهٍ كَشَهَادَتِهِ عَلَى نَفْسِهِ وَشَهَادَةُ الْمَرْءِ عَلَى نَفْسِهِ مِنْ أَصْدَقِ الشَّهَادَاتِ، وَإِنْ شَهِدَ الْمَوْلَى عَلَى الْبَيْعِ، وَالْعَبْدُ، وَالْمُكَاتَبُ يَطْلُبَانِ الشُّفْعَةَ لَمْ تَجُزْ شَهَادَتُهُ؛ لِأَنَّ كَسْبَ الْعَبْدِ لِمَوْلَاهُ وَلَهُ فِي كَسْبِ مُكَاتَبِهِ حَقُّ الْمِلْكِ فَشَهَادَتُهُ بِمَا يُوجِبُ الشُّفْعَةَ لِعَبْدِهِ أَوْ مُكَاتَبِهِ بِمَنْزِلَةِ شَهَادَتِهِ لِنَفْسِهِ فَكَذَلِكَ شَهَادَةُ وَلَدِ الْمَوْلَى وَوَالِدِهِ؛ لِمَا فِيهَا مِنْ الْحَقِّ لِلْوَلِيِّ.
وَإِذَا كَانَتْ الدَّارُ لِثَلَاثَةِ نَفَرٍ فَشَهِدَ اثْنَانِ مِنْهُمْ أَنَّهُمْ جَمِيعًا بَاعُوهَا مِنْ فُلَانٍ وَادَّعَى ذَلِكَ فُلَانٌ وَجَحَدَ الشَّرِيكُ لَمْ تَجُزْ شَهَادَتُهُمْ عَلَى الشَّرِيكِ؛ لِأَنَّهُمَا بِهَذِهِ الشَّهَادَةِ يُثْبِتَانِ صِفَةَ اللُّزُومِ فِي بَيْعِهِمَا، فَإِنَّ لِلْمُشْتَرِي حَقُّ الْفَسْخِ إذَا لَمْ يَثْبُتْ الْبَيْعُ فِي نَصِيبِ الثَّالِثِ؛ لِأَنَّهُمَا يَشْهَدَانِ عَلَى فِعْلٍ بَاشَرَاهُ، فَإِنَّهُمْ بَاشَرُوا الْبَيْعَ صَفْقَةً وَاحِدَةً وَهُمْ فِي ذَلِكَ كَشَخْصٍ وَاحِدٍ، وَالْإِنْسَانُ فِيمَا يُبَاشِرُ يَكُونُ خَصْمًا لَا شَاهِدًا وَلِلشَّفِيعِ أَنْ يَأْخُذَ ثُلُثَيْ الدَّارِ بِالشُّفْعَةِ؛ لِأَنَّ الْبَيْعَ فِي نَصِيبِهِمَا ثَبَتَ بِإِقْرَارِهِمَا وَإِنْ أَنْكَرَ الْمُشْتَرِي الشِّرَاءَ وَأَقَرَّ بِهِ الشُّرَكَاءُ جَمِيعًا فَشَهَادَتُهُمْ أَيْضًا بَاطِلَةٌ؛ لِأَنَّهُمْ يَشْهَدُونَ عَلَى فِعْلِ أَنْفُسِهِمْ وَيُثْبِتُونَ الثَّمَنَ لَهُمْ فِي ذِمَّةِ الْمُشْتَرِي وَلِلشَّفِيعِ أَنْ يَأْخُذَ الدَّارَ كُلَّهَا بِالشُّفْعَةِ لِثُبُوتِ الْبَيْعِ فِي جَمِيعِهَا عِنْدَ إقْرَارِهِمْ بِذَلِكَ، وَلَا شُفْعَةَ لِلْوَكِيلِ فِيمَا بَاعَ؛ لِأَنَّ الْبَائِعَ لِغَيْرِهِ فِي حُكْمِ الْعَقْدِ، كَالْبَائِعِ لِنَفْسِهِ، وَلَا شُفْعَةَ لِلْبَائِعِ، فَإِنْ أَخَذَهُ بِالشُّفْعَةِ يَكُونُ سَعْيًا فِي نَقْضِ مَا قَدْ تَمَّ بِهِ وَهُوَ الْمِلْكُ، وَالْيَدُ لِلْمُشْتَرِي
وَمَنْ سَعَى فِي نَقْضِ مَا قَدْ تَمَّ بِهِ يَبْطُلُ سَعْيُهُ؛ وَلِأَنَّهُ لَوْ ثَبَتَ لَهُ حَقُّ الشُّفْعَةِ امْتَنَعَ مِنْ تَسْلِيمِهَا إلَى الْمُشْتَرِي بَعْدَ مَا الْتَزَمَ ذَلِكَ بِالْعَقْدِ يَكُونُ حَقُّ الشَّفِيعِ مُقَدَّمًا، وَكَذَلِكَ لَا شُفْعَةَ لِمَنْ بَيْع لَهُ، وَهُوَ الْمُوَكِّلُ؛ لِأَنَّ تَمَامَ الْبَيْعِ بِهِ، فَإِنَّهُ لَوْلَا تَوْكِيلُهُ مَا جَازَ الْبَيْعُ، فَإِنْ شَهِدَ الْآمِرُ بِالْبَيْعِ مَعَ أَجْنَبِيٍّ أَنَّ الْمُشْتَرِيَ رَدَّهَا عَلَى الْبَائِعِ بِالشُّفْعَةِ لَمْ تَجُزْ شَهَادَةُ الْآمِرِ فِي ذَلِكَ لِكَوْنِهِ مُتَّهَمًا فِي شَهَادَتِهِ، فَالْمُشْتَرِي قَبْلَ هَذَا
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute