لِحِصَّةِ شُرَكَائِهِ مِنْ الْخَمْرِ الَّتِي خَلَّلَهَا؛ لِأَنَّ الْقِسْمَةَ لَمْ تَصِحَّ عِنْدَهُمَا كَمَا لَوْ بَاشَرَ بِنَفْسِهِ فَإِنَّمَا قَبَضَ نَصِيبَ شُرَكَائِهِ مِنْ الْخَمْرِ بِحُكْمِ عَقْدٍ فَاسِدٍ وَقَدْ خَلَّلَهَا فَيَكُونُ ضَامِنًا لِنَصِيبِهِمْ مِنْ الْقِيمَةِ وَيَكُونُ الْخَلُّ لَهُ.
وَإِذَا كَانَ فِي تَرِكَةِ الذِّمِّيِّ خَمْرٌ وَخِنْزِيرٌ وَغُرَمَاؤُهُ مُسْلِمُونَ وَلَيْسَ لَهُ وَصِيٌّ فَإِنَّ الْقَاضِيَ يُوَكِّلُ بِبَيْعِ ذَلِكَ رَجُلًا مِنْ أَهْلِ الذِّمَّةِ فَيَبِيعُهُ وَيَقْضِي بِهِ دَيْنَ الْمَيِّتِ؛ لِأَنَّ مَنْ يَأْمُرُهُ الْقَاضِي يَكُونُ نَائِبًا عَنْ الْمَيِّتِ؛ وَلِهَذَا يَرْجِعُ بِمَا يَلْحَقُهُ مِنْ الْعُهْدَةِ فِي مَالِ الْمَيِّتِ وَالْمَيِّتُ كَافِرٌ فَيَجُوز بَيْعُ الذِّمِّيِّ خَمْرَةً عَلَى سَبِيلِ النِّيَابَةِ عَنْهُ وَالْغُرَمَاءُ إنَّمَا يَقْبِضُونَ الثَّمَنَ بِدَيْنِهِمْ لَا أَنْ يَكُونَ بَيْعُ قَيِّمِ الْقَاضِي وَاقِعًا لَهُمْ وَالْمُكَاتَبُ كَالْحُرِّ فِي الْقِسْمَةِ؛ لِأَنَّهُ مِنْ صَنِيعِ التُّجَّارِ وَفِيهَا مَعْنَى الْمُعَاوَضَةِ كَالْبَيْعِ، وَإِنْ عَجَزَ بَعْدَ الْقِسْمَةِ لَمْ يَكُنْ لِمَوْلَاهُ فَسْخُهَا؛ لِأَنَّ الْقِسْمَةَ تَمَّتْ فِي حَالِ قِيَامِ الْكِتَابَةِ فَهُوَ كَبَيْعٍ أَوْ شِرَاءٍ أَتَمَّهُ الْمُكَاتَبُ وَمُقَاسَمَتُهُ مَعَ مَوْلَاهُ جَائِزَةٌ؛ لِأَنَّهُ فِي التَّصَرُّفِ مَعَ الْمَوْلَى بَيْعًا أَوْ شِرَاءً كَأَجْنَبِيِّ آخَرَ، فَكَذَلِكَ الْمُقَاسَمَةُ.
وَلَا تَجُوزُ مُقَاسَمَةُ الْمَوْلَى عَلَى الْمُكَاتَبِ بِغَيْرِ رِضَاهُ سَوَاءٌ كَانَ الْمُكَاتَبُ حَاضِرًا أَوْ غَائِبًا؛ لِأَنَّهُ فِي حُكْمِ التَّصَرُّفِ فِي كَسْبِهِ كَأَجْنَبِيٍّ آخَرَ فَإِنْ فَعَلَ ذَلِكَ، ثُمَّ عَجَزَ الْمُكَاتَبُ وَصَارَ ذَلِكَ لِمَوْلَاهُ لَمْ تَجُزْ تِلْكَ الْقِسْمَةُ كَمَا لَا يَنْفُذُ سَائِرُ تَصَرُّفَاتِهِ بِعَجْزِ الْمُكَاتَبِ؛ لِأَنَّهُ حِينَ تَصَرَّفَ كَانَ هُوَ مِنْ كَسْبِ الْمُكَاتَبِ كَالْأَجْنَبِيِّ.
وَإِنْ وَكَّلَ الْمُكَاتَبُ بِالْقِسْمَةِ وَكِيلًا، ثُمَّ عَجَزَ أَوْ مَاتَ لَمْ يَجُزْ لِوَكِيلِهِ أَنْ يُقَاسِمَ بَعْدَ ذَلِكَ؛ لِأَنَّ الْوَكِيلَ نَائِبٌ عَنْ الْمُوَكِّلِ وَقَدْ زَالَتْ وِلَايَةُ الْمُوَكِّلِ بِعَجْزِهِ وَبِمَوْتِهِ حَتَّى لَا يَنْفُذَ مِنْهُ هَذَا التَّصَرُّفُ بَعْدَ الْعَجْزِ لَوْ بَاشَرَهُ لِنَفْسِهِ، فَكَذَلِكَ مِنْ وَكِيلِهِ، وَإِنْ أَعْتَقَ فَهُوَ عَلَى وَكَالَتِهِ؛ لِأَنَّ وِلَايَتَهُ بِالْعِتْقِ ازْدَادَتْ قُوَّةً فَتَصَرُّفُ الْوَكِيلِ لَهُ بَعْدَ عِتْقِهِ كَتَصَرُّفِهِ بِنَفْسِهِ، وَإِنْ أَوْصَى الْمُكَاتَبُ عِنْدَ مَوْتِهِ إلَى وَصِيٍّ فَقَاسَمَ الْوَصِيُّ وَرَثَةَ الْمُكَاتَبِ الْكِبَارَ لِوَلَدِهِ الصَّغِيرِ وَقَدْ تَرَكَ وَفَاءً فَإِنَّ قِسْمَتَهُ فِي هَذَا جَائِزَةٌ عَلَى مَا تَجُوزُ عَلَيْهِ قِسْمَةُ وَصِيِّ الْحُرِّ؛ لِأَنَّهُ يُؤَدِّي كِتَابَتَهُ وَيَحْكُمُ بِحُرِّيَّتِهِ حَالَ حَيَاتِهِ وَكَأَنَّهُ أَدَّى الْكِتَابَةَ بِنَفْسِهِ، ثُمَّ مَاتَ فَيَكُونُ وَصِيُّهُ فِي التَّصَرُّفِ عَلَى وَلَدِهِ الصَّغِيرِ كَوَصِيِّ الْحُرِّ
وَقَالَ: فِي الزِّيَادَاتِ وَصِيُّهُ بِمَنْزِلَةِ وَصِيِّ الْحُرِّ فِي حَقِّ الِابْنِ الْكَبِيرِ الْغَائِبِ حَتَّى يَجُوزَ قِسْمَتُهُ فِيمَا سِوَى الْعَقَارِ وَمَا ذُكِرَ هُنَاكَ أَصَحُّ؛ لِأَنَّهُ لَا يَثْبُتُ لِلْمُكَاتَبِ عَلَى وَلَدِهِ الصَّغِيرِ وِلَايَةٌ مُطْلَقَةٌ، وَإِنْ اسْتَنَدَتْ حُرِّيَّتُهُ إلَى حَالِ حَيَاتِهِ؛ لِأَنَّهُ فِي تِلْكَ الْحَالِ مَشْغُولٌ بِنَفْسِهِ لَا يُمْكِنُهُ أَنْ يَنْظُرَ إلَى الْوَلَدِ فَلَا تَثْبُتُ لَهُ الْوِلَايَةُ وَإِنَّمَا تَثْبُتُ الْوِلَايَةُ الْمُطْلَقَةُ لِلْوَصِيِّ إذَا كَانَ لِلْمُوصِي وِلَايَةٌ مُطْلَقَةٌ.
(أَلَا تَرَى) أَنَّ وَصِيَّ الْأَخِ وَالْعَمِّ لَا يَثْبُتُ لَهُ مِنْ الْوِلَايَةِ إلَّا قَدْرُ مَا كَانَ لِلْمُوصِي فَهُنَا أَيْضًا كَانَ لِلْمُوصِي عَلَى وَلَدِهِ الصَّغِيرِ الْمَوْلُودِ فِي الْكِتَابَةِ مِنْ الْوِلَايَةِ مَا يَرْجِعُ إلَى الْحِفْظِ وَلَا وِلَايَةَ لَهُ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute