للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

مِنْهُ دَارًا حُدُودُهَا مَا سَمَّى الشُّهُودُ، وَلَكِنْ لَا أَدْرِي أَنَّ هَذِهِ الدَّارَ الْمُعَيَّنَةَ الَّتِي يَدَّعِيهَا هِيَ تِلْكَ الدَّارُ، وَإِنَّ حُدُودَهَا مَا سَمَّى الشُّهُودُ فَثَبَتَ ذَلِكَ عِنْدِي بِالْبَيِّنَةِ. فَإِذَا أَقَامَ الْبَيِّنَةَ عَلَى ذَلِكَ حِينَئِذٍ يَتَمَكَّنُ الْقَاضِي مِنْ الْقَضَاءِ لَهُ بِالْمُدَّعِي لَهُ بِالْبَيِّنَةِ السَّابِقَةِ، وَكَذَلِكَ لَوْ حَدَّدُوهَا بِثَلَاثَةِ حُدُودٍ فَقَدْ بَيَّنَّا فِي أَدَبِ الْقَاضِي أَنَّ ذِكْرَ أَكْثَرِ الْحُدُودِ وَذِكْرَ الْجَمِيعِ عِنْدَنَا سَوَاءٌ اسْتِحْسَانًا، وَإِنَّ الشُّهْرَةَ لَا تَقُومُ مَقَامَ ذِكْرِ الْحُدُودِ فِي الْعَقَارِ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ -، وَكَذَلِكَ لَوْ ادَّعَى الْبَائِعُ وَجَحَدَ الْمُشْتَرِي فِي جَمِيعِ هَذِهِ الْوُجُوهِ؛ لِأَنَّ الْحَاجَةَ إلَى الْقَضَاءِ بِالْعَقْدِ لَا فَرْقَ بَيْنَ أَنْ يَكُونَ الْمُدَّعِي هُوَ الْبَائِعُ، أَوْ الْمُشْتَرِي.

دَارٌ فِي يَدِ رَجُلٍ فَأَقَامَ رَجُلٌ عَلَيْهَا شَاهِدَيْنِ أَنَّهَا دَارُهُ اشْتَرَاهَا مِنْ فُلَانٍ وَأَقَامَ ذُو الْيَدِ الْبَيِّنَةَ أَنَّهَا دَارُهُ اشْتَرَاهَا مِنْ فُلَانٍ ذَلِكَ أَيْضًا فَهِيَ لِلَّذِي فِي يَدِهِ؛ لِأَنَّهُمَا تَصَادَقَا عَلَى أَنَّ أَصْلَ الْمِلْكِ فِيهِمَا كَانَ لِلْبَائِعِ وَادَّعَى كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا سَبَبَ انْتِقَالِ الْمِلْكِ إلَيْهِ وَسَبَبُ ذِي الْيَدِ أَقْوَى؛ لِأَنَّ الشِّرَاءَ مَعَ الْقَبْضِ أَقْوَى مِنْ الشِّرَاءِ بِدُونِ الْقَبْضِ، وَلِأَنَّ تَمَكُّنَهُ مِنْ الْقَبْضِ دَلِيلٌ سَبَقَ عَقْدَهُ فَهُوَ أَوْلَى إلَّا أَنْ يُؤَرِّخَا وَتَارِيخُ الْخَارِجِ أَسْبَقُ فَحِينَئِذٍ يَقْضِي بِهَا لَهُ؛ لِأَنَّهُ أَثْبَتَ الشِّرَاءَ فِي وَقْتٍ لَا يُنَازِعُهُ الْآخَرُ فِيهِ، وَلَوْ أَقَامَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا الْبَيِّنَةَ عَلَى الشِّرَاءِ مِنْ رَجُلٍ آخَرَ قَضَيْت بِهَا لِلْمُدَّعِي؛ لِأَنَّ كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا هُنَا يَحْتَاجُ إلَى إثْبَاتِ الْمِلْكِ لِبَائِعِهِ أَوَّلًا فَكَأَنَّ الْبَائِعَيْنِ حَضَرَا وَادَّعَيَا الْمِلْكَ الْمُطْلَقَ وَبَيِّنَةُ الْخَارِجِ فِي ذَلِكَ أَوْلَى عِنْدَنَا. فَأَمَّا فِي الْأَوَّلِ الْمِلْكُ ثَابِتٌ لِلْبَائِعِ بِتَصَادُقِهِمَا، وَإِنَّمَا يَحْتَاجُ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا إلَى إثْبَاتِ سَبَبِ الِانْتِقَالِ إلَيْهِ يُوَضِّحُ الْفَرْقَ أَنَّ هُنَاكَ الْخَارِجُ مُحْتَاجٌ إلَى إثْبَاتِ الِاسْتِحْقَاقِ عَلَى الْبَائِعِ وَعَلَى ذِي الْيَدِ فِي تَثَبُّتِهِ مَا يَثْبُتُ لَهُ الِاسْتِحْقَاقُ عَلَى الْبَائِعِ، وَلَيْسَ فِيهَا مَالٌ يُثْبِتُ الِاسْتِحْقَاقَ عَلَى ذِي الْيَدِ مِنْ غَيْرِ الْمَالِكِ حَادِثٌ لِجَوَازِ أَنْ يَكُونَ شِرَاءُ ذِي الْيَدِ سَابِقًا وَحَاجَةُ ذِي الْيَدِ إلَى إثْبَاتِ الِاسْتِحْقَاقِ عَلَى الْبَائِعِ خَاصَّةً وَلَا حَاجَةَ لَهُ إلَى إثْبَاتِ الِاسْتِحْقَاقِ عَلَى صَاحِبِهِ؛ لِأَنَّ صَاحِبَهُ غَيْرُ مُسْتَحِقٍّ لَهَا بِيَدٍ لَهُ فِيهَا، وَفِي بَيِّنَتِهِ مَا يُثْبِتُ لَهُ ذَلِكَ. فَأَمَّا هُنَا كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا يَحْتَاجُ إلَى إثْبَاتِ الِاسْتِحْقَاقِ لِبَائِعِهِ أَوَّلًا لِيَتَرَتَّبَ عَلَيْهِ اسْتِحْقَاقُهُ بِالشِّرَاءِ، وَفِيمَا هُوَ الْمَقْصُودُ بَيِّنَةُ الْخَارِجِ أَوْلَى مِنْ بَيِّنَةِ ذِي الْيَدِ.

دَارٌ فِي يَدِ رَجُلٍ ادَّعَاهَا رَجُلَانِ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا يُقِيمُ الْبَيِّنَةَ أَنَّهُ اشْتَرَاهَا مِنْهُ بِأَلْفِ دِرْهَمٍ فَإِنْ وَقَّتَ أُخِذَ بِأَوَّلِ الْوَقْتَيْنِ؛ لِأَنَّ صَاحِبَ أَسْبَقِ التَّارِيخَيْنِ أَثْبَتَ الْمِلْكَ لِنَفْسِهِ بِالشِّرَاءِ فِي وَقْتٍ لَا يُنَازِعُهُ فِيهِ غَيْرُهُ وَالْآخَرُ بَيِّنَةٌ إنَّمَا أَثْبَتَ الشِّرَاءَ مِنْ غَيْرِ الْمَالِكِ، وَإِنْ وَقَّتَ أَحَدَ الْبَيِّنَتَيْنِ دُونَ الْأُخْرَى فَهِيَ لِصَاحِبِ الْوَقْتِ؛ لِأَنَّ الشِّرَاءَ مِنْ غَيْرِ الْمَالِكِ حَادِثٌ فَيُحَالُ بِحُدُوثِهِ عَلَى أَقْرَبِ الْأَوْقَاتِ حَتَّى يُثْبِتَ سَبْقَ

<<  <  ج: ص:  >  >>