وَصَلَ إلَى الْغَرِيمِ حَقُّهُ، فَكَذَلِكَ الْقِسْمَةُ وَإِذَا كَانَ فِيهِ وَصِيَّةٌ بِالثُّلُثِ لَمْ تَجُزْ قِسْمَةُ الْوَصِيِّ وَالْوَرَثَةِ عَلَى الْمُوصَى لَهُ الْغَائِبِ بِغَيْرِ قَضَاءِ قَاضٍ؛ لِأَنَّ الْمُوصَى لَهُ بِالثُّلُثِ شَرِيكُ الْوَرَثَةِ فِي عَيْنِ التَّرِكَةِ حَتَّى لَوْ أَرَادَ إيفَاءَ حَقِّهِ مِنْ مَحَلٍّ آخَرَ لَمْ يَمْلِكُوا ذَلِكَ فَإِنْ كَانَ هُوَ غَائِبًا وَلَيْسَ عِنْدَهُ خَصْمٌ حَاضِرٌ لَمْ تَجُزْ الْقِسْمَةُ وَالْوَصِيُّ لَا يَكُونُ خَصْمًا عَنْ الْمُوصَى لَهُ؛ لِأَنَّهُ قَائِمٌ مَقَامَ الْمَيِّتِ وَالْمِلْكُ الثَّابِتُ لِلْمُوصَى لَهُ مِلْكٌ مُتَجَدِّدٌ وَالْوَصِيُّ إنَّمَا يَنْتَصِبُ خَصْمًا عَمَّنْ يَكُونُ خَلْفَ الْمَيِّتِ فِي الْمِلْكِ الَّذِي كَانَ ثَابِتًا لِلْمَيِّتِ؛ فَلِهَذَا يَجُوزُ قِسْمَةُ الْوَصِيِّ مَعَ الْمُوصَى لَهُ عَلَى الْوَرَثَةِ وَلَا تَجُوزُ قِسْمَتُهُ مَعَ الْوَرَثَةِ عَلَى الْمُوصَى لَهُ وَإِنَّمَا تُنْظَرُ الْقِسْمَةُ بِغَيْرِ قَضَاءِ قَاضٍ؛ لِأَنَّ الْقَاضِيَ إذَا كَانَ هُوَ الَّذِي قَسَّمَ بَعْدَ قَضَائِهِ لِمُصَادَفَتِهِ مَوْضِعَ الِاجْتِهَادِ وَثُبُوتُ الْوِلَايَةِ لَهُ عَلَى الْمُوصَى لَهُ الْغَائِبِ فِيمَا يَرْجِعُ إلَى النَّظَرِ لَهُ.
وَإِذَا اقْتَسَمَ الْوَرَثَةُ دَارًا وَفِيهِمْ وَارِثٌ غَائِبٌ وَلَيْسَ لِلْمَيِّتِ وَصِيٌّ وَلَا لِلْغَائِبِ وَكِيلٌ، ثُمَّ قَدِمَ الْغَائِبُ فَلَهُ أَنْ يُبْطِلَ الْقِسْمَةَ، وَكَذَلِكَ الصَّغِيرُ إذَا كَبِرَ؛ لِأَنَّهُ لَا وِلَايَةَ لِلْحُضُورِ مَعَ الْوَرَثَةِ عَلَى الْغَائِبِ وَالصَّغِيرِ خُصُوصًا فِي تَصَرُّفِهِمْ مَعَ أَنْفُسِهِمْ وَالْقِسْمَةُ بِهَذِهِ الصِّفَةِ وَمَا يُنْقَلُ وَمَا لَا يُنْقَلُ فِي ذَلِكَ سَوَاءٌ، وَإِنْ كَانَ شَيْءٌ مِنْ ذَلِكَ مِيرَاثًا بَيْنَ قَوْمٍ وَلَا دَيْنَ عَلَى الْمَيِّتِ وَلَا وَصِيَّةَ، ثُمَّ مَاتَ بَعْضُ الْوَرَثَةِ وَتَرَكَ عَلَيْهِ دَيْنًا أَوْ أَوْصَى بِوَصِيَّةٍ أَوْ كَانَ لَهُ وَارِثٌ غَائِبٌ أَوْ صَغِيرٌ وَلَا وَصِيَّ لَهُ فَاقْتَسَمَ الْوَرَثَةُ الدَّارَ بِغَيْرِ قَضَاءِ قَاضٍ فَلِلْغُرَمَاءِ أَنْ يُبْطِلُوا الْقِسْمَةَ، وَكَذَلِكَ أَهْلُ الْوَصِيَّةِ وَالْوَارِثِ الْغَائِبِ وَالصَّغِيرِ؛ لِأَنَّ لَهُمْ شَرِكَةً فِيمَا اقْتَسَمُوا مِنْ التَّرِكَةِ إمَّا فِي الْعَيْنِ أَوْ فِي الْمَالِيَّةِ وَلَمْ يَكُنْ عَنْهُمْ خَصْمٌ حَاضِرٌ وَلِأَنَّهُمْ قَائِمُونَ مَقَامَ الْمَيِّتِ الثَّانِي فِي حِصَّتِهِ وَلَوْ كَانَ هُوَ حَيًّا غَائِبًا لَمْ تَنْفُذْ قِسْمَتَهُمْ عَلَيْهِ إنْ لَمْ يَحْضُرْ عَنْهُ خَصْمٌ، فَكَذَلِكَ بَعْدَ مَوْتِهِ.
وَإِذَا اقْتَسَمَ الْوَرَثَةُ دَارًا بَيْنَهُمْ وَأَشْهَدُوا عَلَى أَنْفُسِهِمْ بِالْقِسْمَةِ، ثُمَّ ادَّعَتْ امْرَأَةُ الْمَيِّتِ مَهْرَهَا وَأَقَامَتْ عَلَيْهِ الْبَيِّنَةَ فَلَهَا أَنْ تَنْقُضَ الْقِسْمَةَ وَلَا يَكُونُ قِسْمَتُهَا وَإِقْرَارُهَا بِالْمِيرَاثِ خُرُوجًا مِنْ دَيْنِهَا؛ لِأَنَّ دَيْنَ الْوَارِثِ كَدَيْنِ أَجْنَبِيٍّ آخَرَ وَلِلْوَرَثَةِ أَنْ يَقْضُوا الدَّيْنَ مِنْ مَالٍ آخَرَ لَهُمْ فَيَسْتَخْلِصُوا التَّرِكَةَ لِأَنْفُسِهِمْ فَهِيَ إنَّمَا وَافَقَتْ مَعَهُمْ فِي الْقِسْمَةِ عَلَى أَنْ يَقْضُوا مَهْرَهَا مِنْ مَحَلٍّ آخَرَ فَلَا يَكُونُ ذَلِكَ مِنْهَا إبْرَاءً لِلْمَيِّتِ عَنْ الْمَهْرِ وَلَا إقْرَارًا بِأَنَّهُ لَا دَيْنَ لَهَا وَيَكُونُ لَهَا أَنْ تَنْقُضَ الْقِسْمَةَ؛ لِأَنَّ الْقِسْمَةَ لَا تَنْفُذُ إلَّا بِشَرْطِ قَضَاءِ الدَّيْنِ وَإِجَازَةُ الْغَرِيمِ الْقِسْمَةَ قَبْلَ أَنْ يَصِلَ إلَيْهِ الدَّيْنُ لَا يَكُونُ مُعْتَبَرًا بَلْ وُجُودُ ذَلِكَ كَعَدَمِهِ؛ لِأَنَّ تَقْدِيمَ قَضَاءِ الدَّيْنِ لِحَقِّ الْمَيِّتِ لَا لِحَقِّ الْغَرِيمِ خَاصَّةً فَإِذَا لَمْ يَقْضُوا دَيْنَهَا كَانَ لَهَا أَنْ تَنْقُضَ الْقِسْمَةَ، وَكَذَلِكَ لَوْ ادَّعَى وَارِثٌ آخَرُ دَيْنًا عَلَى الْمَيِّتِ فَهُوَ وَالْمَهْرُ سَوَاءٌ وَلَوْ أَنَّ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute