وَاحِدًا فَاشْتَرَى دَارًا مِنْ وَرَاءِ هَذَا الْمَنْزِلِ وَفَتَحَهَا إلَيْهِ وَاِتَّخَذَ لَهَا طَرِيقًا فِي هَذَا الْمَنْزِلِ وَفِي هَذَا الطَّرِيقِ فَإِنْ كَانَ سَاكِنُ الدَّارِ وَالْمَنْزِلِ وَاحِدًا فَلَهُ أَنْ يَمُرَّ مِنْ الدَّارِ فِي الْمَنْزِلِ وَفِي الطَّرِيقِ الْمَرْفُوعِ بَيْنَهُمْ؛ لِأَنَّ لَهُ حَقَّ التَّطَرُّقِ فِي هَذَا الطَّرِيقِ إلَى مَنْزِلِهِ وَبَعْدَ مَا دَخَلَ مَنْزِلَهُ فَلَا يَمْنَعُهُ أَحَدٌ مِنْ أَنْ يَدْخُلَ دَارِهِ؛ لِأَنَّهُ يَنْتَقِلُ مِنْ نَاحِيَةٍ مِنْ مِلْكِهِ إلَى نَاحِيَةٍ أُخْرَى وَلِأَنَّهُ لَا ضَرَرَ عَلَى أَهْلِ الطَّرِيقِ إذَا كَانَ سَاكِنُ الدَّارِ وَالْمَنْزِلِ وَاحِدًا، وَإِنْ كَانَ لِلدَّارِ سَاكِنٌ آخَرُ لَمْ يَكُنْ لَهُ أَنْ يَمُرَّ فِي هَذَا الطَّرِيقِ؛ لِأَنَّهُ مَا كَانَ لِصَاحِبِ الدَّارِ حَقُّ التَّطَرُّقِ فِي هَذَا الطَّرِيقِ فَلَيْسَ لَهُ أَنْ يُحْدِثَ لِنَفْسِهِ فِيهِ حَقًّا وَصَاحِبُ الْمَمَرِّ يُرِيدُ أَنْ يَسْتَوْفِيَ مِنْ مِلْكِ الْغَيْرِ أَكْثَرَ مِنْ حَقِّهِ وَلَيْسَ لَهُ ذَلِكَ بِخِلَافِ مَا إذَا كَانَ صَاحِبُ الْمَنْزِلِ وَالدَّارِ وَاحِدًا وَقَدْ بَيَّنَّا الْفَرْقَ بَيْنَ الطَّرِيقِ وَالشُّرْبِ فِي هَذَا.
وَلَوْ اخْتَصَمَ أَهْلُ الطَّرِيقِ فِي الطَّرِيقِ وَادَّعَى كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمْ أَنَّهُ لَهُ فَهُوَ بَيْنَهُمْ بِالسَّوِيَّةِ إذَا لَمْ يُعْرَفْ أَصْلُهُ لِاسْتِوَائِهِمْ فِي الْيَدِ عَلَى الطَّرِيقِ وَالِاسْتِعْمَالِ لَهُ وَلَا يُجْعَلُ عَلَى قَدْرِ مَا فِي أَيْدِيهمْ مِنْ ذَرْعِ الدَّارِ وَالْمَنْزِلِ؛ لِأَنَّ حَاجَةَ صَاحِبِ الْمَنْزِلِ الصَّغِيرِ إلَى الطَّرِيقِ كَحَاجَةِ صَاحِبِ الدَّارِ الْكَبِيرَةِ وَهَذَا بِخِلَافِ الشُّرْبِ فَإِنَّ عِنْدَ اخْتِلَافِ الشُّرَكَاءِ فِيهِ يُجْعَلُ الشُّرْبُ بَيْنَهُمْ عَلَى قَدْرِ أَرَاضِيهمْ؛ لِأَنَّ الْحَاجَةَ هُنَاكَ تَخْتَلِفُ بِكَثْرَةِ الْأَرَاضِي وَقِلَّتِهَا فَيُجْعَلُ ذَلِكَ بَيْنَهُمْ عَلَى قَدْرِ حَاجَتِهِمْ عِنْدَ اشْتِبَاهِ الْأَمْرِ لِاعْتِبَارِ الظَّاهِرِ وَهُنَا حَاجَتُهُمْ إلَى التَّطَرُّقِ فِي الطَّرِيقِ سَوَاءٌ؛ فَلِهَذَا يُجْعَلُ الطَّرِيقُ بَيْنَهُمْ سَوَاءً وَبِهَذَا تَبَيَّنَ مَا أَشَرْنَا إلَيْهِ فِي الْمَسْأَلَةِ الْأُولَى أَنَّ صَاحِبَ الْمَنْزِلِ بِإِضَافَةِ الدَّارِ الْمُشْتَرَاةِ إلَى مَنْزِلِهِ لَا يُثْبِتُ لِنَفْسِهِ زِيَادَةَ حَقٍّ فِي الطَّرِيقِ وَلَوْ كَانَ يُعْتَبَرُ فِي قِسْمَةِ الطَّرِيقِ ذَرْعُ مِلْكِ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمْ عِنْدَ الِاشْتِبَاهِ لَمْ يَكُنْ لِصَاحِبِ الْمَنْزِلِ أَنْ يُضِيفَ الدَّارَ الْمُشْتَرَاةَ إلَى مَنْزِلِهِ، وَإِنْ عُرِفَ أَصْلُ الطَّرِيقِ كَيْفَ كَانَ بَيْنَهُمْ جَعَلْتُهُ بَيْنَهُمْ عَلَى ذَلِكَ؛ لِأَنَّ مَا اعْتَبَرْنَاهُ نَوْعًا مِنْ الظَّاهِرِ فَإِنَّمَا يُصَارُ إلَيْهِ إذَا لَمْ تُعْلَمْ حَقِيقَةُ الْحَالِ بِخِلَافِهِ.
فَإِنْ كَانَتْ دَارٌ لِرَجُلٍ وَلِآخَرَ فِيهَا طَرِيقٌ وَمَاتَ صَاحِبُ الدَّارِ وَاقْتَسَمَ وَرَثَتُهُ الدَّارَ بَيْنَهُمْ وَرَفَعُوا الطَّرِيقَ لِصَاحِبِ الطَّرِيقِ وَلَهُمْ، ثُمَّ بَاعُوهُ فَأَرَادُوا قِسْمَةَ ثَمَنِهِ فَلِصَاحِبِ الطَّرِيقِ نِصْفُهُ وَلِلْوَرَثَةِ نِصْفُهُ؛ لِأَنَّ الْوَرَثَةَ قَائِمُونَ مَقَامَ الْمُوَرِّثِ وَلَوْ كَانَ هُوَ حَيًّا فَبَاعَاهُ كَانَ الثَّمَنُ بَيْنَهُمَا نِصْفَيْنِ فَبِمَوْتِهِ وَكَثْرَةِ وَرَثَتِهِ لَا يَزْدَادُ نَصِيبُهُ وَلَا يَنْقُصُ نَصِيبُ صَاحِبِ الطَّرِيقِ، وَإِنْ لَمْ يُعْرَفْ أَنَّ أَصْلَ الدَّارِ بَيْنَهُمْ مِيرَاثٌ وَجَحَدُوا ذَلِكَ قُسِّمَ ذَلِكَ عَلَى عَدَدِ رُءُوسِهِمْ وَرَأْسِ صَاحِبِ الطَّرِيقِ؛ لِأَنَّهُمْ مُسْتَوُونَ فِي الْحَقِّ فِي الطَّرِيقِ وَقَدْ بَيَّنَّا أَنَّ الْبِنَاءَ عَلَى الظَّاهِرِ وَاجِبٌ مَا لَمْ يُعْلَمْ خِلَافُهُ وَكُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا فِي الظَّاهِرِ أَصْلٌ فِي نَصِيبِ نَفْسِهِ فَيُعْتَبَرُ هَذَا الظَّاهِرُ فِي قِسْمَةِ ثَمَنِ الطَّرِيقِ بَيْنَهُمْ.
وَإِذَا
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute