للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَإِنْ لَمْ يَفْرُغْ مِنْهُ الْيَوْمَ فَلَهُ أَجْرُ مِثْلِهِ لَا يَنْقُصُ عَنْ نِصْفِ دِرْهَمٍ وَلَا يُجَاوِزُ بِهِ دِرْهَمًا وَقَالَ أَبُو يُوسُفَ وَمُحَمَّدٌ رَحِمَهُمَا اللَّهُ: هُوَ عَلَى مَا اشْتَرَطَ إذَا فَرَغَ مِنْهُ الْيَوْمُ فَلَهُ دِرْهَمٌ، وَإِنْ فَرَغَ مِنْهُ بَعْدَ ذَلِكَ فَلَهُ نِصْفُ دِرْهَمٍ وَقَالَ زُفَرُ - رَحِمَهُ اللَّهُ -: الْعَقْدُ فَاسِدٌ كُلُّهُ وَهُوَ قَوْلُ الشَّافِعِيِّ - رَحِمَهُ اللَّهُ - وَهَذِهِ فُصُولٌ (أَحَدُهَا) أَنْ يَقُولَ إنْ خِطْته الْيَوْمَ فَلَكَ دِرْهَمٌ، وَإِنْ خِطْته غَدًا فَلَا شَيْءَ لَكَ وَهُوَ فَاسِدٌ بِالِاتِّفَاقِ؛ لِأَنَّ هَذِهِ مُخَاطَرَةٌ؛ فَإِنَّهُ شَرَطَ لَهُ عَلَى نَفْسِهِ دِرْهَمًا إنْ خَاطَهُ الْيَوْمَ وَلِنَفْسِهِ عَلَيْهِ الْعَمَلُ إنْ لَمْ يَخِطْهُ الْيَوْمَ وَهُوَ صُورَةُ الْقِمَارِ فَكَانَ فَاسِدًا وَلِأَنَّهُ يَصِيرُ تَقْدِيرُ كَلَامِهِ كَأَنَّهُ قَالَ: لَكَ أَجْرُ دِرْهَمٍ عَلَى خِيَاطَتِكَ، أَوْ لَا شَيْءَ وَلَوْ قَالَ ذَلِكَ كَانَ الْعَقْدُ فَاسِدًا وَكَانَ لَهُ أَجْرُ مِثْلِهِ لَا يُجَاوِزُ دِرْهَمًا فَهَذَا مِثْلُهُ (وَالْفَصْلُ) الثَّانِي أَنْ يَقُولَ إنْ خِطْتَ خِيَاطَةً رُومِيَّةً فَلَكَ دِرْهَمٌ، وَإِنْ خِطْتَهُ خِيَاطَةً فَارِسِيَّةً فَلَكَ نِصْفُ دِرْهَمٍ، أَوْ يَقُولَ إنْ خِطْته قَبَاءً فَلَكَ دِرْهَمٌ، وَإِنْ خِطْتُهُ قَمِيصًا فَلَكَ نِصْفُ دِرْهَمٍ فَعَلَى قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ - الْأَوَّلِ الْعَقْدُ فَاسِدٌ كُلُّهُ، وَهُوَ قَوْلُ زُفَرَ وَالشَّافِعِيِّ رَحِمَهُمَا اللَّهُ وَهُوَ الْقِيَاسُ، ثُمَّ رَجَعَ أَبُو حَنِيفَةَ فَقَالَ الشَّرْطَانِ جَائِزَانِ وَهُوَ قَوْلُ أَبِي يُوسُفَ وَمُحَمَّدٍ وَجْهُ قَوْلِهِ الْأَوَّلِ: أَنَّ الْعَقْدَ عَلَيْهِ مَجْهُولٌ عِنْدَ الْعَقْدِ وَالْبَدَلَ مَجْهُولٌ وَجَهَالَةُ أَحَدِهِمَا فِي الْمُعَارَضَةِ تَكُونُ مُفْسِدَةً لِلْعَقْدِ فَجَهَالَتُهُمَا أَوْلَى كَمَا لَوْ قَالَ: بِعْتُ مِنْكَ هَذَا الْعَبْدَ بِأَلْفِ دِرْهَمٍ، أَوْ هَذِهِ الْجَارِيَةَ بِمِائَةِ دِينَارٍ أَوْ زَوَّجْتُكَ أَمَتِي هَذِهِ بِمِائَةِ دِرْهَمٍ، أَوْ ابْنَتِي هَذِهِ بِمِائَةِ دِينَارٍ فَقَالَ: قَبِلْتُ كَانَ بَاطِلًا وَهَذَا؛ لِأَنَّ عَقْدَ الْإِجَارَةِ يَلْزَمُ بِنَفْسِهِ وَإِذَا لَمْ يُعَيِّنْ عَلَيْهِ نَوْعًا مِنْ الْعَمَلِ عِنْدَ الْعَقْدِ لَا يَدْرِي بِمَاذَا يُطَالِبُهُ فَكَانَ الْعَقْدُ فَاسِدًا وَوَجْهُ قَوْلِهِ الْآخَرِ أَنَّهُ خَيَّرَهُ بَيْنَ نَوْعَيْنِ مِنْ الْعَمَلِ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا مَعْلُومٌ فِي نَفْسِهِ

وَالْبَدَلُ بِمُقَابَلَةِ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا مُسَمًّى مَعْلُومٌ فَيَجُوزُ الْعَقْدُ، كَمَا لَوْ اشْتَرَى ثَوْبَيْنِ عَلَى أَنَّ لَهُ الْخِيَارَ يَأْخُذُ أَيَّهُمَا شَاءَ وَيَرُدُّ الْآخَرَ وَسَمَّى لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا ثَمَنًا وَهَذَا؛ لِأَنَّ الْأَجْرَ لَا يَجِبُ بِنَفْسِ الْعَقْدِ وَإِنَّمَا يَجِبُ بِالْعَمَلِ وَعِنْدَ الْعَمَلِ مَا يَلْزَمُهُ مِنْ الْبَدَلِ مَعْلُومٌ، وَكَذَلِكَ عَقْدُ الْإِجَارَةِ فِي حَقِّ الْمَعْقُودِ عَلَيْهِ كَالْمُضَافِ وَإِنَّمَا يَنْعَقِدُ عِنْدَ إقَامَةِ الْعَمَلِ وَعِنْدَ ذَلِكَ لَا جَهَالَةَ فِي الْمَعْقُودِ عَلَيْهِ بِخِلَافِ النِّكَاحِ وَالْبَيْعِ فَالْعَقْدُ هُنَاكَ يَنْعَقِدُ لَازِمًا فِي الْحَالِ وَالْبَدَلُ يُسْتَحَقُّ بِنَفْسِ الْعَقْدِ فَإِذَا لَمْ يَكُنْ مَعْلُومًا عِنْدَ الْعَقْدِ كَانَ الْعَقْدُ فَاسِدًا (وَالْفَصْلُ) الثَّالِثُ أَنْ يَقُولَ إنْ خِطْتَهُ الْيَوْمَ فَلَكَ دِرْهَمٌ، وَإِنْ خِطْتَهُ غَدًا فَلَكَ نِصْفُ دِرْهَمٍ فَعِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ - الشَّرْطُ الْأَوَّلُ جَائِزٌ وَالثَّانِي فَاسِدٌ وَعِنْدَهُمَا الشَّرْطَانِ جَائِزَانِ وَفِي الْقِيَاسِ يَفْسُدُ الشَّرْطَانِ وَهُوَ قَوْلُ زُفَرَ - رَحِمَهُ اللَّهُ - كَمَا فِي الْفَصْلِ الْأَوَّلِ.

(أَلَا تَرَى) أَنَّهُ لَوْ قَالَ: فِي الْبَيْعِ إنْ أَعْطَيْتَ لِي الثَّمَنَ إلَى شَهْرٍ فَعَشَرَةُ دَرَاهِمَ

<<  <  ج: ص:  >  >>