بِمَنْزِلَةِ مَا لَوْ تَزَوَّجَهَا عَلَى ثَوْبٍ
(وَكَذَلِكَ) لَوْ وَكَّلَ وَكِيلًا بِشِرَاءِ دَارٍ لَمْ يَصِحَّ التَّوْكِيلُ وَبَعْدَ إعْلَامِ الْجِنْسِ جَهَالَةُ الْوَصْفِ لَا تَمْنَعُ صِحَّةَ الْوَكَالَةِ فَعَرَفْنَا أَنَّهَا أَجْنَاسٌ مُخْتَلِفَةٌ وَالْأَجْنَاسُ الْمُخْتَلِفَةُ لَا تُقْسَمُ قِسْمَةً وَاحِدَةً إلَّا بِاصْطِلَاحِ الشُّرَكَاءِ عَلَى ذَلِكَ؛ وَهَذَا لِأَنَّ فِي الْأَجْنَاسِ الْمُخْتَلِفَةِ مَعْنَى الْمُعَاوَضَةِ يَغْلِبُ عَلَى مَعْنَى التَّمْيِيزِ وَالْمُعَاوَضَةُ تَعْتَمِدُ التَّرَاضِيَ وَفِي الْجِنْسِ الْوَاحِدِ مَعْنَى التَّمْيِيزِ يَغْلِبُ، وَذَلِكَ دَاخِلٌ تَحْتَ وِلَايَةِ الْقَاضِي فَفِي الدُّورِ مَعْنَى الْمُعَاوَضَةِ يَغْلِبُ؛ لِأَنَّ قَبْلَ الْقِسْمَةِ يَتَيَقَّنُ بِأَنَّ نَصِيبَ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمْ فِي أَمْكِنَةٍ مُتَفَرِّقَةٍ فَإِذَا جَمَعَهَا فِي مَكَان وَاحِدٍ يَكُونُ ذَلِكَ بِطَرِيقِ الْمُعَاوَضَةِ وَإِذَا قَسَّمَ كُلَّ ذِرَاعٍ عَلَى حِدَةٍ فَمَعْنَى التَّمْيِيزِ فِيهِ يَغْلِبُ؛ لِأَنَّ نَصِيبَ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمْ يَكُونُ فِي أَمْكِنَةٍ مُتَفَرِّقَةٍ بَعْدَ الْقِسْمَةِ كَمَا كَانَ قَبْلَهَا، ثُمَّ الْمَقْصُودُ بِالْقِسْمَةِ تَمْكِينُ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمْ مِنْ الِانْتِفَاعِ بِمِلْكِهِ فَلَا بُدَّ مِنْ اعْتِبَارِ الْمُعَادَلَةِ فِي الْمَنْفَعَةِ وَالتَّفَاوُتُ فِي الْمَنْفَعَةِ فِي الدُّورِ تَفَاوُتٌ عَظِيمٌ فَإِنَّمَا يَخْتَلِفُ بِاخْتِلَافِ الْبُلْدَانِ وَبِاخْتِلَافِ الْمَحَالِّ وَبِاخْتِلَافِ الْجِيرَانِ وَبِالْقُرْبِ مِنْ الْمَاءِ وَبِالْبُعْدِ عَنْهُ وَبِالْقُرْبِ مِنْ الرَّبْطِ وَالْبَعْدِ عَنْهُ وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ يَتَعَذَّرُ عَلَيْهِ اعْتِبَارُ الْمُعَادَلَةِ فِي الْمَنْفَعَةِ إذَا قَسَّمَهَا قِسْمَةً وَاحِدَةً وَأَنَّ قِسْمَةَ كُلِّ دَارٍ عَلَى حِدَةٍ أَعْدَلُ، ثُمَّ هِيَ ثَلَاثَةُ فُصُولٍ عِنْدَهُ الدُّورُ وَالْبُيُوتُ وَالْمَنَازِلُ فَالدُّورُ سَوَاءً كَانَتْ مُتَفَرِّقَةً أَوْ مُتَلَازِقَةً لَا يُقَسَّمُ عِنْدَهُ قِسْمَةً وَاحِدَةً إلَّا بِرِضَاءِ الشُّرَكَاءِ وَالْبُيُوتُ تُقَسَّمُ قِسْمَةً وَاحِدَةً سَوَاءً كَانَتْ مُتَفَرِّقَةً أَوْ مُجْتَمَعَةً فِي مَكَان وَاحِدٍ؛ لِأَنَّهَا تَتَفَاوَتُ فِي مَنْفَعَةِ السُّكْنَى فَالْبَيْتُ اسْمٌ لِمُسَقَّفٍ وَاحِدٍ لَهُ دِهْلِيزٌ فَلَا يَتَفَاوَتُ فِي الْمَنْفَعَةِ عَادَةً.
(أَلَا تَرَى) أَنَّهَا تُؤَجَّرُ بِأَجْرٍ وَاحِدٍ فِي كُلِّ مَحَلَّةٍ فَتُقْسَمُ قِسْمَةً وَاحِدَةً
وَالْمَنَازِلُ إنْ كَانَتْ مُجْتَمَعَةً فِي دَارِ وَاحِدَةٍ مُتَلَازِقَةً بَعْضُهَا بِبَعْضٍ تُقْسَمُ قِسْمَةً وَاحِدَةً، وَإِنْ كَانَتْ مُتَفَرِّقَةً تُقْسَمُ كُلُّ مَنْزِلَةٍ عَلَى حِدَةٍ سَوَاءٌ كَانَتْ فِي مَحَالِّ أَوْ فِي دَارٍ وَاحِدَةٍ بَعْضُهَا فِي أَقْصَاهَا وَبَعْضُهَا فِي أَدْنَاهَا؛ لِأَنَّ الْمَنْزِلَ فَوْقَ الْبَيْتِ وَدُونَ الدَّارِ فَالْمَنَازِلُ تَتَفَاوَتُ فِي مَنْفَعَةِ مَعْنَى السُّكْنَى وَلَكِنَّ التَّفَاوُتَ فِيهَا دُونَ التَّفَاوُتِ فِي الدُّورِ فَهِيَ تُشْبِهُ الْبُيُوتَ مِنْ وَجْهٍ وَالدُّورَ مِنْ وَجْهٍ فَلِشَبَهِهَا بِالْبُيُوتِ قُلْنَا: إذَا كَانَتْ مُتَلَازِقَةً تُقْسَمُ قِسْمَةً وَاحِدَةً؛ لِأَنَّ التَّفَاوُتَ فِيهَا يَقِلُّ فِي مَكَان وَاحِدٍ وَلِشَبَهِهَا بِالدُّورِ قُلْنَا: إذَا كَانَتْ فِي أَمْكِنَةٍ مُتَفَرِّقَةٍ لَا تُقْسَمُ قِسْمَةً وَهُمَا فِي الْفُصُولِ كُلِّهَا يَقُولَانِ يَنْظُرُ الْقَاضِي إلَى أَعْدِلْ الْوُجُوهِ فَتَمْضِي الْقِسْمَةُ عَلَى ذَلِكَ وَلَوْ اخْتَلَفُوا فِي قِيمَةِ الْبِنَاءِ فَقَالَ بَعْضُهُمْ يَجْعَلُ الْبِنَاءَ بِذَرْعٍ مِنْ الْأَرْضِ، وَقَالَ بَعْضُهُمْ يَجْعَلُهَا عَلَى الدَّرَاهِمِ وَالصَّحِيحُ أَنَّ الْقَاضِيَ يَجْعَلُهَا عَلَى الذَّرْعِ إذَا تَيَسَّرَ عَلَيْهِ ذَلِكَ؛ لِأَنَّ الدَّرَاهِمَ لَيْسَتْ مِنْ الْمِيرَاثِ وَالثَّابِتُ لِقَاضِي وِلَايَةٍ قِسْمَةُ الْمِيرَاثِ بَيْنَهُمْ فَإِذَا جَعَلَ عَلَى ذَلِكَ الذَّرْعِ كَانَ ذَلِكَ تَصَرُّفًا فِي
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute