مُتَعَدِّيًا وَلَكِنْ يُجْعَلُ فِعْلُهُ كَفِعْلِ رَبِّ الدَّارِ.
وَإِنْ تَكَارَى دَارًا كُلَّ شَهْرٍ بِعَشَرَةٍ عَلَى أَنْ يَعْمُرَهَا وَيُعْطِيَ أَجْرَ حَارِسِهَا وَنُوَّابِهَا فَهَذَا فَاسِدٌ؛ لِأَنَّ مَا يَعْمُرُ بِهِ الدَّارَ عَلَى رَبِّ الدَّارِ وَالثَّانِيَةُ كَذَلِكَ عَلَيْهِ فَهِيَ الْجِبَايَةُ بِمَنْزِلَةِ الْخَرَاجِ فَهِيَ مَجْهُولَةٌ فَقَدْ شَرَطَ لِنَفْسِهِ شَيْئًا مَجْهُولًا مَعَ الْعَشَرَةِ وَضَمُّ الْمَجْهُولِ إلَى الْمَعْلُومِ يَجْعَلُ الْكُلَّ مَجْهُولًا، فَأَمَّا أَجْرُ الْحَارِسِ فَهُوَ عَلَى السَّاكِنِ؛ لِأَنَّهُ هُوَ الْمُنْتَفِعُ بِعَمَلِهِ وَإِذَا سَكَنَ الدَّارَ فَعَلَيْهِ أَجْرُ مِثْلِهَا بَالِغًا مَا بَلَغَ؛ لِأَنَّهُ اسْتَوْفَى الْمَنْفَعَةَ بِعَقْدٍ فَاسِدٍ وَرَبُّ الدَّارِ مَا رَضِيَ بِالْمُسَمَّى حِينَ ضَمَّ إلَيْهِ شَيْئًا آخَرَ لِنَفْسِهِ؛ فَلِهَذَا لَزِمَهُ أَجْرُ الْمِثْلِ بَالِغًا مَا بَلَغَ وَالْإِشْهَادُ عَلَى الْمُرْتَهِنِ وَالْمُسْتَأْجِرِ وَالْمُسْتَعِيرِ فِي الْحَائِطِ الْوَاهِي بَاطِلٌ؛ لِأَنَّ الْإِشْهَادَ إنَّمَا يَصِحُّ عَلَى مَنْ يَتَمَكَّنُ مِنْ هَدْمِ الْحَائِطِ؛ فَإِنَّهُ يُطَالِبُهُ بِتَفْرِيغِ مَا اشْتَغَلَ مِنْ الْهَوَاءِ بِالْحَائِطِ الْمَائِلِ، وَهَؤُلَاءِ لَا يَتَمَكَّنُونَ مِنْ التَّفْرِيغِ بِالْهَدْمِ فَلَا تَتَوَجَّهُ عَلَيْهِمْ الْمُطَالَبَةُ.
رَجُلٌ تَكَارَى مَنْزِلًا فِي دَارٍ وَفِي الدَّارِ سُكَّانٌ غَيْرُهُ فَأَدْخَلَ دَابَّةً فِي الدَّارِ وَأَوْقَفَهَا عَلَى بَابِهِ فَضَرَبَتْ إنْسَانًا فَمَاتَ، أَوْ هَدَمَتْ حَائِطًا، أَوْ دَخَلَ ضَيْفٌ لَهُ عَلَى دَابَّةٍ فَوَطِئَ إنْسَانًا مِنْ السُّكَّانِ فَلَا ضَمَانَ عَلَى السَّاكِنِ وَلَا عَلَى الضَّيْفِ؛ لِأَنَّهُ غَيْرُ مُتَعَدٍّ فِي إدْخَالِ الدَّابَّةِ وَإِيقَافِهَا فِي الدَّارِ، فَإِنَّ لِلسَّاكِنِ أَنْ يَرْبِطَ دَابَّتَهُ فِيهَا إلَّا أَنْ يَكُونَ هُوَ عَلَى الدَّابَّةِ حِينَ أَوْطَأَتْ إنْسَانًا فَحِينَئِذٍ يَضْمَنُ؛ لِأَنَّهُ مُبَاشِرٌ لِلْإِتْلَافِ، وَإِنْ تَكَارَاهَا سَنَةً وَقَبَضَهَا لَمْ يَكُنْ لِرَبِّ الدَّارِ أَنْ يَرْبِطَ فِيهَا دَابَّتَهُ مِنْ غَيْرِ رِضَى السَّاكِنِ؛ لِأَنَّ السَّاكِنَ فِيمَا يَرْجِعُ إلَى الِانْتِفَاعِ كَالْمَالِكِ، وَالْمَالِكَ كَالْأَجْنَبِيِّ فَإِنْ فَعَلَ فَهُوَ ضَامِنٌ لِمَا أَصَابَتْ لِكَوْنِهِ مُتَعَدِّيًا فِي التَّسَبُّبِ وَلَوْ تَكَارَى دَارًا يَسْكُنُهَا شَهْرًا بِخِدْمَةِ عَبْدٍ شَهْرًا فَإِنْ كَانَ الْعَبْدُ بِغَيْرِ عَيْنِهِ فَالْإِجَارَةُ فَاسِدَةٌ لِجَهَالَةِ أَحَدِ الْعِوَضَيْنِ، وَإِنْ كَانَ بِعَيْنِهِ فَالْإِجَارَةُ جَائِزَةٌ لِاخْتِلَافِ جِنْسِ الْمَنْفَعَةِ فَإِنْ مَاتَ الْعَبْدُ قَبْلَ أَنْ يَخْدُمَ وَسَكَنَ الدَّارَ فَعَلَيْهِ أَجْرُ مِثْلِ الدَّارِ؛ لِأَنَّ بِمَوْتِ الْعَبْدِ فَاتَ الْمَعْقُودُ عَلَيْهِ مِنْ الْخِدْمَةِ قَبْلَ الِاسْتِيفَاءِ فَيَفْسُدُ الْعَقْدُ فِي حَقِّ السُّكْنَى وَبَقِيَتْ السُّكْنَى مُسْتَوْفَاةً بِعَقْدٍ فَاسِدٍ وَكَانَ عَلَى الْمُسْتَوْفِي أَجْرُ الْمِثْلِ.
رَجُلٌ تَكَارَى دَارًا سَنَةً بِمِائَةِ دِرْهَمٍ عَلَى أَنْ لَا يَسْكُنَهَا وَلَا يَنْزِلَ فِيهَا فَالْإِجَارَةُ فَاسِدَةٌ؛ لِأَنَّهُ نَفَى مُوجِبَ الْعَقْدِ بِالشَّرْطِ، وَمِثْلُ هَذَا الشَّرْطِ لَا يُلَائِمُ الْعَقْدَ فَإِنْ سَكَنَهَا فَعَلَيْهِ أَجْرُ مِثْلِهَا وَلَا يُنْقِصُ مِمَّا سَمَّى؛ لِأَنَّ الْمُسْتَأْجِرَ الْتَزَمَ الْمُسَمَّى بِدُونِ أَنْ يَسْكُنَهَا فَالْتِزَامُهُ لَهَا إذَا سَكَنَ أَظْهَرُ، وَرَبُّ الدَّارِ إنَّمَا رَضِيَ بِالْمُسَمَّى إذَا لَمْ يَسْكُنْهَا فَعِنْدَ السُّكْنَى لَا يَكُونُ رَاضِيًا بِهَا؛ فَلِهَذَا أَعْطَاهُ أَجْرَ مِثْلِهَا بَالِغًا مَا بَلَغَ فَإِنْ تَكَارَاهَا عَلَى أَنْ يَسْكُنَهَا فَلَمْ يَسْكُنْهَا وَلَكِنَّهُ جَعَلَ فِيهَا حَيَوَانًا وَقَالَ رَبُّ الدَّارِ رُدَّهَا عَلَيَّ.
(قَالَ:) هَذَا يُخَرِّبُهَا فَلَيْسَ لَهُ ذَلِكَ حَتَّى تَنْقَضِيَ الْمُدَّةُ؛ لِأَنَّ مَا فَعَلَ مِنْ السُّكْنَى.
(أَلَا تَرَى) أَنَّهُ لَوْ سَكَنَهَا كَانَ لَهُ أَنْ يَجْعَلَ فِيهَا مِنْ الْحُبُوبِ مَعَ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute