ذَلِكَ مِمَّا عَايَنَ. وَإِذَا تَزَوَّجَ امْرَأَةً نِكَاحًا ظَاهِرًا وَدَخَلَ بِهَا عَلَانِيَةً وَأَقَامَ مَعَهَا أَيَّامًا، ثُمَّ مَاتَتْ فَإِنَّهُ يَسَعُ الْجِيرَانَ أَنْ يَشْهَدُوا عَلَى أَنَّهَا امْرَأَتُهُ، وَإِنْ لَمْ يَشْهَدُوا النِّكَاحَ؛ لِأَنَّهُ اقْتَرَنَ بِالنِّكَاحِ مَا أَوْجَبَ تَشْهِيرَهُ أَرَأَيْت لَوْ كَانَ بَيْنَهُمَا وَلَدٌ أَمَا كَانَ يَسَعُهُمْ أَنْ يَشْهَدُوا أَنَّهُ وَلَدُهُمَا، وَإِنْ لَمْ يُعَايِنُوا الْوِلَادَةَ. فَإِذَا كَانَ يَجُوزُ هَذَا فِيمَا يَنْبَنِي عَلَى النِّكَاحِ. فَكَذَلِكَ فِي النِّكَاحِ.
وَإِذَا شَهِدَ شَاهِدَانِ أَنَّ فُلَانًا مَاتَ وَتَرَكَ هَذِهِ الدَّارَ مِيرَاثًا لِفُلَانٍ ابْنِهِ هَذَا لَا يَعْلَمُونَ لَهُ وَارِثًا غَيْرَهُ وَلَمْ يُدْرِكُوا فُلَانًا الْمَيِّتَ فَشَهَادَتُهُمْ بَاطِلَةٌ؛ لِأَنَّهُمْ يَشْهَدُونَ بِالْمِلْكِ لِلْمَيِّتِ فَإِنَّ الْوِرَاثَةَ خِلَافَةٌ فَمَا لَمْ يَثْبُتْ الْمِلْكُ لِلْمَيِّتِ لَا يَخْلُفُهُ وَارِثُهُ فِيهِ وَلَا تَجُوزُ الشَّهَادَةُ عَلَى الْمِلْكِ بِالتَّسَامُعِ. وَإِذَا كَانَ الْقَاضِي يَعْلَمُ أَنَّهُمْ لَمْ يُدْرِكُوا فُلَانًا الْمَيِّتَ فَقَدْ عَلِمَ أَنَّهُمْ جَازَفُوا فِي هَذِهِ الشَّهَادَةِ وَبِهَذَا يَسْتَدِلُّ أَبُو حَنِيفَةَ وَمُحَمَّدٌ رَحِمَهُمَا اللَّهُ فِي مَسْأَلَةِ الْوَلَاءِ فَيَقُولَانِ إنَّ الْوَلَاءَ بِالْعِتْقِ لَا يَثْبُتُ لِلْعِتْقِ إلَّا أَنْ يَكُونَ مَالِكًا فَهُمْ يَشْهَدُونَ بِالْمِلْكِ لَهُ أَوَّلًا وَلَا تَجُوزُ الشَّهَادَةُ عَلَى الْمِلْكِ بِالتَّسَامُعِ؛ وَلِهَذَا قَالَ كَثِيرٌ مِنْ مَشَايِخِنَا - رَحِمَهُمُ اللَّهُ - فِي الْوَقْفِ إنَّ الشَّهَادَةَ عَلَيْهِ بِالتَّسَامُعِ مِمَّنْ لَا يُدْرِكُ الْوَاقِفَ لَا تُقْبَلُ؛ لِأَنَّهُ مَا لَمْ يَثْبُتْ الْمِلْكُ لِلْوَاقِفِ لَا يَثْبُتُ الْوَقْفُ مِنْ جِهَتِهِ وَالشَّهَادَةُ عَلَى الْمِلْكِ بِالتَّسَامُعِ لَا تَجُوزُ إلَّا أَنَّ أَكْثَرَهُمْ عَلَى جَوَازِ ذَلِكَ فِي الْوَقْفِ اسْتِحْسَانًا لِلضَّرُورَةِ الدَّاعِيَةِ إلَى ذَلِكَ وَتَحْقِيقِ مَقْصُودِ الْوَاقِفِ وَهُوَ التَّأْبِيدُ فِي صَدَقَتِهِ.
وَلَوْ شَهِدُوا عَلَى دَارٍ فِي يَدَيْ رَجُلٍ أَنَّهَا دَارُ جَدِّ هَذَا الْمُدَّعِي وَخِطَّتُهُ، وَقَدْ أَدْرَكُوا الْحَدَّ لَمْ تَجُزْ شَهَادَتُهُمَا حَتَّى يُجِيزُوا الْمَوَارِيثَ؛ لِأَنَّ الْمُدَّعِيَ يَحْتَاجُ إلَى إثْبَاتِ سَبَبِ انْتِقَالِ الْمِلْكِ إلَيْهِ مِنْ الْجَدِّ وَبِثُبُوتِ الْمِلْكِ لِلْجَدِّ لَا يَحْصُلُ هَذَا الْمَقْصُودُ وَلَا يَتَمَكَّنُ الْقَاضِي مِنْ الْقَضَاءِ لَهُ حَتَّى يُجِيزُوا الْمَوَارِيثَ، وَلَوْ شَهِدَ عَلَى إقْرَارِ الَّذِي فِي يَدَيْهِ أَنَّهَا دَارُ جَدِّ هَذَا أَجَزْت ذَلِكَ وَجَعَلْتهَا لَهُ إنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ وَارِثٌ غَيْرَهُ؛ لِأَنَّ الثَّابِتَ مِنْ إقْرَارِهِ بِالْبَيِّنَةِ كَالثَّابِتِ بِالْمُعَايَنَةِ، وَهَذَا؛ لِأَنَّ الْإِقْرَارَ مُوجِبٌ بِنَفْسِهِ قَبْلَ أَنْ يَتَّصِلَ بِهِ الْقَضَاءُ بِخِلَافِ الشَّهَادَةِ فَإِنَّهَا لَا تُوجِبُ شَيْئًا إلَّا بِقَضَاءِ الْقَاضِي وَلَا يَتَمَكَّنُ الْقَاضِي مِنْ الْقَضَاءِ إلَّا بِسَبَبٍ ثَابِتٍ عِنْدَهُ.
وَنَظِيرُ هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ مَا بَيَّنَّا فِي كِتَابِ الدَّعْوَى أَنَّهُمْ إذَا شَهِدُوا أَنَّهَا كَانَتْ لِابْنِهِ، وَقَدْ مَاتَ أَبُوهُ لَا يُقْضَى لَهُ بِشَيْءٍ إلَّا فِي قَوْلِ أَبِي يُوسُفَ الْآخَرِ بِخِلَافِ مَا إذَا شَهِدُوا عَلَى إقْرَارِ ذِي الْيَدِ بِأَنَّهَا كَانَتْ لِابْنِهِ، وَكَذَلِكَ لَوْ شَهِدُوا أَنَّهَا كَانَتْ مِنْ يَدِ الْمُدَّعِي لَا يَسْتَحِقُّ بِهَذَا شَيْئًا بِخِلَافِ مَا إذَا شَهِدُوا عَلَى إقْرَارِ ذِي الْيَدِ أَنَّهَا كَانَتْ فِي يَدِ الْمُدَّعِي، وَفِي الْكِتَابِ أَشَارَ إلَى الْفَرْقِ. وَقَالَ إذَا أَقَرَّ ذُو الْيَدِ بِهَذَا فَقَدْ أَخْرَجَهَا مِنْ نَصِيبِهِ فَيُخْرِجُهَا مِنْ يَدِهِ إلَّا أَنْ يَأْتِيَ بِبَيِّنَةٍ بِحَقٍّ لَهُ فِيهَا. وَإِذَا أَخْرَجْنَاهَا مِنْ يَدِهِ فَلَا مُسْتَحَقَّ لَهَا سِوَى الْمُدَّعِي فَتُدْفَعَ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute