بَقَاءِ شَيْءٍ مِنْ أَعْمَالِ الصَّلَاةِ عَلَيْهِ فَلَا يَصِيرُ خَارِجًا بِسَلَامِ الْإِمَامِ كَاللَّاحِقِ وَالْمَسْبُوقِ فَإِنْ ضَحِكَ الرَّجُلُ النَّائِمُ فِي هَذِهِ الْحَالَةِ كَانَتْ صَلَاتُهُ تَامَّةً؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَبْقَ عَلَيْهِ شَيْءٌ مِنْ أَرْكَانِهَا وَقِرَاءَةُ التَّشَهُّدِ وَاجِبَةٌ وَلَيْسَتْ بِرُكْنٍ وَلَكِنْ عَلَيْهِ الْوُضُوءُ لِصَلَاةٍ أُخْرَى؛ لِأَنَّ ضِحْكَهُ لَاقَى حُرْمَةَ الصَّلَاةِ فَيَكُونُ حَدَثًا إلَّا عَلَى قَوْلِ زُفَرَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - فَإِنَّهُ يَقُولُ: الضَّحِكُ مَتَى لَمْ يُوجِبْ إعَادَةَ الصَّلَاةِ لَا يُوجِبُ إعَادَةَ الْوُضُوءِ
وَإِنْ سَلَّمَ هَذَا النَّائِمُ عَمْدًا كَانَتْ صَلَاتُهُ تَامَّةً؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَبْقَ عَلَيْهِ شَيْءٌ مِنْ أَرْكَانِهَا، وَإِنْ سَلَّمَ سَاهِيًا فَعَلَيْهِ أَنْ يَتَشَهَّدَ ثُمَّ يُسَلِّمَ؛ لِأَنَّهُ قَدْ بَقِيَ عَلَيْهِ وَاجِبٌ مِنْ وَاجِبَاتِ صَلَاتِهِ فَلَا يَصِيرُ خَارِجًا بِسَلَامِهِ سَاهِيًا كَمَنْ سَلَّمَ سَاهِيًا وَعَلَيْهِ سُجُودُ التِّلَاوَةِ.
وَلَوْ أَدْرَكَ الْإِمَامَ فِي الرُّكُوعِ فَكَبَّرَ ثُمَّ انْحَطَّ يَرْكَعُ فَرَفَعَ الْإِمَامُ رَأْسَهُ قَبْلَ أَنْ يَرْكَعَ ثُمَّ رَكَعَ الرَّجُلُ لَمْ يُجْزِئْ عِنْدَنَا وَعَلَى قَوْلِ زُفَرَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - يُجْزِئُهُ وَهُوَ قَوْلُ ابْنِ أَبِي لَيْلَى؛ لِأَنَّ حَالَةَ الرُّكُوعِ كَحَالَةِ الْقِيَامِ فَإِنَّ الْقَائِمَ إنَّمَا يُفَارِقُ الْقَاعِدَ فِي النِّصْفِ الْأَسْفَلِ؛ لِأَنَّ النِّصْفَ الْأَسْفَلَ مِنْ الْقَاعِدِ مُنْثَنٍ وَمِنْ الْقَائِمِ مُسْتَوٍ فَأَمَّا النِّصْفُ الْأَعْلَى فِيهِمَا سَوَاءٌ وَالرَّاكِعُ كَالْقَائِمِ فِي اسْتِوَاءِ النِّصْفِ الْأَسْفَلِ مِنْهُ؛ وَلِهَذَا يُجْعَلُ مُدْرِكًا لِلرَّكْعَةِ إذَا أَدْرَكَ الرُّكُوعَ مَعَ الْإِمَامِ فَيَكُونُ اقْتِدَاؤُهُ بِالْإِمَامِ، وَهُوَ رَاكِعٌ بِمَنْزِلَةِ اقْتِدَائِهِ بِالْإِمَامِ قَبْلَ أَنْ يَرْكَعَ.
