للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لِاخْتِلَافِهِمَا فِي الْمَشْهُودِ بِهِ، وَكَذَلِكَ إنْ شَهِدَ أَحَدُهُمَا عَلَى الْفِعْلِ وَالْآخَرُ عَلَى الْإِقْرَارِ بِهِ فَهَذَا اخْتِلَافٌ فِي الْمَشْهُودِ بِهِ، وَإِنْ شَهِدَ عَلَى إقْرَارِ الْقَائِلِ بِهِ فِي وَقْتَيْنِ مُخْتَلِفَيْنِ، أَوْ فِي مَكَانَيْنِ مُخْتَلِفَيْنِ قُبِلَتْ الشَّهَادَةُ؛ لِأَنَّ الْإِقْرَارَ قَوْلٌ فَلَا يَخْتَلِفُ الْمَشْهُودُ بِهِ بِاخْتِلَافِهِمَا فِي الْوَقْتِ وَالْمَكَانِ بِهِ.

وَلَوْ ادَّعَى ثَوْبًا فِي يَدِ رَجُلٍ أَنَّهُ رَهَنَهُ مِنْهُ مُنْذُ عَشَرَةِ أَيَّامٍ فَجَاءَ بِشَاهِدَيْنِ فَشَهِدَ أَحَدُهُمَا أَنَّهُ وَهَبَهُ مِنْهُ مُنْذُ عَشَرَةِ أَيَّامٍ وَالْآخَرُ مُنْذُ خَمْسَةَ عَشَرَ يَوْمًا فَالشَّهَادَةُ بَاطِلَةٌ؛ لِأَنَّ الْمُدَّعِيَ مُكَذِّبٌ أَحَدَ شَاهِدَيْهِ، وَقَدْ أَقَرَّ بِأَنَّهُ كَانَ مَمْلُوكًا لِلْوَاهِبِ قَبْلَ عَشَرَةِ أَيَّامٍ، وَذَلِكَ يَمْنَعُ دَعْوَاهُ مَا شَهِدَ بِهِ هَذَا مِنْ هِبَتِهِ مُنْذُ خَمْسَةَ عَشَرَ يَوْمًا، وَلَوْ لَمْ يُوَقِّتْ الْمُدَّعِي جَازَتْ الشَّهَادَةُ؛ لِأَنَّهُ غَيْرُ مُكَذِّبٍ وَاحِدًا مِنْهُمَا وَالْمَشْهُودُ بِهِ قَوْلٌ، أَوْ مَا هُوَ كَالْقَوْلِ حُكْمًا فَاخْتِلَافُ الشَّاهِدَيْنِ فِي الْوَقْتِ لَا يَمْنَعُ قَبُولَ الشَّهَادَةِ فِيهِ.

وَإِذَا شَهِدَ الْوَصِيُّ عَلَى الْمَيِّتِ بِدَيْنٍ أَوْ عَلَى رَجُلٍ بِدَيْنٍ لِلْمَيِّتِ فَشَهَادَتُهُ بِالدَّيْنِ عَلَى الْمَيِّتِ صَحِيحَةٌ وَبِالدَّيْنِ لِلْمَيِّتِ مَرْدُودَةٌ؛ لِأَنَّهُ فِيمَا شَهِدَ بِهِ لِلْمَيِّتِ يَثْبُتُ حَقُّ الْقَبْضِ لِنَفْسِهِ فَيَكُونُ مُتَّهَمًا وَلَا تُهْمَةَ فِيمَا شَهِدَ بِهِ عَلَى الْمَيِّتِ إلَّا أَنْ يَكُونَ قَدْ قَضَاهُ مِنْ التَّرِكَةِ فَحِينَئِذٍ هُوَ مُتَّهَمٌ فِي شَهَادَتِهِ مِنْ حَيْثُ إنَّهُ يَقْصِدُ بِهِ إسْقَاطَ الضَّمَانِ عَنْ نَفْسِهِ.

وَإِذَا شَهِدَ الْوَصِيُّ عَلَى الْمَيِّتِ بِدَيْنٍ لِبَعْضِ الْوَرَثَةِ فَإِنَّ ذَلِكَ جَائِزٌ لِلْكِبَارِ لِخُلُوِّهَا عَنْ التُّهْمَةِ وَلَا يَجُوزُ لِلصِّغَارِ لِتَمَكُّنِ التُّهْمَةِ فِي شَهَادَتِهِ فَحَقُّ الْقَبْضِ فِي ذَلِكَ إلَيْهِ، وَكَذَلِكَ لَوْ شَهِدَ لِبَعْضِ الْوَرَثَةِ عَلَى الْبَعْضِ بِحَقٍّ فِي شَهَادَتِهِ لِلْكِبَارِ جَائِزَةٌ وَلِلصِّغَارِ مَرْدُودَةٌ؛ لِأَنَّهُ لَا يَقْبِضُ لِلْكِبَارِ شَيْئًا وَهُوَ يَقْبِضُ مَا يَجِبُ لِلصِّغَارِ فَيَكُونُ فِي مَعْنَى الشَّاهِدِ لِنَفْسِهِ. وَإِذَا قَضَى الْقَاضِي عَلَى رَجُلٍ بِأَرْضٍ، أَوْ دَارٍ فِي يَدَيْهِ بِبَيِّنَةٍ قَامَتْ عَلَيْهِ بِذَلِكَ وَدَفَعَهَا إلَى الْمَقْضِيِّ لَهُ بِبِنَائِهَا، ثُمَّ إنَّ الْمَقْضِيَّ لَهُ أَقَرَّ بِبِنَائِهَا لِلْمَقْضِيِّ عَلَيْهِ فَإِنَّهُ يَدْفَعُ ذَلِكَ إلَيْهِ بِإِقْرَارِهِ وَلَا يَكُونُ هَذَا الْإِقْرَارُ إكْذَابًا مِنْهُ لِشُهُودِهِ فِي الْأَرْضِ؛ لِأَنَّ الْمَشْهُودَ بِهِ الْأَرْضُ وَالْبِنَاءُ إنَّمَا يَدْخُلُ تَبَعًا كَمَا يَدْخُلُ فِي الْبَيْعِ تَبَعًا مِنْ غَيْرِ ذِكْرٍ، وَلَيْسَ مِنْ ضَرُورَةِ كَوْنِ الْبِنَاءِ لِلْمَشْهُودِ عَلَيْهِ إلَّا أَنْ يَكُونَ الْأَرْضُ لِلْمُدَّعِي كَمَا شَهِدَ بِهِ الشُّهُودُ، وَكَذَلِكَ إنْ أَقَامَ الْمَقْضِيُّ عَلَيْهِ الْبَيِّنَةَ أَنَّهُ قَدْ بَنَى فِيهَا هَذَا الْبِنَاءَ فَهُوَ لَهُ لِمَا بَيَّنَّا أَنَّهُ إنَّمَا صَارَ مَقْضِيًّا عَلَيْهِ بِالْأَصْلِ وَالْبِنَاءُ تَبَعٌ فِي ذَلِكَ. فَكَذَلِكَ الْقَضَاءُ لَا يَمْنَعُهُ مِنْ إثْبَاتِ حَقِّ نَفْسِهِ فِي الْبِنَاءِ، وَإِنْ كَانَ الْمُدَّعِي حِينَ أَقَامَ الْبَيِّنَةَ شَهِدَ الشُّهُودُ أَنَّ هَذِهِ الدَّارَ لِهَذَا الْمُدَّعِي بِبِنَائِهَا فَأَقَرَّ هُوَ بِالْبِنَاءِ لِلْمَقْضِيِّ عَلَيْهِ أُبْطِلَتْ الشَّهَادَةُ؛ لِأَنَّهُ أَكْذَبَ شُهُودَهُ؛ لِأَنَّهُمْ صَرَّحُوا فِي شَهَادَتِهِمْ بِمِلْكِ الْبِنَاءِ لَهُ مَقْصُودًا، وَقَدْ كَذَّبَهُمْ فِي ذَلِكَ وَالْمُدَّعِي مَتَى أَكْذَبَ شَاهِدَهُ فِي بَعْضِ مَا شَهِدَ لَهُ بِهِ بَطَلَتْ شَهَادَتُهُ فِي الْكُلِّ كَمَا إذَا ادَّعَى أَلْفًا وَشَهِدَ لَهُ بِأَلْفٍ وَخَمْسِمِائَةٍ

وَإِذَا وَكَّلَتْ امْرَأَةٌ رَجُلَيْنِ بِأَنْ تَزَوَّجَاهَا

<<  <  ج: ص:  >  >>