للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وَالْقَائِلُ لَا يَرْفَعُ طَرِيقًا فِي هَذَا الْمَوْضِعِ مُتَعَنِّتٌ تَوْضِيحُهُ أَنَّهُ لَوْ كَانَ الْمُشْتَرَكُ بَيْنَهُمْ مَوْضِعَ الطَّرِيقِ فَقَطْ فَطَلَبَ بَعْضُهُمْ قِسْمَتَهُ وَفِيهِ ضَرَرٌ عَلَى كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمْ لَمْ يُجِبْهُ الْقَاضِي إلَى ذَلِكَ، وَإِنْ كَانَ فِيهِ مَنْفَعَةٌ لِلطَّالِبِ أَجَابَهُ الْقَاضِي إلَى ذَلِكَ، فَكَذَلِكَ إذَا كَانَ الْمُشْتَرَكُ مَوْضِعَ الطَّرِيقِ وَغَيْرِهِ.

وَلَوْ اخْتَلَفُوا فِي سَعَةِ الطَّرِيقِ وَضِيقِهِ جَعَلَ الطَّرِيقَ بَيْنَهُمْ عَلَى عَرْضِ بَابِ الدَّارِ وَطُولِهِ عَلَى أَدْنَى مَا يَكْفِيهِمْ؛ لِأَنَّ بَابَ الدَّارِ مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ وَالْمُخْتَلَفُ فِيهِ يُرَدُّ إلَى الْمُتَّفَقِ عَلَيْهِ، ثُمَّ لَا فَائِدَةَ فِي جَعْلِ الطَّرِيقِ أَعْرَضَ مِنْ بَابِ الدَّارِ؛ لِأَنَّهُ مَا لَمْ يَدْخُلْ الْحِمْلُ مِنْ بَابِ الدَّارِ لَا يَحْمِلُهُ فِي ذَلِكَ الطَّرِيقِ وَإِذَا جَعَلَ الطَّرِيقَ أَضْيَقَ مِنْ بَابِ الدَّارِ يَتَضَرَّرُ بِهِ الشُّرَكَاءُ وَمَقْصُودُ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمْ أَنْ يَحْمِلَ إلَى مَسْكَنِهِ فِي ذَلِكَ الطَّرِيقِ مَا يُدْخِلُهُ فِي بَابِ الدَّارِ؛ فَلِهَذَا يَجْعَلُ الطَّرِيقَ بَيْنَهُمْ عَلَى عَرْضِ الدَّارِ وَطُولِهِ.

وَإِذَا وَقَعَ الْحَائِطُ لِأَحَدِ الْقِسْمَيْنِ وَعَلَيْهِ جُذُوعٌ لِلْآخَرِ وَوَقَعَتْ الْقِسْمَةُ عَلَى أَنْ يَكُونَ هَكَذَا أَوْ لَمْ يَذْكُرَا ذَلِكَ فِي الْقِسْمَةِ؛ فَإِنَّهُ يُتْرَكُ عَلَى حَالِهِ؛ لِأَنَّهُ وُجِدَ كَذَلِكَ عِنْدَ تَمَامِ الْقِسْمَةِ وَيَجُوزُ أَنْ يَكُونَ مِلْكُ الْحَائِطِ لِأَحَدِهِمَا وَلِلْآخَرِ عَلَيْهِ حَقُّ وَضْعِ الْجُذُوعِ فَيُتْرَكُ عَلَى حَالِهِ إلَّا أَنْ يَشْتَرِطَ قَلْعَ الْجُذُوعِ عَنْهُ فَحِينَئِذٍ يَجِبُ الْوَفَاءُ بِهِ لِلْحَدِيثِ: «الشَّرْطُ أَمْلَكُ»، وَكَذَلِكَ لَوْ كَانَ أَزَجُّ وَقَعَ عَلَى حَائِطٍ عَلَى هَذِهِ الصِّفَةِ أَوْ دَرَجَةٍ، وَكَذَلِكَ أُسْطُوَانَةٌ وَقَعَ عَلَيْهَا جُذُوعٌ، وَكَذَلِكَ رَوْشَنٌ وَقَعَ عَلَى صَاحِبِ الْعُلُوِّ مُشْرِفٌ عَلَى نَصِيبِ الْآخَرِ فَأَرَادَ صَاحِبُ السُّفْلِ أَنْ يَقْطَعَ الرَّوْشَنُ لَيْسَ لَهُ ذَلِكَ إلَّا أَنْ يَشْتَرِطَ قَطْعَهُ؛ لِأَنَّ حَقَّ قَرَارِ هَذِهِ الْأَشْيَاءِ تَجُوزُ أَنْ تَكُونَ مُسْتَحَقًّا لِإِنْسَانٍ فِي حَائِطِ غَيْرِهِ فَإِذَا تَمَّتْ الْقِسْمَةُ بَيْنَهُمَا عَلَى هَذِهِ الصِّفَةِ يَجِبُ تَرْكُهَا كَذَلِكَ.

(أَلَا تَرَى) أَنَّهُ لَوْ أَصَابَ أَحَدَهُمَا ثَبْتُ عُلُوٍّ وَالْآخَرَ السُّفْلُ لَمْ يَكُنْ لِصَاحِبِ السُّفْلِ أَنْ يَهْدِمَ الْعُلُوَّ فَأَمَّا إذَا وَقَعَتْ السَّاحَةُ لِأَحَدِهِمَا وَلِلْآخَرِ أَطْرَافُ جُذُوعٍ شَاخِصَةٌ فِيهَا فَأَرَادَ صَاحِبُ السَّاحَةِ قَطْعَ تِلْكَ الْجُذُوعِ فَإِنْ كَانَتْ أَطْرَافُ الْجُذُوعِ بِحَيْثُ يُمْكِنُ الْبِنَاءُ عَلَيْهَا فَلَيْسَ لَهُ أَنْ يَقْطَعَ ذَلِكَ؛ لِأَنَّ هَذَا لِجَوَازِ أَنْ يَكُونَ قَرَارُهُ مُسْتَحَقًّا لِإِنْسَانٍ فِي سَاحَةِ غَيْرِهِ، وَإِنْ كَانَ بِحَيْثُ لَا يُمْكِنُ الْبِنَاءُ عَلَيْهَا فَلِصَاحِبِ السَّاحَةِ أَنْ يُجْبِرَهُ عَلَى قَطْعِ ذَلِكَ أَوْ تَفْرِيغِ هَوَاءِ السَّاحَةِ عَنْهُ بِمَا يَقْدِرُ عَلَيْهِ؛ لِأَنَّ ذَلِكَ لَا يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ حَقًّا مُسْتَحَقًّا لَهُ فِي مِلْكِ الْغَيْرِ إذْ هُوَ لَا يَنْتَفِعُ بِهِ مِنْ حَيْثُ الْبِنَاءُ عَلَيْهِ.

وَلَوْ وَقَعَتْ شَجَرَةٌ فِي نَصِيبِ أَحَدِهِمَا وَأَغْصَانُهَا مُتَدَلِّيَةٌ إلَى نَصِيبِ الْآخَرِ فَقَدْ ذَكَّرَنِي رُسْتُمُ عَنْ مُحَمَّدٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ - أَنَّ لَهُ أَنْ يُجْبِرَهُ عَلَى قَطْعِ تِلْكَ الْأَغْصَانِ وَهَذَا مِمَّا لَا يَسْتَحِقُّ إقْرَارَهُ فِي مِلْكِ الْغَيْرِ بِسَبَبٍ مِنْ الْأَسْبَابِ وَذَكَّرَنِي سِمَاعَةُ عَنْ مُحَمَّدٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ - أَنَّهُ يُتْرَكُ كَذَلِكَ؛ لِأَنَّهُ بِالْقِسْمَةِ اسْتَحَقَّ

<<  <  ج: ص:  >  >>