للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَلَوْ تَكَارَى مَنْزِلًا كُلَّ شَهْرٍ بِدِرْهَمٍ فَخَلَّى بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْمَنْزِلِ وَلَمْ يَفْتَحْ لَهُ الْبَابَ فَجَاءَ رَأْسُ الشَّهْرِ وَطَلَبَ الْأَجْرَ فَقَالَ الْمُسْتَأْجِرُ لَمْ يَفْتَحْهُ وَلَمْ أَنْزِلْهُ، فَإِنْ كَانَ يَقْدِرُ عَلَى فَتْحِهِ فَالْكِرَاءُ وَاجِبٌ عَلَيْهِ لِتَمَكُّنِهِ مِنْ اسْتِيفَاءِ الْمَعْقُودِ؛ فَإِنَّهُ فِي الِامْتِنَاعِ بَعْدَ التَّمَكُّنِ قَاصِدٌ إلَى الْإِضْرَارِ بِالْأَخِيرِ فَيُرَدُّ عَلَيْهِ قَصْدُهُ، وَإِنْ كَانَ لَا يَقْدِرُ عَلَى فَتْحِهِ فَلَا أَجْرَ لَهُ عَلَيْهِ لِأَنَّهُ مَا تَمَكَّنَ مِنْ الِاسْتِيفَاءِ وَعَلَى الْمُؤَاجِرِ أَنْ يُمَكِّنَهُ مِنْ اسْتِيفَاءِ الْمَعْقُودِ فَلَا يَسْتَوْجِبُ الْأَجْرَ بِدُونِهِ إذَا لَمْ يَسْتَوْفِ.

وَلَوْ تَكَارَى مَنْزِلًا فِي دَارٍ وَفِي الدَّارِ سُكَّانٌ فَخَلَّى بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْمَنْزِلِ فَلَمَّا جَاءَ رَأْسُ الشَّهْرِ طَلَبَ الْأَجْرَ فَقَالَ: مَا سَكَنْتُهُ حَالَ بَيْنِي وَبَيْنَ الْمَنْزِلِ فِيهِ فُلَانٌ السَّاكِنُ، وَالسَّاكِنُ مُقِرٌّ بِذَلِكَ أَوْ جَاحِدٌ؛ فَإِنَّهُ بِحُكْمِ الْحَالِ فَإِنَّهُ كَانَ الْمُسْتَأْجِرُ فِيهِ فِي الْحَالِ فَالْأَجْرُ عَلَيْهِ وَإِذَا كَانَ الْغَاصِبُ فِيهِ فَلَا أَجْرَ عَلَيْهِ، وَالْقَوْلُ فِيهِ قَوْلُهُ؛ لِأَنَّ الِاخْتِلَافَ وَقَعَ بَيْنَهُمَا فِيمَا مَضَى وَالْحَالُ مَعْلُومٌ فَيُرَدُّ الْمَجْهُولُ إلَى الْمَعْلُومِ وَيَحْكُمُ فِيهِ الْحَالُ كَالْمُسْتَأْجِرِ مَعَ رَبِّ الرَّحَا إذَا اخْتَلَفَا فِي انْقِطَاعِ الْمَاءِ فِي الْمُدَّةِ بِحُكْمِ الْحَالِ فِيهِ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ فِي الْمَنْزِلِ سَاكِنٌ فِي الْحَالِ فَالْمُسْتَأْجِرُ ضَامِنٌ الْأَجْرَ لِأَنَّهُ مُتَمَكِّنٌ مِنْ اسْتِيفَاءِ الْمَنْفَعَةِ فِي الْحَالِ فَذَلِكَ دَلِيلٌ عَلَى أَنَّهُ كَانَ مُتَمَكِّنًا فِيمَا مَضَى فَيَلْزَمُهُ الْأَجْرُ وَالْمَانِعُ لَا يَثْبُتُ بِمُجَرَّدِ قَوْلِهِ مِنْ غَيْرِ حُجَّةٍ

وَلَوْ تَكَارَى بَيْتًا وَلَمْ يُسَمِّ مَا يَعْمَلُ فِيهِ فَهُوَ جَائِزٌ؛ لِأَنَّ الْمَعْقُودَ عَلَيْهِ مَعْلُومٌ بِالْعُرْفِ وَهُوَ السُّكْنَى فِي الْبَيْتِ، وَذَلِكَ لَا يَتَفَاوَتُ فَلَا حَاجَةَ إلَى تَسْمِيَةٍ، وَلَيْسَ لَهُ أَنْ يَعْمَلَ فِيهِ الْقِصَارَةَ وَنَظَائِرَهَا؛ لِأَنَّ ذَلِكَ يَضُرُّ بِالْبِنَاءِ وَقَدْ بَيَّنَّا أَنَّهُ لَا يَسْتَحِقُّهُ بِمُطْلَقِ الْعَقْدِ فَإِنْ عَمِلَهَا فَانْهَدَمَ الْبَيْتُ فَهُوَ ضَامِنٌ؛ لِمَا انْهَدَمَ مِنْ عَمَلِهِ؛ لِأَنَّهُ مُتْلِفٌ مُتَعَدٍّ وَلَا أَجْرَ عَلَيْهِ فِيمَا ضَمِنَ لِأَنَّ الْأَجْرَ وَالضَّمَانَ لَا يَجْتَمِعَانِ؛ فَإِنَّهُ يَتَمَلَّكُ الْمَضْمُونَ بِالضَّمَانِ مُسْتَنِدًا إلَى وَقْتِ وُجُوبِ الضَّمَانِ، فَلَا يَجِبُ عَلَيْهِ الْأَجْرُ فِيمَا اسْتَوْفَى مِنْ مَنْفَعَةِ مِلْكِ نَفْسِهِ، وَإِنْ سَلَّمَ فَعَلَيْهِ الْأَجْرُ اسْتِحْسَانًا وَفِي الْقِيَاسِ لَا أَجْرَ عَلَيْهِ؛ لِأَنَّهُ غَاصِبٌ فِيمَا صَنَعَ؛ وَلِهَذَا كَانَ ضَامِنًا، وَلَا أَجْرَ عَلَى الْغَاصِبِ فِي الْمَنْفَعَةِ وَجْهُ الِاسْتِحْسَانِ أَنَّهُ اسْتَوْفَى الْمَعْقُودَ عَلَيْهِ وَزِيَادَةً وَإِنَّمَا كَانَ ضَامِنًا بِاعْتِبَارِ تِلْكَ الزِّيَادَةِ فَإِذَا سَلَّمَ سَقَطَ اعْتِبَارُ تِلْكَ الزِّيَادَةِ حُكْمًا فَيَلْزَمُهُ الْأَجْرُ بِاسْتِيفَاءِ الْمَعْقُودِ عَلَيْهِ وَإِذَا انْهَدَمَ فَقَدْ وَجَبَ اعْتِبَارُ تِلْكَ الزِّيَادَةِ لِإِيجَابِ الضَّمَانِ عَلَيْهِ؛ فَلِهَذَا لَا يَلْزَمُهُ الْأَجْرُ.

وَإِنْ قَالَ الْمُسْتَأْجِرُ: اسْتَأْجَرْتُهُ مِنْكَ لِأَعْمَلَ فِيهِ الْقِصَارَةَ وَقَالَ رَبُّ الْبَيْتِ: أَكْرَيْتُكَ لِغَيْرِ ذَلِكَ فَالْقَوْلُ قَوْلُ رَبِّ الْبَيْتِ؛ لِأَنَّهُ هُوَ الْمُوجِبُ وَلَوْ أَنْكَرَ الْإِيجَابَ وَالْإِذْنَ أَصْلًا كَانَ الْقَوْلُ قَوْلَهُ إذَا أَقَرَّ بِشَيْءٍ دُونَ شَيْءٍ وَلِأَنَّ الْمُسْتَأْجِرَ يَدَّعِي زِيَادَةً فِيمَا اسْتَحَقَّهُ بِالْعَقْدِ فَعَلَيْهِ أَنْ يُثْبِتَ ذَلِكَ بِالْبَيِّنَةِ وَرَبُّ الدَّارِ مُنْكِرٌ لِذَلِكَ فَالْقَوْلُ قَوْلُهُ مَعَ يَمِينِهِ، وَإِنْ سَكَنَهُ وَأَسْكَنَ

<<  <  ج: ص:  >  >>