بِشَهَادَةِ الشُّهُودِ. فَكَذَلِكَ إذَا لَمْ يَكُنْ عَلَيْهِ عِنْوَانٌ، وَقَدْ تَرَكَ بَعْضُ الْقُضَاةِ كَتْبَهُ الْعِنْوَانَ عَلَى ظَاهِرِ الْكِتَابِ لِغَرَضٍ لَهُ فِي ذَلِكَ، وَلَيْسَ عَلَى عِنْوَانِ الظَّاهِرِ اعْتِمَادٌ فَإِنَّهُ لَيْسَ يَجِبُ الْخَتْمُ فَإِنْ فَتَحَ الْكِتَابَ فَلَمْ يَكُنْ فِي دَاخِلِهِ اسْمُ الْكَاتِبِ وَالْمَكْتُوبِ إلَيْهِ، أَوْ كَانَ فِيهِ اسْمُهُمَا دُونَ اسْمِ أَبِيهِمَا لَمْ يَقْبَلْهُ؛ لِأَنَّهُ إنَّمَا يَقْبَلُ كِتَابَ الْقَاضِي إلَيْهِ وَلَا يَصِيرُ ذَلِكَ مَعْلُومًا إلَّا بِالْعِنْوَانِ فِي دَاخِلِهِ عَلَى وَجْهٍ يَحْصُلُ بِهِ تَعْرِيفُ الْكَاتِبِ وَالْمَكْتُوبِ إلَيْهِ. فَإِذَا لَمْ يَكُنْ ذَلِكَ لَا يَقْبَلُهُ
وَالْحَاصِلُ أَنَّ الْعِنْوَانَ الدَّاخِلَ عَلَيْهِ الِاعْتِمَادُ؛ لِأَنَّهُ تَحْتَ الْخَتْمِ يُؤْمَنُ فِيهِ تَغْيِيرُ ذَلِكَ. فَإِذَا كَانَ فِيهِ تَعْرِيفًا تَامًّا يَقْبَلُ الْكِتَابَ وَإِلَّا فَلَا، وَإِنْ كَانَ فِيهِ أَسْمَاؤُهُمَا وَأَسْمَاءُ آبَائِهِمَا قَبِلَهُ إذَا شَهِدَتْ الشُّهُودُ عَلَى مَا فِي جَوْفِهِ فِي قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ وَمُحَمَّدٍ رَحِمَهُمَا اللَّهُ، وَإِنْ كَانَ فِيهِ كِنَايَتُهُمَا دُونَ أَسْمَائِهِمَا لَمْ يَقْبَلْهُ فَالتَّعْرِيفُ لَا يَحْصُلُ بِذَلِكَ عَلَى مَا قِيلَ الْمَكْنِيُّ بِأَكْنَى إلَّا أَنْ يَكُونَ مَشْهُورًا كَشُهْرَةِ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ - فَحِينَئِذٍ يَقْبَلُ ذَلِكَ لِلشُّهْرَةِ، وَإِنْ كَانَ فِيهِ مِنْ فُلَانٍ إلَى ابْنِ فُلَانٍ لَمْ يَجُزْ؛ لِأَنَّهُ لَا يَصِيرُ مَعْلُومًا بِهَذَا فَقَدْ يَنْسِبُ الْفُلَانَ إلَى الْأَبِ الْأَدْنَى، وَقَدْ يَنْسِبُ إلَى مَنْ فَوْقَهُ، وَقَدْ يَكُونُ لِابْنِهِ بَنُونَ سِوَاهُ فَإِنْ كَانَ مَشْهُورًا مِثْلَ ابْنِ أَبِي لَيْلَى وَابْنِ شُبْرُمَةَ رَحِمَهُمَا اللَّهُ جَازَ ذَلِكَ لِحُصُولِ الْمَقْصُودِ بِذِكْرِ مَا هُوَ مَشْهُورٌ، وَلَوْ كَتَبَ اسْمَ الْقَاضِي وَنَسَبَهُ إلَى جَدِّهِ وَلَمْ يَنْسِبْهُ إلَى أَبِيهِ لَمْ يَجُزْ؛ لِأَنَّ التَّعْرِيفَ يَحْصُلُ بِالنِّسْبَةِ إلَى الْأَبِ الْأَدْنَى فَالنِّسْبَةُ إلَيْهِ حَقِيقَةً وَإِلَى الْجَدِّ مَجَازًا.
(أَلَا تَرَى) أَنَّهُ يُنْفَى عَنْهُ بِإِثْبَاتِ غَيْرِهِ، وَلَوْ كَانَ عَلَى عِنْوَانِهِ أَسْمَاؤُهُمَا وَأَسْمَاءُ آبَائِهِمَا لَمْ يَجُزْ ذَلِكَ إلَّا أَنْ يَكُونَ ذَلِكَ فِي دَاخِلِهِ؛ لِأَنَّ الْعِنْوَانَ الظَّاهِرَ لَيْسَ تَحْتَ الْخَتْمِ فَوُجُودُهُ وَعَدَمُهُ سَوَاءٌ.
وَلَوْ كَتَبَ الْقَاضِي إلَى الْأَمِيرِ الَّذِي اسْتَعْمَلَهُ وَهُوَ فِي الْمِصْرِ مَعَهُ أَصْلَحَ اللَّهُ الْأَمِيرَ، ثُمَّ اقْتَصَّ الْقِصَّةَ وَجَاءَ بِكِتَابِهِ مَعَهُ فَعَرَفَهُ الْأَمِيرُ فَفِي الْقِيَاسِ لَا يَقْبَلُ ذَلِكَ؛ لِأَنَّ كِتَابَ الْقَاضِي لَا يُثْبِتُ عِنْدَ الْأَمِيرِ مُوجِبًا لِلْقَضَاءِ إلَّا بِشَهَادَةِ شَاهِدَيْنِ كَالْمَكْتُوبِ مِنْ مِصْرٍ إلَى مِصْرٍ وَكَذَا لَا بُدَّ مِنْ ذِكْرِ اسْمِ الْكَاتِبِ وَاسْمِ أَبِيهِ وَاسْمِ الْمَكْتُوبِ إلَيْهِ وَاسْمِ أَبِيهِ وَلَمْ يُوجَدْ ذَلِكَ، وَلِأَنَّهُ لَا حَاجَةَ فِي الْمِصْرِ إلَى هَذَا فَإِنَّهُ يَتَيَسَّرُ عَلَيْهِ أَنْ يَحْضُرَ بِنَفْسِهِ فَيُخْبِرَ الْأَمِيرَ بِمَا يُرِيدُ إعْلَامَهُ، وَلَكِنْ فِي الِاسْتِحْسَانِ يَجُوزُ لِلْأَمِيرِ أَنْ يُمْضِيَ هَذَا؛ لِأَنَّهُ مُتَعَارَفٌ وَيَشُقُّ عَلَى الْقَاضِي أَنْ يَأْتِيَ الْأَمِيرَ بِنَفْسِهِ فِي كُلِّ حَادِثَةٍ لِيُخْبِرَ بِهَا، وَلِأَنَّهُ لَوْ أَرْسَلَ إلَيْهِ بِذَلِكَ رَسُولًا ثِقَةً كَانَ عِبَارَةُ رَسُولِهِ كَعِبَارَتِهِ فِي حَقِّ جَوَازِ الْعَمَلِ بِهِ.
فَكَذَلِكَ إذَا كَتَبَ إلَيْهِ بِذَلِكَ رُقْعَةً وَلَمْ يَجْرِ الرَّسْمُ بِمِثْلِهِ فِي الْكِتَابِ مِنْ مِصْرٍ إلَى مِصْرٍ آخَرَ فَشَرَطْنَا هُنَاكَ شَرَائِطَ كِتَابِ الْقَاضِي إلَى الْقَاضِي وَيَجُوزُ عَلَى كِتَابِ الْقَاضِي الشَّهَادَةُ عَلَى الشَّهَادَةِ وَشَهَادَةُ امْرَأَتَيْنِ مَعَ رَجُلٍ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute