أَرْضِهِ، وَلَا عِبْرَةَ بِزِيَادَةِ الْجِوَارِ كَمَا لَا عِبْرَةَ بِزِيَادَةِ الشَّرِكَةِ، وَلَيْسَ لِصَاحِبِ مَسِيلِ الْمَاءِ حَقٌّ لِمَسِيلِ الْمَاءِ، يَعْنِي: أَنَّ صَاحِبَ أَسْفَلِ النَّهْرِ لَهُ فِي الْمَبِيعِ حَقُّ سَيْلِ الْمَاءِ فَمَا لَمْ يَسِلْ الْمَاءُ فِي أَعْلَى النَّهْرِ لَا يَنْتَهِي إلَيْهِ، وَلَكِنْ لَا يَصِيرُ بِهِ شَرِيكًا لِرَقَبَةِ النَّهْرِ، وَلَا فِي حُقُوقِهِ، وَإِنَّمَا يَتَرَجَّحُ عَلَى الْجَارِ الشَّرِيكِ فِي نَفْسِ الْمَبِيعِ أَوْ فِي حُقُوقِهِ، وَكَذَلِكَ لَوْ اشْتَرَى رَجُلٌ نَصِيبَ صَاحِبِ أَسْفَلِ النَّهْرِ، فَالشُّفْعَةُ لِصَاحِبِ الْأَعْلَى بِالْجِوَارِ لِاتِّصَالِ مِلْكِهِ بِالْمَبِيعِ، وَكَذَلِكَ لَوْ كَانَتْ قَنَاةٌ مِفْتَحُهَا بَيْنَ رَجُلَيْنِ إلَى مَكَان مَعْلُومٍ وَأَسْفَلُ مِنْ ذَلِكَ لِأَحَدِهِمَا فَبَاعَ صَاحِبُ الْأَسْفَلِ ذَلِكَ الْأَسْفَلَ، فَالشَّرِيكُ، وَالْجِيرَانُ فِيهِ سَوَاءٌ؛ لِأَنَّ بِالشَّرِكَةِ فِي أَعْلَى الْقَنَاةِ لَا يَكُونُ شَرِيكًا فِي الْمَبِيعِ، فَإِنَّ الْمَبِيعَ أَسْفَلُ الْقَنَاةِ، وَذَلِكَ كَانَ مِلْكًا خَالِصًا لِلْبَائِعِ؛ فَلِهَذَا كَانَ شَرِيكُهُ فِي أَعْلَى الْقَنَاةِ، وَالْجِيرَانُ فِي الشُّفْعَةِ سَوَاءٌ.
وَإِذَا كَانَ نَهْرٌ لِرَجُلٍ فَطَلَبَ إلَيْهِ رَجُلٌ لِيُكْرِيَ مِنْهُ النَّهْرَ إلَى أَرْضِهِ، ثُمَّ بِيعَ النَّهْرُ الْأَوَّلُ وَمَجْرَاهُ فِي أَرْضِ رَجُلٍ آخَرَ فَصَاحِبُ الْأَرْضِ أَوْلَى بِالشُّفْعَةِ؛ لِأَنَّ الْآخَرَ مُسْتَعِيرٌ، وَلَا حَقَّ لِلْمُسْتَعِيرِ فِي الشُّفْعَةِ إذْ لَا مِلْكَ لَهُ مُتَّصِلٌ بِالْمَبِيعِ عَلَى وَجْهِ التَّأْبِيدِ، وَالْقَرَارِ.
وَإِذَا كَانَ نَهْرٌ لِرَجُلٍ فِي أَرْضٍ لِرَجُلٍ عَلَيْهِ رَحَى مَاءٍ فِي بَيْتٍ فَبَاعَ صَاحِبُ النَّهْرِ النَّهْرَ، أَوْ الرَّحَى، وَالْبَيْتَ فَطَلَبَ صَاحِبُ الْأَرْضِ الشُّفْعَةَ فِي ذَلِكَ كُلِّهِ فَلَهُ الشُّفْعَةُ لِاتِّصَالِ مِلْكِهِ بِالْمَبِيعِ، وَإِنْ كَانَ بَيْنَ أَرْضِهِ وَبَيْنَ مَوْضِعِ الرَّحَى أَرْضٌ لِرَجُلٍ آخَرَ وَكَانَ جَانِبُ النَّهْرِ الْآخَرِ لِرَجُلٍ آخَرَ فَطَلَبَا الشُّفْعَةَ فَلَهُمَا أَنْ يَأْخُذَا ذَلِكَ بِالشُّفْعَةِ؛ لِأَنَّهُمَا سَوَاءٌ فِي الْجِوَارِ مِنْ النَّهْرِ وَإِنْ كَانَ بَعْضُهُمْ أَقْرَبَ إلَى الرَّحَى؛ لِأَنَّ الرَّحَى لَا تَسْتَقِيمُ، إلَّا بِالنَّهْرِ، فَهُوَ الْآنَ شَيْءٌ وَاحِدٌ أَلَا تَرَى أَنَّ مَوْضِعَ الرَّحَاءِ لَوْ كَانَ أَرْضًا لَهَا فِي ذَلِكَ النَّهْرِ شِرْبٌ فَبِيعَتْ كَانَ الشُّرَكَاءُ فِي الشِّرْبِ سَوَاءً فِي الشُّفْعَةِ، وَلَا يَكُونُ أَقْرَبُهُمْ إلَيْهَا أَوْلَى بِالشُّفْعَةِ، وَهَذَا إشَارَةٌ إلَى أَنَّ بِاعْتِبَارِ مِلْكِ الرَّحَاءِ تَثْبُتُ الشَّرِكَةُ فِي الشِّرْبِ؛ لِأَنَّ الِانْتِفَاعَ بِالرَّحَى لَا يَتَأَتَّى، إلَّا بِالْمَاءِ كَمَا لَا يَتَأَتَّى فِي الِانْتِفَاعِ بِالْأَرْضِ، إلَّا بِالْمَاءِ.
وَإِذَا كَانَ نَهْرٌ لِرَجُلٍ خَالِصًا لَهُ عَلَيْهِ أَرْضٌ وَلِآخَرَ عَلَيْهِ أَرَاضٍ، وَلَا شَرْبَ لَهُمْ فِيهِ فَبَاعَ رَبُّ الْأَرْضِ النَّهْرَ خَاصَّةً فَهُمْ شُرَكَاءُ فِي الشُّفْعَةِ فِيهِ لِاتِّصَالِ مِلْكِهِمْ بِالْمَبِيعِ، وَإِنْ بَاعَ الْأَرْضَ خَاصَّةً دُونَ النَّهْرِ، فَالْمُلَازِقُ لِلْأَرْضِ أَوْلَاهُمْ بِالشُّفْعَةِ؛ لِأَنَّهُ لَا شَرِكَةَ بَيْنَهُمْ فِي النَّهْرِ، وَالْمَبِيعُ الْأَرْضُ وَهُمْ جِيرَانُ الْمَبِيعِ، يَعْنِي: مَنْ يُلَازَقُ أَرْضُهُ الْأَرْضَ الْمَبِيعَةَ، فَالشُّفْعَةُ لِلْجَارِ الْمُلَازِقِ خَاصَّةً، وَإِنْ بَاعَ النَّهْرَ، وَالْأَرْضَ جَمِيعًا كَانُوا شُفَعَاءُ فِي النَّهْرِ لِاتِّصَالِ مِلْكِ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمْ بِالنَّهْرِ وَكَانَ الَّذِي هُوَ مُلَازِقُ الْأَرْضِ أَوْلَاهُمْ بِالشُّفْعَةِ فِي الْأَرْضِ لِاتِّصَالِ مِلْكِهِ بِالْأَرْضِ بِمَنْزِلَةِ طَرِيقٍ فِي دَارٍ لِرَجُلٍ فَبَاعَ الطَّرِيقَ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute