للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قَالَ: وَكَانَ شَيْخُنَا الْإِمَامُ يَحْكِي عَنْ أُسْتَاذِهِ أَنَّهُ كَانَ يُفْتِي بِجَوَازِ بَيْعِ الشِّرْبِ بِدُونِ الْأَرْضِ وَيَقُولُ: فِيهِ عُرْفٌ ظَاهِرٌ فِي دِيَارِنَا بِنَسَفَ، فَإِنَّهُمْ يَبِيعُونَ الْمَاءَ) فَلِلْعُرْفِ الظَّاهِرِ كَانَ يُفْتِي بِجَوَازِهِ، وَلَكِنَّ الْعُرْفَ إنَّمَا يُعْتَبَرُ فِيمَا لَا نَصَّ بِخِلَافِهِ، وَالنَّهْيُ عَنْ بَيْعِ الْغَرَرِ نَصٌّ بِخِلَافِ هَذَا الْعُرْفِ، فَلَا يُعْتَبَرُ.

وَإِذَا اشْتَرَى الرَّجُلُ أَرْضًا فَلَهُ مَا فِيهَا مِنْ نَخْلٍ، أَوْ شَجَرٍ؛ لِأَنَّهَا بِمَنْزِلَةِ الْبِنَاءِ مُتَّصِلَةٌ بِالْأَرْضِ لِلْقَرَارِ، وَلَيْسَ لَهُ مَا فِيهَا مِنْ زَرْعٍ، أَوْ تَمْرٍ؛ لِأَنَّ الِاتِّصَالَ فِيهَا لَيْسَ لِلتَّأْبِيدِ، وَالْقَرَارِ، بَلْ لِلْإِدْرَاكِ، فَهُوَ اتِّصَالٌ يَعْرِضُ الْفَصْلَ، فَيَكُونُ بِمَعْنَى الْمَتَاعِ الْمَوْضُوعِ فِيهَا لَا تَدْخُلُ فِي الْبَيْعِ، إلَّا بِالذِّكْرِ، وَالْأَصْلُ فِيهِ قَوْلُهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «مَنْ اشْتَرَى أَرْضًا فِيهَا نَخْلٌ، فَالثَّمَرُ لِلْبَائِعِ، إلَّا أَنْ يَشْتَرِطَ الْمَتَاعَ» وَلَوْ اشْتَرَى الْأَرْضَ بِكُلِّ قَلِيلٍ أَوْ كَثِيرٍ هُوَ فِيهَا، أَوْ مِنْهَا فَلَهُ الثَّمَرُ، وَالزَّرْعُ وَفِي غَيْرِ هَذَا الْمَوْضِعِ يَقُولُ: لَا يَدْخُلُ الثَّمَرُ، وَالزَّرْعُ بِهَذَا اللَّفْظِ وَتَأْوِيلُ مَا قَالَ هُنَاكَ إذَا اشْتَرَاهَا بِكُلِّ قَلِيلٍ، أَوْ كَثِيرٍ هُوَ فِيهَا، أَوْ مِنْهَا بِحُقُوقِهَا فَعِنْدَ هَذَا التَّقْيِيدِ لَا تَدْخُلُ الثَّمَرَةُ، وَالزَّرْعُ؛ لِأَنَّهُمَا لَيْسَا مِنْ حُقُوقِهَا وَتَأْوِيلُ مَا ذَكَرَ هُنَا أَنَّهُ لَمْ يُقَيِّدْ بِقَوْلِهِ مِنْ حُقُوقِهَا وَعِنْدَ الْإِطْلَاقِ يَتَنَاوَلُ لَفْظَ الثَّمَرِ، وَالزَّرْعِ؛ لِأَنَّهُمَا مِنْ الْقَلِيلِ، وَالْكَثِيرِ الَّذِي هُوَ فِيهَا، أَوْ مِنْهَا لِاتِّصَالِهِ فِي الْحَالِ، وَالْأَمْتِعَةُ الْمَوْضُوعَةُ تَدْخُلُ بِهَذَا اللَّفْظِ أَيْضًا إنْ كَانَ قَالَ: أَوْ مِنْهَا؛ لِأَنَّهَا مِنْ الْقَلِيلِ، أَوْ الْكَثِيرِ الَّذِي فِيهَا وَإِنْ كَانَ قَالَ: وَمِنْهَا لَمْ تَدْخُلْ؛ لِأَنَّهَا لَيْسَتْ مِنْ الْأَرْضِ وَأَمَّا مَا لَا يَدْخُلُ فِي الْبَيْعِ، كَالزَّوْجَةِ، وَالْوَلَدِ لِلْبَائِعِ إذَا كَانَ فِيهَا فِي الْقِيَاسِ يَدْخُلُ وَيَفْسُدُ الْبَيْعُ وَفِي الِاسْتِحْسَانِ لَا يَدْخُلُ لِعِلْمِنَا أَنَّهُمَا لَمْ يَقْصِدَا ذَلِكَ، وَإِذَا اشْتَرَاهَا بِكُلِّ حَقٍّ هُوَ لَهَا بِمَرَافِقِهَا لَمْ يَدْخُلْ فِيهَا الثَّمَرُ، وَالزَّرْعُ؛ لِأَنَّهُمَا لَيْسَا مِنْ حُقُوقِ الْأَرْضِ وَمَرَافِقِهَا، فَإِنَّمَا يُطْلَقُ هَذَا اللَّفْظُ عَلَى مَا بِهِ يَتَأَتَّى الِانْتِفَاعُ بِالْأَرْضِ، كَالشَّرَبِ، وَالطَّرِيقِ الْخَاصِّ فِي مِلْكِ إنْسَانٍ، فَذَلِكَ الَّذِي يَدْخُلُ فِي الشِّرَاءِ عِنْدَ ذِكْرِ هَذَا اللَّفْظِ، وَالثَّمَرُ، وَالزَّرْعُ لَيْسَا مِنْ هَذَا فِي شَيْءٍ، فَلَا يَدْخُلُ بِذِكْرِ الْحُقُوقِ، وَالْمَرَافِقِ.

وَإِذَا اشْتَرَى دَارًا فَلَهُ الْبِنَاءُ سَوَاءٌ اشْتَرَطَ كُلَّ حَقٍّ هُوَ لَهَا، أَوْ لَمْ يَشْتَرِطْ وَهَذِهِ ثَلَاثَةُ فُصُولٍ الدَّارُ، وَالْمَنْزِلُ، وَالْبَيْتُ، فَإِذَا عَقَدَ الْعَقْدَ بِاسْمِ الدَّارِ يَدْخُلُ فِيهِ الْعُلْوُ، وَالسُّفْلُ، وَالْكَنِيفُ، وَالشَّارِعُ، وَإِنْ لَمْ يَقُلْ بِكُلِّ حَقٍّ هُوَ لَهُ؛ لِأَنَّ الدَّارَ هُوَ اسْمٌ؛ لِمَا أُدِيرَ عَلَيْهِ الْحَائِطُ، وَالْعُلْوُ، وَالسُّفْلُ مِمَّا أُدِيرَ عَلَيْهِ الْحَائِطُ، وَلَا يَدْخُلُ الطَّرِيقُ الْخَاصُّ فِي مِلْكِ إنْسَانٍ، إلَّا أَنْ يَقُولَ بِكُلِّ حَقٍّ هُوَ لَهَا؛ لِأَنَّ الطَّرِيقَ خَارِجٌ مِمَّا أُدِيرَ عَلَيْهِ الْحَائِطُ وَيَكُونُ مِنْ حُقُوقِ الدَّارِ، فَالِانْتِفَاعُ بِالدَّارِ يَتَأَتَّى بِهِ، فَإِنَّمَا يَدْخُلُ عِنْدَ ذِكْرِ الْحُقُوقِ، وَالْمَرَافِقِ، فَأَمَّا الظُّلَّةُ الَّتِي عَلَى ظَهْرِ الطَّرِيقِ عَلَيْهَا مَنْزِلٌ إلَى الدَّارِ لَا يَدْخُلُ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ، إلَّا أَنْ يَشْتَرِطَ الْحُقُوقَ، وَالْمَرَافِقَ فَحِينَئِذٍ تَدْخُلُ إذَا كَانَ مِفْتَحُهَا إلَى الدَّارِ وَعِنْدَ

<<  <  ج: ص:  >  >>