وَلَوْ كَبَّرَ قَبْلَ أَنْ يَرْكَعَ الْإِمَامُ، وَلَمْ يُتَابِعْهُ فِي الرُّكُوعِ حَتَّى رَفَعَ رَأْسَهُ مِنْهُ جَازَتْ صَلَاتُهُ فَكَذَلِكَ هَهُنَا. وَلَكِنَّا نَسْتَدِلُّ بِحَدِيثِ أَبِي بَكْرٍ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - حَيْثُ كَبَّرَ وَرَكَعَ عِنْدَ بَابِ الْمَسْجِدِ ثُمَّ دَبَّ رَاكِعًا حَتَّى الْتَحَقَ بِالصَّفِّ فَلَوْ لَمْ تَكُنْ مُشَارَكَتُهُ مَعَ الْإِمَامِ فِي الرُّكُوعِ شَرْطًا لِلْإِدْرَاكِ لَمَا فَعَلَ هَكَذَا؛ وَلِأَنَّ الْقِيَامَ رُكْنٌ فِي كُلِّ رَكْعَةِ فَلَا يَصِيرُ مُدْرِكًا لِلرَّكْعَةِ إلَّا بِمُشَارَكَةِ الْإِمَامِ فِي حَقِيقَةِ الْقِيَامِ أَوْ فِيمَا هُوَ مُشَبَّهٌ بِالْقِيَامِ، وَهُوَ الرُّكُوعُ، وَلَمْ يُوجَدْ ذَلِكَ حِينَ رَفَعَ الْإِمَامُ رَأْسَهُ قَبْلَ أَنْ يَرْكَعَ هُوَ فَكَانَ هَذَا، وَمَا لَوْ أَدْرَكَهُ فِي السُّجُودِ سَوَاءٌ بِخِلَافِ مَا إذَا أَدْرَكَهُ فِي حَالَةِ الْقِيَامِ؛ لِأَنَّ هُنَاكَ قَدْ وُجِدَتْ الْمُشَارَكَةُ بَيْنَهُمَا فِي حَقِيقَةِ الْقِيَامِ
وَلَوْ انْتَهَى إلَى الْإِمَامِ، وَهُوَ سَاجِدٌ فَكَبَّرَ ثُمَّ رَفَعَ الْإِمَامُ رَأْسَهُ وَسَجَدَ السَّجْدَةَ الثَّانِيَةَ، وَلَمْ يَسْجُدْ هَذَا الرَّجُلُ مَعَهُ وَاحِدَةً مِنْ السَّجْدَتَيْنِ فَعَلَيْهِ أَنْ يَتْبَعَهُ فِي السَّجْدَةِ الثَّانِيَةِ دُونَ الْأُولَى؛ لِأَنَّ هَاتَيْنِ السَّجْدَتَيْنِ لَا يُحْتَسَبُ بِهِمَا مِنْ صَلَاتِهِ لِعَدَمِ شَرْطِهِ، وَهُوَ تَقَدُّمُ الرُّكُوعِ فَإِنَّ الرُّكُوعَ افْتِتَاحُ السُّجُودِ، وَلَمْ يُوجَدْ فِي حَقِّهِ، وَإِنَّمَا يَأْتِي بِهِمَا لِمُتَابَعَةِ الْإِمَامِ فَإِنَّمَا يَلْزَمُهُ الْمُتَابَعَةُ فِيمَا أَتَى بِهِ الْإِمَامُ بَعْدَمَا صَارَ هُوَ مُقْتَدِيًا بِهِ، وَقَدْ سَجَدَ الْإِمَامُ السَّجْدَةَ الْأُولَى قَبْلَ أَنْ يَصِيرَ هُوَ مُقْتَدِيًا بِهِ فَلَا تَلْزَمُهُ بِذَلِكَ السَّجْدَةُ لِلْمُتَابَعَةِ، وَسَجَدَ السَّجْدَةَ الثَّانِيَةَ بَعْدَمَا صَارَ هُوَ مُقْتَدِيًا
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute