للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الْمُرْتَهِنُ الْبَيِّنَةَ أَنَّهَا رَهْنٌ فِي يَدِهِ فَلَا خُصُومَةَ بَيْنَهُمَا)؛ لِأَنَّهُ أَثْبَتَ بِبَيِّنَتِهِ أَنَّ يَدَهُ فِيهَا يَدُ حِفْظٍ لَا يَدَ خُصُومَةٍ فَالْمَرْهُونُ عَيَّنَهُ أَمَانَةً فِي يَدِ الْمُرْتَهِنِ بِمَنْزِلَةِ الْوَدِيعَةِ وَلَئِنْ كَانَ مَضْمُونًا فَهُوَ ضَمَانٌ لَا يُوجِبُ الْمِلْكَ لَهُ فِي الْعَيْنِ بِحَالٍ، وَلَوْ كَانَ مَضْمُونًا ضَمَانًا يُوجِبُ الْمِلْكَ لَهُ إذَا تَقَرَّرَ كَالْمَغْصُوبِ لَمْ يَكُنْ خَصْمًا فِيهِ لِمُدَّعِي الْمِلْكِ.

فَإِذَا كَانَ دُونَ ذَلِكَ أَوْلَى، وَكَذَلِكَ لَوْ كَانَ الْمُرْتَهِنُ الَّذِي الدَّارُ فِي يَدِهِ غَائِبًا وَالرَّاهِنُ حَاضِرًا فَلَا خُصُومَةَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْمُدَّعِي؛ لِأَنَّ دَعْوَى الْمِلْكِ لَا تُسْمَعُ فِي الْعَيْنِ إلَّا عَلَى ذِي الْيَدِ وَالْيَدُ فِيهَا مُسْتَحَقَّةٌ لِلْمُرْتَهِنِ وَهُوَ غَائِبٌ وَالْإِجَارَةُ وَالْعَارِيَّةُ فِي ذَلِكَ كَالرَّهْنِ، وَإِنْ لَمْ يُقِمْ ذُو الْيَدِ الْبَيِّنَةَ عَلَى ذَلِكَ فَهُوَ خَصْمٌ لِظُهُورِ يَدِهِ فِيهَا وَمَنْفَعَةُ الْمُدَّعِي مِنْهَا بِيَدِهِ فَلَا يَخْرُجُ مِنْ خُصُومَتِهِ بِمُجَرَّدِ قَوْلِهِ، وَكَذَلِكَ لَوْ قَالَ أَنَّهَا لَيْسَتْ لِي وَلَمْ يَنْسُبْهَا إلَى أَحَدٍ فَهُوَ خَصْمٌ فِيهَا؛ لِأَنَّ بَيِّنَتَهُ عَلَى هَذَا لَا تُقْبَلْ وَبِدُونِ الْبَيِّنَةِ لَا يَخْرُجُ مِنْ خُصُومَتِهِ يُوَضِّحُهُ أَنَّهُ إنَّمَا يَخْرُجُ ذُو الْيَدِ مِنْ الْخُصُومَةِ إذَا أَحَالَ الْمُدَّعِيَ عَلَى رَجُلٍ مَعْرُوفٍ يَتَمَكَّنُ مِنْ الْخُصُومَةِ مَعَهُ حَتَّى لَوْ قَالَ هُوَ لِرَجُلٍ عَارِيَّةٌ عِنْدِي وَأَقَامَ الْبَيِّنَةَ عَلَى ذَلِكَ لَمْ تَنْدَفِعْ الْخُصُومَةُ عَنْهُ فَلَأَنْ لَا تَنْدَفِعَ بِقَوْلِهِ لَيْسَتْ لِي أَوْلَى، وَإِنْ أَقَرَّ الْمُدَّعِي أَنَّهَا فِي يَدِهِ بِإِجَارَةٍ، أَوْ عَارِيَّةٍ، أَوْ رَهْنٍ فَلَا خُصُومَةَ بَيْنَهُمَا فِيهَا؛ لِأَنَّ إقْرَارَهُ مُلْزِمٌ إيَّاهُ، وَقَدْ أَقَرَّ أَنَّهُ لَيْسَ بِخَصْمٍ لَهُ، وَإِنْ كَانَ الْمُدَّعِي ادَّعَى أَنَّهُ اشْتَرَاهَا مِنْ فُلَانٍ وَادَّعَى ذُو الْيَدِ أَنَّ فُلَانًا ذَلِكَ أَسْكَنَهَا إيَّاهُ وَلَمْ يُقِمْ الْبَيِّنَةَ عَلَى ذَلِكَ فَلَا خُصُومَةَ بَيْنَهُمَا؛ لِأَنَّهُمَا تَصَادَقَا عَلَى أَنَّ أَصْلَ الْمِلْكِ فِيهَا لِفُلَانٍ فَتَكُونُ أُصُولُهَا إلَى يَدِ ذِي الْيَدِ مِنْ جِهَةِ فُلَانٍ وَفُلَانٌ ذَلِكَ لَوْ حَضَرَ لَمْ يَكُنْ بَيْنَهُ وَبَيْنَ ذِي الْيَدِ خُصُومَةٌ لِإِقْرَارِ ذِي الْيَدِ لَهُ بِهَا عَلَيْهِ. فَكَذَلِكَ لَا خُصُومَةَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ مَنْ يَدَّعِي تَلَقِّي الْمِلْكِ مِنْ جِهَةِ فُلَانٍ إلَّا أَنْ يُقِيمَ الْمُدَّعِي الْبَيِّنَةَ أَنَّ الْبَائِعَ وَكَّلَهُ بِقَبْضِهَا مِنْهُ. فَإِذَا أَقَامَ الْبَيِّنَةَ عَلَى ذَلِكَ يَجِبُ عَلَى ذِي الْيَدِ دَفْعُهَا إلَيْهِ؛ لِأَنَّهُ أَثْبَتَ الْبَيِّنَةَ أَنَّهُ أَحَقُّ بِإِمْسَاكِهَا وَإِثْبَاتُ الْيَدِ عَلَيْهَا مِنْ ذِي الْيَدِ وَالْعُرُوضُ فِي جَمِيعِ مَا ذُكِرَ كَالْعَقَارِ.

وَإِذَا كَانَتْ الدَّارُ بَيْنَ شَرِيكَيْنِ فَغَابَ أَحَدُهُمَا فَادَّعَى رَجُلٌ أَنَّهُ اشْتَرَى مِنْ الْغَائِبِ نَصِيبَهُ لَمْ يَكُنْ الشَّرِيكُ خَصْمًا لَهُ فِي ذَلِكَ؛ لِأَنَّهُ ادَّعَى سَبَبَ مِلْكٍ جَدِيدٍ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْغَائِبِ فِي نَصِيبِهِ وَالْحَاضِرُ لَيْسَ بِخَصْمٍ عَنْ الْغَائِبِ فِيمَا يَدَّعِي قِبَلَهُ، وَلِأَنَّ ذَا الْيَدِ مُقِرٌّ أَنَّ يَدَهُ فِي نَصِيبِ الْغَائِبِ مِنْ جِهَتِهِ فَلَا يَكُونُ خَصْمًا لِمَنْ يَدَّعِي بِمِلْكِهِ عَلَيْهِ، وَإِنْ ادَّعَى أَنَّهُ اشْتَرَاهَا، أَوْ بَعْضَهَا مِنْ الْمَيِّتِ الَّذِي وَرِثُوهَا مِنْهُ كَانَ الْحَاضِرُ خَصْمًا عَنْ نَفْسِهِ وَعَنْ الْغَائِبِ؛ لِأَنَّهُ يَدَّعِي سَبَبَ الِاسْتِحْقَاقِ عَلَى الْمَيِّتِ وَأَحَدُ الْوَرَثَةِ خَصْمٌ عَنْ الْمَيِّتِ وَعَنْ سَائِرِ الْوَرَثَةِ فِيمَا يَدَّعِي عَلَى الْمَيِّتِ كَدَعْوَى الدَّيْنِ وَيَسْتَوِي إنْ كَانُوا قَسَمُوا الدَّارَ، أَوْ لَمْ يَقْسِمُوا؛ لِأَنَّ قِسْمَتَهُمْ فِي حَقِّ الْمُدَّعِي إذَا

<<  <  ج: ص:  >  >>