أَبِي يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ - يَرْجِعُ بِذَلِكَ فِي رَقَبَتِهَا وَيَكُونُ شَرِيكًا بِهِ فِي الْأَرْضِ
وَقِيلَ لَا خِلَافَ بَيْنَهُمْ فِي الْحَقِيقَةِ وَتَأْوِيلُ قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ -؛ لِأَنَّهُ لَا يَنْتَفِعُ بِذَلِكَ الْيَسِيرِ مِنْ الْأَرْضِ؛ فَلِهَذَا جَعَلَ لَهُ حَقَّ الرُّجُوعِ بِذَلِكَ الْقَدْرِ مِنْ الْقِيمَةِ حَتَّى إذَا رَضِيَ هُوَ بِالرُّجُوعِ فِي رَقَبَةِ الْأَرْضِ بِذَلِكَ الْقَدْرِ يَكُونُ لَهُ ذَلِكَ وَإِنَّمَا كَانَ رُجُوعُهُ بِهَذَا الْمِقْدَارِ؛ لِأَنَّ نِصْفَ الْأَرْضِ بِمُقَابَلَةِ الْعَبْدِ وَنِصْفُهَا أَخَذَهُ بِالْمُقَاسَمَةِ مَعَ الدَّارِ وَقَدْ كَانَ قِيمَةُ الدَّارِ أَلْفَ دِرْهَمٍ فَلَمَّا اسْتَحَقَّ مِنْهَا مَا يُسَاوِي نِصْفَ الْعُشْرِ، وَذَلِكَ خَمْسُونَ دِرْهَمًا تَبَيَّنَ أَنَّ الْمُشْتَرَكَ مَا يُسَاوِي أَلْفَ دِرْهَمٍ وَتِسْعَمِائَةٍ وَخَمْسِينَ وَأَنَّ حَقَّ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا فِيمَا يُسَاوِي أَلْفًا وَأَرْبَعَمِائَةٍ وَخَمْسَةً وَسَبْعِينَ وَقَدْ أَخَذَ صَاحِبُ الْأَرْضِ أَلْفَيْ دِرْهَمٍ، أَلْفٌ بِمُقَابَلَةِ مَا أَدَّى مِنْ الْعَبْدِ وَأَلْفٌ بِالْمُقَاسَمَةِ وَأَخَذَ الْآخَرُ تِسْعَمِائَةٍ وَخَمْسِينَ فَيَرْجِعُ عَلَى صَاحِبِهِ بِسِتَّةَ عَشَرَ دِرْهَمًا وَأَرْبَعَ دَوَانِيقَ فِي الْأَرْضِ حَتَّى يَكُونَ السَّالِمُ لَهُ بِالْمُقَاسَمَةِ تِسْعَمِائَةٍ وَسِتَّةً وَسِتِّينَ وَثُلُثَانِ وَلِصَاحِبِهِ مِثْلُ ذَلِكَ بِالْمُقَاسَمَةِ قَالَ أَبُو عِصْمَةَ وَفِي هَذَا الْجَوَابِ نَظَرٌ بَلْ يَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ رُجُوعُهُ بِمَا يُسَاوِي خَمْسَةً وَعِشْرِينَ؛ لِأَنَّ نَصِيبَ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا أَلْفٌ وَأَرْبَعُمِائَةٍ وَخَمْسَةٌ وَسَبْعُونَ كَمَا بَيَّنَّا وَلَكِنَّا نَقُولُ هَذَا بِنَاءً عَلَى الْأَصْلِ الَّذِي بَيَّنَّا لِأَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ - أَنَّ الْعُلُوَّ مِثْلُ نِصْفِ السُّفْلِ حَتَّى قَالَ فِي الْقِسْمَةِ يُحْسَبُ ذِرَاعٌ مِنْ السُّفْلِ بِذِرَاعَيْنِ مِنْ الْعُلُوِّ فَإِذَا اسْتَحَقَّ عُلُوَّ بَيْتٍ يَكُونُ ذَلِكَ الْعُلُوُّ مَعَ السُّفْلِ عُشْرَ الدَّارِ عَرَفْنَا أَنَّ الْمُسْتَحَقَّ ثُلُثُ الْعُشْرِ، وَذَلِكَ ثَلَاثَةٌ وَثَلَاثُونَ وَثُلُثٌ فَإِنَّمَا يَرْجِعُ عَلَى شَرِيكِهِ بِنِصْفِ ذَلِكَ، وَذَلِكَ سِتَّةَ عَشَرَ وَثُلُثَانِ فَيَسْتَقِيمُ الْجَوَابُ بِنَاءً عَلَى ذَلِكَ الْأَصْلِ.
وَإِذَا وَقَعَتْ الْقِسْمَةُ فِي دَارٍ وَاحِدَةٍ أَوْ أَرْضٍ وَاحِدَةٍ وَبِنَاءُ أَحَدِهِمَا فِي نَصِيبِهِ، ثُمَّ اُسْتُحِقَّ ذَلِكَ الْمَوْضِعُ مِنْ نَصِيبِهِ فَرَدَّ الْقِسْمَةَ وَأَرَادَ أَنْ يَرْجِعَ بِقِيمَةِ بِنَائِهِ عَلَى شَرِيكِهِ لَمْ يَكُنْ لَهُ ذَلِكَ؛ لِأَنَّ الرُّجُوعَ بِقِيمَةِ الْبِنَاءِ فِي الشِّرَاءِ لِأَجْلِ الْغُرُورِ وَلَا غُرُورَ فِي الْقِسْمَةِ فَإِنَّ الشَّرِيكَ مُجْبَرٌ عَلَى الْقِسْمَةِ عِنْدَ طَلَبِ شَرِيكِهِ فَلَا يَصِيرَ عَادَى الشَّرِيكَ فِيمَا يُجْبِرُهُ الْقَاضِي عَلَيْهِ؛ فَلِهَذَا لَا يَرْجِعُ شَرِيكُهُ عَلَيْهِ بِقِيمَةِ الْبِنَاءِ بِمَنْزِلَةِ الشَّفِيعِ إذَا أَخَذَ الدَّارَ بِالشُّفْعَةِ وَبَنَى فِيهَا، ثُمَّ اُسْتُحِقَّتْ وَنَقَضَ بِنَاءَهُ لَمْ يَرْجِعْ عَلَى الْمُشْتَرِي بِقِيمَةِ الْبِنَاءِ وَقَدْ بَيَّنَّا فِي آخِرِ الشُّفْعَةِ نَظِيرَهُ فِي الْجَارِيَةِ الْمَأْسُورَةِ وَمِنْ نَظَائِره أَيْضًا أَحَدُ الشَّرِيكَيْنِ فِي الْجَارِيَةِ إذَا اسْتَوْلَدَهَا، ثُمَّ اُسْتُحِقَّتْ وَضَمِنَ قِيمَةَ الْوَلَدِ لَمْ يَرْجِعْ عَلَى شَرِيكِهِ بِشَيْءٍ مِنْ ذَلِكَ
وَكَذَلِكَ إذَا اسْتَوْلَدَ جَارِيَةَ ابْنِهِ، ثُمَّ اُسْتُحِقَّتْ وَضَمِنَ قِيمَةَ الْوَلَدِ لَمْ يَرْجِعْ بِذَلِكَ عَلَى الِابْنِ لِانْعِدَامِ مَعْنَى الْغَرُورِ مِنْهُ وَهَذَا بِخِلَافِ الْغَاصِبِ فَإِنَّ الْمَغْصُوبَ مِنْهُ إذَا ضَمِنَ قِيمَةَ الْجَارِيَةِ، ثُمَّ اسْتَوْلَدَهَا الْغَاصِبُ، ثُمَّ اُسْتُحِقَّتْ وَضَمِنَ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute