للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بِسِمَةِ مَا يَمُوتُ مِنْهَا وَإِلَّا فَهُوَ ضَامِنٌ فَهَذَا الشَّرْطُ غَيْرُ مُعْتَبَرٍ؛ لِأَنَّهَا قَدْ تَمُوتُ فِي مَوْضِعٍ لَا يُمْكِنُهُ أَنْ يَأْتِيَ بِسِمَتِهَا وَقَدْ يَفْتَعِلُ فِيمَا يَأْتِي مِنْ السِّمَةِ بِأَنْ يَأْكُلَ بَعْضَ الْغَنَمِ، ثُمَّ يَأْتِي بِسِمَتِهِ وَيَقُولُ: قَدْ مَاتَ فَإِنَّ السِّمَةَ لَا تَخْتَلِفُ بِالذَّبْحِ وَالْمَوْتِ فَعَرَفْنَا أَنَّ هَذَا الشَّرْطَ غَيْرُ مُفِيدٍ، ثُمَّ عَلَى قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ - الْقَوْلُ قَوْلُهُ، وَإِنْ لَمْ يَأْتِ بِالسِّمَةِ؛ لِأَنَّهُ أَمِينٌ فِي الْعَيْنِ عِنْدَهُ وَعِنْدَهُمَا هُوَ ضَامِنٌ، وَإِنْ أَتَى بِالسِّمَةِ إلَّا أَنْ يُقِيمَ الْبَيِّنَةَ عَلَى الْمَوْتِ وَلَا يَسَعُ الْمُصَدِّقَ أَنْ يُصَدِّقَ غَنَمًا مَعَ الرَّاعِي حَتَّى يَحْضُرَ صَاحِبُهَا؛ لِأَنَّ الْمُصَدِّقَ يَأْخُذُ الزَّكَاةَ، وَالزَّكَاةُ تَجِبُ عَلَى الْمَالِكِ وَيَتَأَدَّى بِأَدَائِهِ وَنِيَّتِهِ وَالرَّاعِي فِي ذَلِكَ لَيْسَ بِنَائِبٍ عَنْهُ فَإِنْ أَخَذَ الْمُصَدِّقُ الزَّكَاةَ مِنْ الرَّاعِي فَلَا ضَمَانَ عَلَى الرَّاعِي فِي ذَلِكَ؛ لِأَنَّ الرَّاعِيَ لَا يَتَمَكَّنُ مِنْ أَنْ يَمْنَعَ الْمُصَدِّقَ مِنْ ذَلِكَ فَهُوَ فِي حَقِّهِ بِمَنْزِلَةِ الْمَوْتِ، وَإِنْ خَافَ الرَّاعِي عَلَى شَاةٍ مِنْهَا فَذَبَحَهَا فَهُوَ ضَامِنٌ لِقِيمَتِهَا يَوْمَ ذَبَحَهَا؛ لِأَنَّ صَاحِبَهَا لَمْ يَأْمُرْهُ بِذَبْحِهَا بَلْ مَنَعَهُ مِنْ ذَلِكَ، وَإِنْ اخْتَلَفَا فِي عِدَّةِ مَا سَلَّمَهُ إلَى الرَّاعِي فَالْقَوْلُ قَوْلُ الرَّاعِي لِإِنْكَارِهِ قَبْضَ الزِّيَادَةِ وَالْبَيِّنَةُ بَيِّنَةُ صَاحِبِ الْغَنَمِ لِإِثْبَاتِهِ الزِّيَادَةَ بِبَيِّنَتِهِ، ثُمَّ يَكُونُ ضَامِنًا لِلْفَضْلِ بِجُحُودِهِ وَلَيْسَ لِلرَّاعِي أَنْ يَسْقِيَ مِنْ أَلْبَانِ الْغَنَمِ وَلَا يَأْكُلُ وَلَا يَبِيعُ وَلَا يُقْرِضُ؛ لِأَنَّهُ مَأْمُورٌ بِالرَّعْيِ وَهَذَا لَيْسَ مِنْ عَمَلِ الرَّعْيِ فَهُوَ فِيهِ كَسَائِرِ الْأَجَانِبِ فَيَكُونُ ضَامِنًا إنْ فَعَلَ شَيْئًا مِنْ ذَلِكَ وَلَوْ أَنَّ رَبَّ الْغَنَمِ بَاعَ نِصْفَ غَنَمِهِ، فَإِنْ كَانَ اسْتَأْجَرَ الرَّاعِيَ شَهْرًا عَلَى أَنْ يَرْعَى لَهُ لَمْ يَحُطَّهُ مِنْ الْأَجْرِ شَيْئًا؛ لِأَنَّ الْمَعْقُودَ عَلَيْهِ مَنَافِعُهُ وَإِنَّمَا يَسْتَوْجِبُ الْأَجْرَ بِتَسْلِيمِ نَفْسِهِ فِي الْمُدَّةِ وَلَوْ أَرَادَ رَبُّ الْغَنَمِ أَنْ يَزِيدَ فِي الْغَنَمِ مَا يُطِيقُ الرَّاعِي كَانَ لَهُ ذَلِكَ؛ لِأَنَّهُ مَالِكٌ لِمَنَافِعِهِ فِي الْمُدَّةِ فَهُوَ بِمَنْزِلَةِ عَبْدِهِ فِي ذَلِكَ يَسْتَعْمِلُهُ فِي ذَلِكَ الْعَمَلِ بِقَدْرِ طَاقَتِهِ

وَإِنْ اسْتَأْجَرَ شَهْرًا يَرْعَى لَهُ هَذِهِ الْغَنَمَ بِأَعْيَانِهَا لَمْ يَكُنْ لَهُ أَنْ يَزِيدَ فِيهَا بِالْقِيَاسِ؛ لِأَنَّ التَّعْيِينَ إذَا كَانَ مُفِيدًا يَجِبُ اعْتِبَارُهُ، وَالتَّعْيِينُ فِي حَقِّ الرَّاعِي مُفِيدٌ؛ لِأَنَّ الْمَشَقَّةَ عَلَيْهِ تَخْتَلِفُ بِاخْتِلَافِ عَدَدِ الْغَنَمِ فَهُوَ مَا الْتَزَمَ إلَّا رَعْيَ مَا عَيَّنَهُ عِنْدَ الْعَقْدِ فَلَا يَكُونُ لِرَبِّ الْغَنَمِ أَنْ يُكَلِّفَهُ شَيْئًا آخَرَ كَمَا لَا يَكُونُ لَهُ أَنْ يُكَلِّفَهُ عَمَلًا آخَرَ وَلَكِنَّهُ اسْتَحْسَنَ فَقَالَ: لَهُ أَنْ يُكَلِّفَهُ مِنْ ذَلِكَ بِقَدْرِ طَاقَتِهِ؛ لِأَنَّ الْمَعْقُودَ عَلَيْهِ مَنَافِعُهُ؛ فَإِنَّهُ بَدَأَ بِذِكْرِ الْمُدَّةِ وَتَعْيِينُهُ الْأَغْنَامَ لِبَيَانِ مَا قَصَدَ مِنْ تَمَلُّكِ مَنَافِعِهِ بِالْإِجَارَةِ لَا لِقَصْرِ حُكْمِ الْعَقْدِ عَلَيْهِ فَإِذَا بَقِيَتْ مَنَافِعُهُ بَعْدَ هَذَا التَّعْيِينِ مُسْتَحَقَّةً لِرَبِّ الْغَنَمِ كَانَ لَهُ أَنْ يُكَلِّفَهُ فِي ذَلِكَ بِقَدْرِ طَاقَتِهِ وَلَكِنْ لَا يُكَلَّفُ عَمَلًا آخَرَ؛ لِأَنَّهُ تَبَيَّنَ مَقْصُودُهُ عِنْدَ الْعَقْدِ وَهُوَ الرَّعْيُ فَمَا لَيْسَ مِنْ عَمَلِ الرَّعْيِ لَا يَكُونُ دَاخِلًا فِي حُكْمِ الْعَقْدِ، ثُمَّ قَالَ: أَرَأَيْت لَوْ وَلَدَتْ الْغَنَمُ أَمَا كَانَ عَلَيْهِ أَنْ يَرْعَى أَوْلَادَهَا مَعَهَا وَالْقِيَاسُ وَالِاسْتِحْسَانُ فِيهِمَا؛ لِأَنَّ الْوَلَدَ بَعْدَ الِانْفِصَالِ

<<  <  ج: ص:  >  >>